انتشرت ظاهرة جديدة بشكل واسع عبر منصات
وسائل التواصل الاجتماعي مؤخرًا، وكانت عبارة عن مقطع يدّعي أن "خدعة السعال" قد تكون حلاً لإنقاذ حياة الأشخاص الذين يتعرضون لأزمة قلبية أثناء تواجدهم بمفردهم، وتدّعي هذه الطريقة أنها تساعد في الحفاظ على نبض القلب عبر السعال بشكل منتظم في حال الإصابة بأزمة قلبية. وعلى الرغم من جاذبية هذه الفكرة وظهورها كحلّ
سريع للحياة، إلا أن الخبراء يحذرون من المخاطر التي قد تسببها.
حقيقة "خدعة السعال"
يعتبر "السعال الإنعاشي" من الممارسات الطبية التي كان معتاد استخدامها في السبعينيات في بيئات طبية محدودة، مثل بعض الإجراءات الجراحية القلبية داخل المستشفيات، حيث كان يُطلب من المرضى السعال بقوة للحفاظ على تدفق الدم بشكل مؤقت أثناء تعرضهم لاضطراب في نبض القلب (الرجفان). ومع ذلك، فإن هذه الطريقة كانت تقتصر على بيئات طبية خاضعة للرقابة من متخصصين، ولا يُوصى باستخدامها خارج المستشفيات.
لا تعتبر "خدعة السعال" مناسبة للحالات الطارئة للنوبات القلبية أو التوقف القلبي، فالنوبة القلبية تحدث عندما يتم حجب تدفق الدم إلى القلب بسبب تراكم الكوليسترول والجلطات في الشرايين، في حين أن التوقف القلبي يحدث نتيجة خلل في النظام الكهربائي للقلب. ويوضح الخبراء أن "خدعة السعال" قد تكون مفيدة فقط في بعض حالات الرجفان غير المنتظم، ولا تعمل في حالات النوبة القلبية أو التوقف القلبي الكامل.
دراسة تكشف ارتباط الحساسية التنفسية بالفطريات: «تجويف الأنف خزان رئيسي»
أكدت منظمات طبية مرموقة، منها: جمعية القلب الأمريكية ومؤسسة القلب البريطانية وغيرها من الهيئات الصحية العالمية، أن "خدعة السعال" لا ينبغي استخدامها خارج المستشفيات. وأشاروا إلى أن الاعتماد على هذه الطريقة غير المثبتة من الممكن أن يؤدي إلى تأخير العلاج الفعال والمبني على الأدلة، والتي يجب أن يكون على قائمتها، الاتصال بالجهات الطارئة أو القيام بالإسعافات الأولية التقليدية.
لماذا انتشرت "خدعة السعال" الآن؟
يأتي انتشار "خدعة السعال"
على مواقع التواصل الاجتماعي، وعودتها لظهورها مرة ثانية، بسبب ما يفسره المتابعون بـ "المحتوى الفيروسي" لهذه المنصات التي تعطي الأولوية للمحتوى الذي يولد تفاعلًا عاطفيًا مفاجئًا على حساب الدقة والتفاصيل. لذا، فإن فكرة إمكانية "إنقاذ الحياة" باستخدام حيلة بسيطة تنتشر بسرعة أكبر من الرسائل التي تدعو لحلول معقدة وأقل درامية.
وتساهم أيضًا بيئة المعلومات الصحية المغلوطة في نشر هذه الادعاءات. من الطب البديل إلى نظريات المؤامرة، أصبح الناس أكثر عرضةً لنصائح طبية تتجاهل العمليات العلمية المعتمدة. وهذا ما يجعل "خدعة السعال" تبدو كحل جذاب ولكنه مضلل.
بدلاً من الاعتماد على هذه الطرق المضللة، تؤكد الإرشادات السريرية على أهمية التعرف المبكر على الأعراض، وطلب المساعدة، والقيام بالإسعافات الأولية التقليدية عند الحاجة. كما أن الأجهزة مثل أجهزة الصدمات القلبية الآلية (AED) أثبتت فعاليتها في إنعاش القلب أثناء التوقف القلبي أكثر من أي حركة سعال.
الاتصال بالطوارئ على الفور، هذا ما يحث عليه جميع الجهات المتخصصة، فإذا كان الشخص غير مستجيب ولا يتنفس، يجب البدء في إجراء ضغطات الصدر بسرعة بمعدل 100 إلى 120 ضغطة في الدقيقة حتى وصول المساعدة المهنية. وإذا كان هناك جهاز AED متاح، يمكن استخدامه وفقًا للتعليمات. هذه الأساليب مدعومة بأبحاث طبية تمت على مدار عقود وهي تنقذ العديد من الأرواح سنويًا.
يعتبر تجدد الاهتمام بـ "خدعة السعال" من التحديات الكبيرة في التوعية بالصحة العامة. ويشير إلى ضرورة وجود توعية واضحة وسهلة الفهم حول ما يجب فعله في الحالات الطبية الطارئة. فعندما يتعلق الأمر بحياة الإنسان، لا بد من الاعتماد على المعرفة الموثوقة وليس الاختصارات الفيروسية.