بحسب ما أفادت به مصادر محلية وناشطون سوريون، أمس الخميس 8 أغسطس/آب 2024، فإن اشتباكات جديدة تندلع في المحافظة، تستهدف قرى عدة في ريف محافظة دير الزور الشرقي، فيها قواعد عسكرية لقوات قسد التي تتهم النظام السوري وإيران بإشعال فتيل الأزمة.
القبائل العربية في دير الزور تسيطر على 5 قرى
تأتي هذه الاشتباكات بعد أن تمكنت "قوات العشائر العربية" وهي قوات قبلية مناهضة لقوات "قسد" في شرقي سوريا، من بسط سيطرتها على 5 قرى حتى الآن في دير الزور.
وفقاً للمصادر المحلية والقبلية هناك، فإن القرى الخمس التي استطاعت القبائل
العربية السيطرة عليها حتى الآن هي: "ذيبان واللطوة وأبو حمام وغرانيج والكشكية".
لكنها نفت إمكانية استمرار القبائل
العربية السيطرة على تلك القرى، بسبب أن الكثير من قواتها تضطر للانسحاب تباعاً جراء عملية مضادة لقوات قسد، مسنودة بدعم جوي عبر الطائرات الحربية والمروحية الأمريكية ومن "التحالف الدولي" الذي تقوده واشنطن.
بحسب الأرقام الأولية، فإنه قتل وجرح نحو 15 شخصاً بينهم مدنيين جراء الاشتباكات منذ اندلاعها.
أسباب الأزمة والاشتباكات بين القبائل العربية وقسد
بدأت المواجهات الدامية بين "قوات العشائر العربية" وقوات عربية يقودها إبراهيم الهفل، أحد شيوخ عشيرة "البكير" المنتمية لقبيلة "العقيدات"، الذي تتهمه "قسد" بالتبعية للنظام السوري وإيران، بحسب ما أفادت به مصادر محلية في دير الزور.
بحسب مصادر عشائرية، فإن اسم إبراهيم الهفل برز بعد اشتباكات بين "قسد" ومسلحين عشائريين منتصف عام 2023، عقب الإطاحة بقائد المجلس العسكري "أحمد الخبيل" في دير الزور المنضوي في صفوف "قسد"، الأمر الذي اعتبرته العشائر
العربية تهميشاً لدورها، ولمشاركتها القرار في المنطقة.
وقالت إن العرب يمثلون في هذه المنطقة نحو 70% من السكان، ما أدى حينها إلى وقوع مواجهات دامية مع قوات "قسد" استمرت لأيام، وأسفرت عن 96 قتيلاً، وأكثر من 100 جريح، بحسب ناشطين من أبناء المنطقة.
وتوعد "الهفل" عقب اشتباكات الأربعاء 7 أغسطس/آب 2024، في بيان له، بأنه " لن نترك السلاح حتى تحرير الأرض من مليشيات قنديل الإرهابية (يُعدّ جبل قنديل مقر بي كا كا، لكنه يقصد بذلك قسد)، ولا نقبل أن نتبع أي جهة مثل (قسد) المصنفة دولياً إرهابية، فنحن أصحاب حق، وقادرون على تحرير أرضنا وإدارة أمورنا".
في المقابل، اعتبرت قوات "قسد" في بيانها الأخير على موقعها الرسمي، أن الهجوم "مدفوع من النظام السوري وإيران، بهدف زعزعة الاستقرار، وإثارة الفوضى في المنطقة".
وأعلنت قوات قسد حظر التجوال ضمن المناطق الخاضعة لسيطرتها في دير الزور وغيرها من المناطق شمال شرقي البلاد إلى أجل غير مسمى، و"الرد على الهجوم بقوة، وإرغام القوات المهاجمة على التراجع، واستعادة السيطرة على كل القرى والمناطق والمواقع العسكرية التي تعرضت للهجوم".
خلفيات الأزمة بين القبائل العربية وقوات قسد
أفاد محسن الوكاع، وهو أحد الناشطين الحقوقيين في محافظة دير الزور، تعقيباً على الأحداث التي تشهدها المنطقة، بأن ما يجري "حراك عشائري ضد قسد، يندرج تحت مسمى استعادة الحق والقرار إلى أبناء المنطقة الأصليين، بعد سلبه من قبل قسد وأعوانها".
وأضاف أن القبائل
العربية هناك تنظر إلى ما تفعله بأنه يهدف إلى "رفع الظلم والعدوان الذي تمارسه قسد ضد أبناء المنطقة، الذين لا يقبلون بالتبعية لقسد بتاتاً، للحفاظ على هويتنا العربية، وإدارة المنطقة من قبل أبنائها الأصليين"، على حد قوله.
في هذا الإطار، تجدر الإشارة إلى أن العديد من الاشتباكات تكررت بين القبائل
العربية في منطقة دير الزور وقوات "قسد" على مدار السنوات الماضية، في كل مرة تدعو فيه الأخيرة إلى التعبئة، في حين تتهمها عشائر عربية بمحاولة التعبئة الإلزامية لأبنائها، الذين يرفضون الانخراط بقواتها الكردية المدعومة أمريكياً، والتي تنتشر في شمال شرقي سوريا.
وأوضح الوكاع، أن "الحراك العشائري بشقيه السياسي والمسلح، ليس موجهاً ضد المكون الكردي إطلاقاً، وذلك لاعتباره مكوناً أصيلاً، ومن الشعب السوري الأصيل، إنما حراكنا موجه فقط وبشكل محدد ضد قوات (قسد) الواجهة لحزب العمال الكردستاني بي كي كي، وأهدافه الانفصالية".
قسد تتهم إيران والنظام السوري بالمسؤولية عن التصعيد
من الجهة الأخرى، تعتبر "قسد" الحراك المسلح، والهجمات التي تشنها "قوات العشائر
العربية في منطقة دير الزور" مدفوعة من إيران والنظام السوري، ومدعومة منهما، وتدلل بذلك على ظهور شخصيات تشغل مناصب قيادية تقود الهجمات ضد قسد.
من هذه الشخصيات بحسب ما أفادت به مصادر من قوات "قسد"، هادي مسعود السطام، قائد فصيل ما يسمى بـ "أسود العكيدات"، الذي تشكل عام 2021.
وتتهم قسد السطام علناً بأنه "يتلقى الدعم العسكري والمالي من إيران".
ويضم نحو مئات المقاتلين العشائريين من القبائل
العربية في ريف دير الزور الشرقي.
كما أن "قسد" تتهم إبراهيم الهفل قائد "قوات العشائر العربية" في دير الزور، بارتباطه المباشر مع إيران والنظام السوري، وأنه يهدف من هجمات العشائر
العربية توسيع مناطق السيطرة في المنطقة لصالح إيران، وتقويض نفوذ "قسد" و"التحالف الدولي" في دير الزور، بحسب مصادر من "قسد" فضلت عدم ذكر اسمها.
وأشارت إلى أهمية دير الزور بهذا الخصوص، إذ إنها "تُعدّ بوابة خطوط الإمداد العسكري واللوجستي الإيراني لمليشياتها على الأراضي السورية"، وفق قولها.
ولم يعلق النظام السوري أو إيران على الاتهامات هذه من قوات قسد حتى الآن.
من جهته، قال سعيد الحاج أحمد، الناشط السوري في دير الزور، إن "الظروف الراهنة على الصعيد الدولي والإقليمي لن تؤدي إلى أي نجاح في أي عملية عسكرية لقوات العشائر
العربية ضد (قسد)، بخاصة بعد دفع قوات التحالف الدولي والقوات الأمريكية إلى تعزيز مواقعها العسكرية المشتركة مع (قسد) في منطقة دير الزور شرقي سوريا بمزيد من المقاتلين والآليات العسكرية وطائرات مروحية من طراز (أباتشي)".
ولفت إلى أن هناك نشاطاً عسكرياً أمريكياً وللتحالف الدولي يتركز في حقول (كونيكو للغاز والعمر النفطي)، مع رفع حالة التأهب القصوى، استعداداً للتصدي لأي هجمات متوقعة هناك، إن كان من القبائل
العربية أو حتى من الجماعات الإيرانية هناك.
وأكد وجود تدريبات مشتركة ومناورات عسكرية بالأسلحة البرية والجوية، لقواعد قسد والتحالف الدولي بدأت منذ أشهر، مع تصاعد وتيرة التهديدات الإيرانية والجماعات المرتبطة بها في كل من سوريا والعراق، متأثرة بأحداث غزة.
يشار إلى أن محافظة دير الزور، تشكّل أهمية استراتيجية لأمريكا ومصالحها في سوريا، لوجود أهم وأكبر منابع النفط والغاز هناك.
وتقوم واشنطن بدعم قوات "قسد" ذات الغالبية الكردية، لبسط نفوذها محلياً، عقب هزيمة تنظيم "داعش" قبل سنوات، على حساب أبناء المنطقة من القبائل
العربية.
وتعيش محافظة دير الزور الواقعة على الحدود السورية العراقية شرقي سوريا منذ ما يقارب العام، حالة من الاستنفار الدائم والمواجهات الدامية من حين إلى آخر، بين "قوات العشائر العربية" من جهة، وقوات سوريا الديمقراطية "قسد" المدعومة من "التحالف الدولي" بقيادة أمريكا من جهة ثانية.
وتبعد محافظة دير الزور عن العاصمة السورية دمشق نحو 750 كيلومتراً تقريباً، شمال شرقي سوريا، ولها أهمية استراتيجية للقوى المحلية والأجنبية "قسد وإيران وأمريكا وروسيا"، لتصير بمثابة صورة مختزلة لحالة الصراع في سوريا بين القوى الدولية والإقليمية.
أفادت مصادر عسكرية وأمنية عراقية، يوم الأربعاء الماضي، بأن قطعات الجيش والحشد الشعبي دخلت حالة الإنذار المشدد في جزيرة نينوى الحدودية مع سوريا، على خلفية المعارك العنيفة بين قوات سوريا الديمقراطية وعشائر عربية.
وأفادت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، بوجود مخاطر تهدد الحدود العراقية – السورية من جهة محافظة نينوى بعد سيطرة جماعات مسلحة من العشائر
العربية في دير الزور على عدة قرى بمحيط القواعد الأمريكية بعد معارك عنيفة مع قوات سوريا الديمقراطية.