العراق ممنوع من دولاره.. من يد الفيدرالي الى جيب البنوك الاردنية

جميعنا يعرف المثل المأثور "خيره لغيره"، لكن في العراق، من الممكن مشاهدة هذا المثل تطبيقيا وليس السماع به فحسب، فلطالما انطبق على العراق لسنوات طويلة وفي مختلف المجالات والقطاعات، ولعل أبرز مثال تطبيقي لهذا المثل يمكن ايجاده في القطاع المصرفي العراقي وتحديدًا ملف الدولار والحوالات المصرفية.

كوميديا سوداء.. العراق لا يمتلك دولاراته والمصارف الاردنية "اكبر المستحوذين"
كوميديا سوداء شديدة القتامة، أن تكون دولارات العراق بالكامل لمصارف غير عراقية، والمسيطر الأكبر عليها يمتلك الكثير من العراق ولا يمتلك العراق منه شيئًا، وأوضح مثال على ذلك، هو قصة المصارف العربية والأجنبية التي كانت تسيطر على مزاد العملة، واليوم تسيطر على ملف الحوالات عبر سياسة "تعزيز الأرصدة".

المصرف الاهلي العراقي ليس عراقيا.. الارباح والاسهم للاردنيين وللعراق الاسم فقط
المصرف الأهلي العراقي، لا يحمل من العراق شيئا في الحقيقة سوى اسمه، فالمصرف الأهلي العراقي ليس عراقيًا بالحقيقة بالنسبة لأسهمه والجهات التي تذهب اليه أرباحه السنوية خصوصًا وانه المسيطر الأكبر على مزاد العملة.

منذ تأسيسه.. المصرف الاهلي عراقي حتى 2005 واردني منذ 20 عاما
تأسس المصرف الأهلي العراقي عام 1995، وبقي عراقيا لمدة 10 سنوات فقط، ففي عام 2005 استحوذ بنك كابيتال الأردني او ما يعرف ببنك المال الأردني، على 62% من اسهم المصرف الأهلي العراقي، ليبقى 20 عاما حتى الان هو المالك الأكبر للمصرف والمتربح من عملياته في العراق.

المصرف الاهلي العراقي.. 80% من اسهمه وارباحه لاردنيين وفلسطينيين
اما المالك الثاني لاسهم المصرف هو بنك القاهرة عمان ويمتلك 10% من اسهم المصرف وارباحه، فيما تمتلك شركة بحرينية 5% من اسهم المصرف والمستفيد الحقيقي منها شركة فلسطينية، ما يعني ان جهات واطراف اردنية وفلسطينية تمتلك 80% من المصرف الأهلي العراقي الذي بات يعرف شعبيًا بـ"الأردني" وليس العراقي.

المصرف الاهلي "الاردني" حقق ارباحا تبلغ 450 مليار دينار خلال 2024
بحسب المعلومات التقارير والبيانات، فان أرباح المصرف الأهلي العراقي الأردني خلال عام 2024 بلغت 450 مليار دينار من مزاد العملة، أي قرابة نصف تريليون دينار، في الوقت الذي يبلغ رأس مال المصرف 400 مليار دينار، هذا يعني ان ربح عام واحد يبلغ اكثر من رأس مال المصرف بالكامل.

مزاد العملة "هبة" للمصرف الاردني.. نصف مبيعات الدولار كانت لصالح البنك الاهلي
وفقا لذلك هذا يعني ان حصة المصرف الأهلي العراقي الأردني من مبيعات العملة تتراوح بين 30 الى 40 مليار دولار من أصل حوالي 80 مليار دولار باعها البنك المركزي العراقي، ما يعني ان المصرف الأهلي الأردني يستحوذ لوحده على حوالي نصف مبيعات الدولار السنوية.

لا تميزه الامكانيات.. المصرف الاهلي الاردني "يشيخ" بكفالته الامريكية
لا يمتلك المصرف الأهلي العراقي الأردني شيئا يجعله يتمتع بهذا الامتياز الكبير والتفرد الأكبر بالدولارات العراقية، بل كل ما يمتلكه هو "العلاقات مع القطاع المصرفي الأمريكي"، فالمصرف الأردني وغيره من المصارف المشابهة لا تعمل وفق مبدأ تقديم عمليات مصرفية متميزة للعراقيين، ولا تتميز بمعايير عالمية مختلفة، بل تتميز بالعمل وفق مبدأ "الكفالة من قبل المصارف الأجنبية"، بحسبما يصف المختصون.

البلدان لاتمنح الاجانب اكثر من 14% من الاسهم.. والعراق "يسلمها بالكامل"
من المفارقات الكبيرة، ان دول المنطقة لا تعطي حصة اسهم في مصارفها لمستثمر اجنبي اكثر من 14%، بينما يمنح العراق اسهما في مصارفه تصل الى 100% خلافا لقانون الشركات الذي حدد النسبة البالغة 49% كحد اقصى، أي منع حصول الأجنبي على نصف الأسهم وبقاء الأسهم العراقية تتجاوز نسبة النصف لكي لاتفقد الشركة او المصرف ملكيتها العراقية، لكن البنك المركزي يبدو انه اعتمد على قانون المصارف الذي أتاح لمجلس إدارة البنك المركزي إعطاء نسبة دون تحديدها بسقف معين.

العراق لا يرى دولاراته.. العملة الصعبة في حسابات المصرف الاردني بدلا البنك المركزي
وعمومًا، لا تتمتع البنوك الأردنية بصفتها المستحوذة الأكبر على مزاد العملة فحسب، بل أصبحت تحصل على دولار العراق دون ان يلمسه البنك المركزي حتى، فبعد اغلاق منصة بيع الدولار، اصبح الدولار العراقي ينزل في حسابات البنوك الأردنية الموجودة في المصارف الامريكية مباشرة.

البنك المركزي خارج العملية بعد ايقاف المنصة.. الدولارات من الفيدرالي الى الاردن
كان البنك المركزي العراقي في السابق، يستلم الدولارات من الفيدرالي الأمريكي، ويقوم ببيعها بنفسه وتحويلها الى المصارف او الوجهات المطلوبة لتلبية طلبات التجار التي كانت ترد اليه من خلال المصارف، لكن بعد إيقاف نافذة العملة والمنصة الالكترونية، خرج البنك المركزي العراقي عن المعادلة تماما، وأصبحت مصارف معدودة وهي التي تمتلك بنوك مراسلة أمريكية، تقوم باستلام الدولارات من الفيدرالي الأمريكي مباشرة من هناك، ولا تصل الدولارات الى البنك المركزي.

7 مصارف تشتري الدولار من المركزي قبل وصوله لبغداد.. وتستلمه من الفيدرالي مباشرة
لا يتجاوز عدد البنوك الأجنبية والعربية المسيطرة على حوالات الدولار في العراق، سوى 7 مصارف، تقوم هذه المصارف بشراء الدولار من البنك المركزي بمنحه الدنانير، واخذ الدولارات من الفيدرالي الأمريكي مباشرة، وتعزز ارصدتها وحساباتها في البنوك الامريكية المراسلة، ولا تقدم أية فواتير من أي نوع الى البنك المركزي العراقي، لانه اصبح غير معني بذلك، ومسؤوليته تقتصر على بيع الدولار الى هذه المصارف السبعة فقط دون ان يسألها عن شيء، لأن من المفترض ان السؤال عن الوجهة واليات التحويل والأسباب ستكون بين المصارف السبعة هذه وبين البنوك المراسلة الامريكية ولا علاقة للبنك المركزي العراقي بشيء بعد الان.

صيغة خطرة .. المصارف السبعة تحصل على 300 مليون دولار يوميا وتمنح الدنانير للبنك المركزي
صيغة توضح مدى خطورة فقدان السيادة على العملة الصعبة العراقية، خصوصا مع المبالغ الكبيرة التي تأخذها بين 5 الى 7 مصارف تسيطر على اغلب أسهمها مصارف عربية غير عراقية، حيث تدخل في حسابات هذه المصارف المفتوحة في البنوك المراسلة بين 250 الى 300 مليون دولار يوميًا من عائدات النفط العراقي، لتمنح البنك المركزي مقابلها دنانير عراقية يوفرها البنك المركزي الى وزارة المالية لتنفيذ التزاماتها المالية.

هذا التقرير من ضمن برنامج "حصاد السومرية" من تقديم ورود الموزاني وإعداد غرفة أخبار "السومرية"، يُعرض كلّ جمعة السّاعة 8:30 مساءً. لمشاهدة الحلقة كاملة، انقر هنا.