وتركت مأساة قصف
مدينة حلبجة عام 1988 العشرات من القصص التي تشبه قصة حاجي آوات وأخيه، بسبب فرار وتشريد آلاف العائلات التي كانت تعيش في تلك المدينة، حيث أدى القصف إلى موت أكثر من 5000 شخص
مدني معظمهم من الأطفال والنساء والشيوخ، ونزوح الاف آخرين من سكان
المدينة نحو الأراضي الإيراني هربا من الغازات السامة بحسب، حكمت حلبجي، الذي كان من ضمن الفارين.
وذكر حلبجي أنه كان يبلغ من العمر 17 سنة، وشهد هروب آلاف العائلات إلى إيران التي قال إنها استقبلتهم في مستشفياتها "وقدمت لنا الدعم الكبير".
ورأى العشرات من الأطفال الذين أصبحوا أيتاما بلا أهل، وآخرين انقطعوا عن ذويهم، "فجمعت السلطات
الإيرانية هؤلاء المفقودين في ملاجئ للأيتام، وكان يتم تسجيلهم من قبل منظمة الهلال الأحمر
الإيرانية ومجموعة من المنظمات المحلية هناك".
وأضاف حلبجي أنه "بالرغم من تلك الإجراءات إلا أن الكثير من الأطفال أُعطوا إلى عائلات إيرانية، قامت باحتضانهم وتربيتهم، لذلك فإن أعدادا كثيرة من اولئك تفرقوا في عموم إيران".
وقال رئيس جمعية ضحايا العنف الكيمياوي لحلبجة (هو أحد ضحايا الهجوم الكيمياوي) لقمان عبد القادر، أن "عدد الأطفال المفقودين في المستشفيات الايرانية بعد قصف حلبجة عام 1988 والذين تم تسجيلهم في جمعيتهم بلغ 119 طفلا، وسجلت 76 عائلة شكوى بهذه الخصوص".
وبين عبد القادر أن "عدد المفقودين أكثر من ذلك، مضيفا أن "المتابعات التي قمنا بها آنذاك بالتنسيق مع منظمة الهلال الاحمر
الإيرانية وعدد من المنظمات المحلية، اكتشفنا ان هذه الجهات سجلت نحو 400 طفل (مشرد) من حلبجة".
وأكد عبد القادر انهم "كجمعية معنية بهذا الموضوع قدموا مذكرات عديدة إلى السفارة
الإيرانية وقنصليتها في إقليم كردستان"، موضحا أن "الجانب الإيراني كان يقول إن هذا الأمر يجب أن يتم عن طريق الحكومة الاتحادية في بغداد".
وتابع "رغم المناشدات الكثيرة التي أطلقناها إلا أن الموضوع بقي قيد الإهمال"، موضحا انه "لحد الان تم استرجاع 8 من هؤلاء".
وتابع ان "موت الأشخاص الذين تبنوا الأطفال كثيرا ما يؤدي الى كشف الحقيقة، لأنه يحرم من الميراث لانه ليس أبنهم الحقيقي"، مجددا مطالبته "الحكومة العراقية بالاهتمام بهذا الملف لأن الكثير من أطفال حلبجة المفقودين في إيران ربما يرغبون الآن في العودة إلى أهلهم".
فيما ذكر وزير الشهداء والمؤنفلين في حكومة إقليم كردستان عبد الله حاجي محمود، إنهم "قاموا بتشكيل لجنة خاصة لمتابعة ملف أطفال حلبجة في إيران"، موضحا أن "اللجنة التي تضم مجموعة من الجهات الحكومية والمنظمات المدنية المعنية، استطاعت تقديم مطالب الأهالي بطرق قانونية بالتنسيق مع الجهات الحكومية الإيرانية".
وأكد أنهم "ناقشوا مع القنصل الإيراني هذا الموضوع، الذي أبدى تجاوبه معهم"، مضيفا "اننا ماضون في البحث عن هؤلاء الأطفال المفقودين وتحديد مصيرهم بالطرق القانونية مع الحكومة الإيرانية".
وأكدت الناشطة الحقوقية باخان فاتح (محامية من
مدينة حلبجة) أن "هناك الكثير من العائلات الايرانية التي ترغب في إعادة أبناء حلبجة الذين لجأوا اليها لذويهم، لكن الإجراءات المعقدة تحول دون ذلك"، لافتا الى ان "عودة هؤلاء بعد أكثر من ثلاثة عقود، يحتاج إلى تأهيل نفسي، ودعم اجتماعي ومادي".
وأشارت إلى أن "هناك حالات عديدة لهؤلاء العائدين قد رجعوا مرة أخرى إلى إيران بسبب عدم التكيف مع الأجواء الجديدة في حلبجة"، موضحا ان "الإجراءات الخاصة بالحصول على المستمسكات الرسمية للعائدين إلى ديارهم تستغرق وقتا طويلا".
وأكدت أنه "بالرغم من الإجراءات القانونية الصارمة التي تتخذ في هذا المجال، إلا أن هناك حالات ترد إليهم لإيرانيين ينتحلون صفة عراقيين من حلبجة، بهدف الدخول الى اقليم كردستان والعيش فيه"، لكنها أشارت إلى أنه "بمجرد أن تبدأ التدقيقات الأمنية فإنهم يختفون ويهربون".
يذكر أن
مدينة حلبجة الواقعة على الحدود العراقية
الإيرانية قد تعرضت لهجوم بالغازات الكيمياوية في 16 آذار 1988، من قبل النظام السابق، وراح ضحيتها أكثر من 5000 شخص مدني، وعدت بمثابة إبادة جماعية، وتم على إثرها اعدام وزير الدفاع الأسبق علي حسن المجيد عام 2010 بعد إدانته بالهجوم على حلبجة باستخدام الأسلحة الكيمياوية.