في العراق، كل شيء "جاذب" للفساد والاحتيال والتربّح، وأخطر أنواع الفساد هنا، هو "الفساد الشرعي"، اي الذي يوفر له
القانون ثغرات كبيرة للنفاذ منها، أو أن يكون
القانون قابلٌ للاستغلال وسهل التطويع.
بلد بـ "وصمة امنية" وفقير الخدمات يقدم "كل المغريات" لمن يستثمر به
في بلد عانى لسنوات من الدمار ويصنّف على انه بلد خطير في اللوائح العالمية، وطارد للاستثمار، فضلًا عن كونه بحاجة ماسّة للكثير من عوامل النهوض ونفض الأزمات في قطاعات السكن والبنى التحتية والطاقة، سيكون على هذا البلد أن يقدّم كل شيء لصالح من يأتي وينفق الأموال لغرض تقديم الحلول لهذه الأزمات.
قانون "التوسل" بالاستثمار.. 40 امتيازا للمستثمرين مقابل 8 التزامات فقط
من هذه الحاجة، ولد قانون الاستثمار، الذي منح المستثمرين المحليين والاجانب حوالي 40 امتيازا مختلفًا، فيما لم يثبّت على المستثمرين سوى 8 التزامات فقط، في تفاوت كبير يكشف حجم الثغرات التي يمكن ان ينفذ منها
المستثمر لصالحه على حساب الدولة بل والمستهلك النهائي المتمثل بالمواطنين.
بينما تكتظ البنايات الحكومية باماكنها منذ عقود.. الاراضي المميزة تملك للمستثمر
واحدة من أبرز الامتيازات المثيرة للشبهات، هي تمليك الأراضي للمستثمرين، في بلد يعاني من اكتظاظ البنايات الحكومية والمؤسسات في اماكنها القديمة ذاتها منذ سنوات، يتملّك المستثمرون الأراضي والمواقع المميزة مجانًا أو ببدلات بخسة مقارنة بقيمة الاراضي الحقيقية، فقانون الاستثمار ينص على منح وتمليك الاراضي خارج التصميم الأساس للمدينة إلى
المستثمر في المشاريع السكنية مجانًا، واذا كانت داخل التصميم الاساس فتمنح ببدل يتم الاتفاق عليه، وعلى الاغلب، فإن هذا البدل لا يساوي ربع القيمة الحقيقية حتى.
الانفاق على
المستثمر ومشروعه من اموال الدولة.. استثمار ام مقاولة ؟!
وبالرغم من ان فكرة الاستثمار، هو أن يأتي
المستثمر بأمواله لانشاء المشاريع، لكن قانون الاستثمار يمنح
المستثمر القروض والاموال التي تسهّل اعماله وبميزات استثنائية، أي ان
المستثمر سيكون بمثابة مقاول يأخذ الاموال من الدولة وينفذ مشاريعه الخاصة.
اذا تلاعب
المستثمر بالاراضي بمشاريع اخرى واخذت منه الارض.. ستعاد له امواله !!
يستطيع
المستثمر وبقوة قانون الاستثمار، ان يستغل الاراضي لفترة اطول بمشاريع اخرى غير المتفق عليها، او ان يستغل الارض دون ان يفي بالتزامته والمدة المحددة، حينها ستؤخذ الارض من
المستثمر ويتم اعادة بدل البيع اليه بدلا من مصادرة البدل.
للمستثمر استغلال المساحات المحيطة بمشروعه.. وبيع المشروع والامتيازات لمستثمر اخر
كما يحق للمستثمر أيضًا، استغلال كافة المساحات الاخرى من اراضي المشروع السكني في مشاريع اخرى طيلة فترة الاجازة الاستثمارية، كما يستطيع بيع المشروع لمطور آخر، وتنقل للمطور الجديد كل الامتيازات التي كان يتمتع بها من قبله.
الاراضي الممنوحة للمستثمر "مستثناة" من القوانين.. ويستطيع نقل امواله عبر الحدود
وينص قانون الاستثمار على استثناء الاراضي الممنوحة للمستثمر من قانون بيع وايجار اموال الدولة، وقانون الاصلاح الزراعي وقانون الاستثمار الصناعي وقرارات مجلس قيادة الثورة المنحل، ويمكن للمستثمر نقل رأس امواله وارباحه الى خارج
العراق وبالعملة التي يرغب بها، وهي ثغرة قد يتمكن
المستثمر من تهريب وغسل الاموال من خلالها.
المستثمر معفي من الرسوم والضرائب لـ15 عاما.. ويستطيع ادخال المواد عبر الحدود مجانا
يحصل
المستثمر على اعفاء من الرسوم والضرائب لمدة 10 سنوات قابلة للتمديد لـ15 عاما، كما يعفى المشروع الاستثماري السكني من رسوم الافراز والتسجيل العقاري، كما تعفى جميع المواد الاولية والاليات وكل شيء يدخله
المستثمر من اثاث ومستلزمات، من الرسوم الجمركية والضرائب، وفي حال عدم استخدام هذه المواد للغرض التي دخلت لأجله، لن يكون على
المستثمر اية اجراءات قانونية سوى ان يدفع الرسوم عنها، بدلا من وضع عقوبات رادعة، او مضاعفة الرسوم والغرامات، في ثغرة اخرى تمنح للمستثمرين امكانية التلاعب واستغلال
القانون لغرض التربّح.
هذا التقرير من ضمن برنامج "حصاد السومرية" من تقديم ورود الموزاني وإعداد غرفة أخبار "السومرية"، يُعرض كلّ جمعة السّاعة 8:30 مساءً. لمشاهدة الحلقة كاملة، انقر هنا.