السومرية نيوز/ اسطنبول
"الدبلوماسية الزرقاء"، مصطلح جديد تبنته مبادرة "السلام الأزرق"، كي تبقى المياه أداة للسلم بين
الدول المتشاطئة، لأن الحروب لا تحل المشاكل بل تعقدها وترجع هذه
الدول إلى الوراء أكثر فأكثر.
واحتضنت
مدينة إسطنبول التركية أعمال منتدى "السلام الأزرق" على مدى يومين، بمشاركة وفد
عراقي ضم سياسيين وخبراء في مجال المياه، الى جانب وفود أخرى الهند وسويسرا والأردن وتركيا، وبدعم من مجموعة الأبحاث الإستراتيجية وجامعة "MEF" التركية، وبالتعاون مع الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون، لجعل المياه مصدر تشجيع على تحقيق
اتحاد بناء في دول
الشرق الأوسط على غرار الاتحاد الأوربي.
واعتبر الخبراء الذين شاركوا في المنتدى، أن الجلسات الحوارية بين الأطراف غير الرسمية التي شاركت في المنتدى، انجاز على مستوى التفاهم حول المياه بين
الدول المشاركة خصوصاً بين تركيا والعراق، خاصة بعد أن دخلت المياه كأداة للتهديد في الحروب بعد سيطرة تنظيم "داعش" على أجراء واسعة في كل من العراق وسوريا استخدامه للمياه وسلاح "العطش" ضد المناطق التي يهددها.
وأكد المشاركون في المنتدى الذي حضرته "السومرية نيوز"، إن مسألة تقاسم مصادر المياه ورقابتها بين دول المنطقة العراق وتركيا والأردن وسوريا ولبنان أكثر إلحاحاً، ليس فقط تحسباً للجفاف الناجم عن التغير المناخي، بل لمواجهة المنظمات الإرهابية التي تتخذ من تلك الموارد سلاحاً أساسياً.
وأكد المشاركون على ضرورة تواصل الحوار الذي بدأ قبل ظهور "داعش" كتهديد فعلي، حرصا على أن تبقى المياه أداة للسلم والتعاون، لأن الحروب لا طائل من ورائها ولن تجلب سوى المآسي.
تركيا لا توافق على تأمين احتياجات العراق من المياه
وقال نائب مستشار المجلس الأمني العراقي صفا رسول في كلمته التي ألقاها في المنتدى، إن "العراق وتركيا بينهما مفاهيم يمكن أن تكون خطوة أولى ومرحلية في مجال المياه"، مبينا أن "تلك المفاهيم معروضة على طاولة المفاوضات بين الطرفين، وربما توقعها الحكومتان رغم أنها دون الطموح بالنسبة للعراق".
وأضاف رسول، أن "العراق يطلب من تركيا أن توافق على تأمين احتياجاته من المياه، في حين لا تقبل تركيا أن تتحدث عن المشاركة في المياه حالياً"، موضحا أن "البلدين إذا اتفقنا على تبادل المعلومات ممكن أن يكون مفيداً للمرحلة الثانية، لكن حتى الآن لا يوجد اتفاق حكومي بين الدولتين".
وأشار الى أن "الجهود والحوارات بين الطرفين، قادت إلى ورقة ممكن أن تكون صالحة لاتفاقية فنية بينهما"، لافتا الى أنها "ليست اتفاقية المشاركة في المياه، وإنما اتفاقية تبادل المعلومات حول المياه بين تركيا والدول المجاورة خصوصاً العراق".
"حروب المياه" .. تهديد مستقبلي يلي حروب البترول
عضو مجلس النواب الأردني جميل نمري، من جانبه رأى أن "مبادرة السلام الأزرق مهمة للغاية، لأن مصادر المياه تتداعى في ظل الجفاف والمناخ العالمي، وبالتالي يجب
التعاون بشفافية وخلق أرضية للتفاهم على مستوى إقليمي لتقاسمها مراقبتها"، محذرا أن "حروب المستقبل ستكون حروب المياه بعد أن كان في السابق حروب بترول".
أما الأمينة العامة لوزارة المياه والري السابقة في الأردن ميسون الزعبي، فأكدت على "أهمية الحوار بين
الدول المعنية العربية"، معتبرة أن "ما يجري بين تركيا والعراق من تفاهم وتوقيع ورقة بخصوص تقاسم المياه بينهما، مهمة جدا بغض النظر عن محتواها".
وبينت الزعبي، أن "الهدف هو إنشاء مجلس إقليمي للإدارة المتكاملة لمصادر المياه، والخطوة الأولى تبدأ بين تركيا والعراق".
وشارك في المنتدى وزراء ونواب حاليين وسابقين من
الدول المشاركة وخبراء وممثلو منظمات دولية وإعلاميون وأكاديميون، وسلطت الجلسة الأولى للمنتدى الضوء على سبل حماية مياه دجلة والفرات والخطوات المستقبلية، وأدارها رئيس مجموعة الأبحاث الإستراتيجية صنديب واسكلير، وتحدث فيها وليد شيلتاغ من العراق، والنائب الأردني جميل نمري، والنائب التركي شابان ديشلي، فضى عن صفا رسول من العراق، ومصطفى كيبار أوغلو من تركيا، فيما ترأس الجلسة الثانية الوزير العراقي الأسبق بختيار أمين، وتحدث فيها محمد ساهين من تركيا، وجوهان جيلي من سويسرا.
واستعرضت الجلسة تجربة
التعاون في حوض نهر السنغال، ورأسها وزير الخارجية التركي الأسبق باشار ياكيش، فضلا عن أمبيكا فيشواناس من الهند وأحمد ساعاتشي من تركيا، و جورج سولاج من لبنان، وريم شرف من الأردن، وأنور عمر قدير من العراق.
يذكر أن "السلام الأزرق"، مبادرة أطلقتها الرئيسة السويسرية ميشلين كالمي في شباط 2011 للتعاون بين دول
الشرق الأوسط في مجال المياه، في مسعى لتحويل عنصر المياه في منطقة
الشرق الأوسط، إلى عنصر سلام، بدل كونه عاملا لتأجيج الصراع والحروب.
وقالت كالمي حينها، إن "هذه المبادرة التي تشترك فيها كل من سويسرا والسويد، ستعمل على تحويل المياه في
الشرق الأوسط إلى مادة لها نفس أهمية النفط وبإمكانها أن تمثل بالنسبة لبلدان المنطقة، ما مثلته مادة الفحم والحديد والصلب بالنسبة لأوروبا في بداية مشوارها"، موضحة أنها "نفس نواة
التعاون الصغيرة الأولى التي تأسست في بداية الخمسينات من القرن الماضي وأدت لاحقا إلى تشكل الإتحاد الأوروبي في صيغته الحالية".