اجتياح غزة.. "سيكون القتال من منزل إلى منزل"
ولا شك أن الغزو البري سيكون صعباً بسبب الكثافة السكانية في غزة وشبكة الأنفاق المعقدة تحت الأرض والخطر الذي قد يشكله على الأسرى الإسرائيليين لدى حماس. ويقول وزير الدفاع الأمريكي السابق ومدير
وكالة الاستخبارات
المركزية ليون بانيتا، في
برنامج Balance of Power الذي بثه تلفزيون شبكة Bloomberg الأمريكية: "المشكلة هي أنه بمجرد دخولك إلى غزة، سيدور القتال من منزل إلى منزل".
من شأن الغزو أن يؤدي إلى خسائر فادحة في صفوف كلا الجانبين، ويثير تساؤلات حول ما إذا كانت إسرائيل قادرة على وضع استراتيجية للخروج من الصراع. ومن شأنه أيضاً أن يخلق تأثيرات واسعة المدى في مختلف أنحاء الشرق الأوسط، ما يعرض للخطر التقارب الهش بين إسرائيل وجيرانها العرب ويزيد من مخاطر تصاعد الصراع إلى حرب إقليمية أوسع نطاقاً، كما تقول بلومبرغ.
قال
مسؤول أمريكي إن ما يلي الغزو الإسرائيلي
قد يشبه معركة الفلوجة في العراق عام 2004، والتي تضمنت قتالاً دموياً من شارع إلى شارع. وقد تكون المقاومة في غزة هائلة، خاصة إذا قدمت الدول المجاورة تعزيزات، بحسب المسؤول الذي ناقش الأمر الحساس شريطة عدم الكشف عن هويته لوكالة بلومبرغ.
لم تعلن إسرائيل أنها سترسل قوات إلى غزة، لكن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وعد بأن "ما سنفعله بأعدائنا في الأيام المقبلة سيتردد صداه معهم لأجيال".
وتشير التطورات على الأرض أيضاً إلى أن إسرائيل تخطط لشيء كبير. إنها تقصف غزة من الجو والبر والبحر. ويقوم جيشها ببناء قاعدة بجوار قطاع غزة لاستيعاب عشرات الآلاف من الجنود مع تحرك أرتال الدبابات الإسرائيلية نحو المنطقة. وقد حشدت البلاد بالفعل 300 ألف جندي احتياطي، وهو أكبر عدد في تاريخها.
وقال ريتشارد هيشت، المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، لوكالة بلومبرغ: "سترد إسرائيل بقوة وعدوانية شديدة، وسيكون هناك المزيد من الخسائر في الأرواح".
مخزونات المقاومة ومقدراتها تحت الأرض
إن جزءاً من الاقتناع المتزايد بأن إسرائيل ستشن غزواً برياً يعتمد على القيود المفروضة على الحرب الجوية في غزة. من غير المرجح أن تنجح الضربات الجوية في تطهير الأنفاق ومخزونات الأسلحة تحت الأرض وطرق التهريب التي جعلت هجوم يوم السبت مباغتاً لإسرائيل.
وقال كيث ألكسندر، وهو جنرال متقاعد بالجيش الأمريكي كان مديراً لوكالة
الأمن القومي: "في مرحلة ما، سيتعين عليهم الدخول. يمكنهم القيام بعمليات محدودة، لكن هذه منطقة كبيرة إلى حد ما يجب احتلالها، وهناك الكثير من الأشخاص الذين يجب تغطيتهم".
الاجتياح البري لغزة سيضع الأنظمة العربية في موقف صعب
من المرجح أن يؤدي القتال من شارع إلى شارع في غزة، حيث يتجمع مليونان من السكان في منطقة تزيد قليلاً عن ضعف مساحة واشنطن العاصمة، إلى وقوع خسائر فادحة في صفوف المدنيين. ويخشى المسؤولون العرب أن تؤدي صور المدنيين القتلى إلى رد فعل عنيف بين الجماهير العربية، ما يضغط على حكوماتهم لتقليص العلاقات مع إسرائيل، كما تقول بلومبرغ.
وقال ويليام آشر، الضابط الاستخباراتي الكبير سابقاً في
وكالة الاستخبارات المركزية، والمتخصص في شؤون الشرق الأوسط: "كلما طال أمد الاحتلال، زاد انحسار الدعم الذي ستراه لإسرائيل وزاد الضغط الذي تراه على الدول العربية من شعوبها. قد يتحول هذا إلى كارثة في السياسة والعلاقات العامة".
الرهائن المهددون بالقتل
هناك أيضاً التعقيد المخيف الخاص بالرهائن لدى حماس. خلال هجوم السبت، احتجزت حماس العشرات من الإسرائيليين والأجانب. وقالت حماس إنها مستعدة لقتل رهينة في كل مرة تقصف فيها إسرائيل منازل المدنيين في غزة دون سابق إنذار، لكن يبدو أن حماس تراجعت عن ذلك، حيث لم تنفذ أياً من ذلك حتى اللحظة. ولا شك أن مصير هؤلاء الأسرى المحتمل في أي توغل بري غير معروف.
حرب إقليمية ستتسع
هناك أيضاً خطر جدي للتصعيد. شهدت إسرائيل بالفعل هجمات صاروخية من لبنان، ما يزيد من احتمال نشوب حرب متعددة الجبهات والانحدار إلى صراع إقليمي أوسع إذا ردت إسرائيل بالقوة العسكرية.
وفوق كل هذا هناك إمكانية استدراج إيران. قال المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي في حفل يوم الثلاثاء إن "المذبحة والقتل الجماعي لشعب غزة سيجلب كارثة أكبر" على إسرائيل. وحذر جنرالات أمريكيون إيران من التدخل وأرسلوا مجموعة حاملة طائرات إلى المنطقة لردع طهران.
هناك أيضاً مشكلة ما قد يتبع الغزو. وليس هناك ما يضمن التوصل إلى حل سياسي دائم يصاحب العمل العسكري. وسحبت إسرائيل قواتها البرية من غزة عام 2005 وأنهت مستوطناتها هناك لأن الاحتلال السابق للمنطقة كان مكلفاً للغاية.