تجريف الاراضي الزراعية بكربلاء.. لعبة مرهقة ومطاردة لا نهائية مع "اشباح"
لعبةٌ مرهقةٌ وليست لها نهاية.. هي ليست متاهة بالمعنى الحرفي، لكنها طريق يجعل المسؤولين في محافظة
كربلاء يشعرون بأنهم في حالة مطاردة لا نهائية مع أشباح.
ملاحقة تجريف الاراضي.. مسؤولو
كربلاء يطاردون "السراب" منذ 20 عاما
لعبة ملاحقة تجريف الاراضي الزراعية، والتي جعلت مسؤولي
كربلاء يطاردون السراب منذ 20 عاماً، حتى ان مسؤولي
المحافظة وصفوا هذه الحالة بأنها اصبحت مرهقة ومتعبة بالنسبة اليهم.. فرغم
اللجان والملاحقات والتشديد الكبير الذي تفرضه الجهات المعنية هناك.. الا ان أشباح التجريف مستمرة بتكبيد
اللجان الامنية الخسارة تلو الاخرى دون التمكن منها او تقييدها حتى.
حرب غير متكافئة.. مال سياسي ونفوذ تلحق الهزيمة بمن يحاول الحفاظ على "خضرة كربلاء"
يستغل اللاعبون الرئيسيون في هذه الحرب غير المتكافئة اسلحة النفوذ والاموال والحِيَلِ المطلوبة لالحاق الهزيمة بالجهات الرقابية ورؤساء الوحدات الادارية باستمرار، فالصلاحيات التي كان رؤساء الوحدات يمتلكونها في المحاسبة المباشرة لمن يقوم بتقطيع الاشجار وتجريف الاراضي، اصبحت مسلوبة منهم في دستور العراق الجديد.
اشباح التجريف يستغلون الثغرات القانونية.. مسؤولو الوحدات الادارية "بلا صلاحيات"
فضلًا عن ذلك، تستغل أشباح التجريف هذه، الثغرات القانونية بشكل احترافي لتضاف إلى اسلحتها الأخرى، فمسؤولو الوحدات الادارية لا يتمكنون من اتخاذ اجراءٍ مباشرٍ ضد اصحاب الاراضي الزراعية الذين يبيعونها او يقومون بتقطيعها وتجريفها وبيعها مجزئةً الى وحدات سكنية عشوائية، بل أصبحت اجراءات الملاحقة تتطلب رفع دعاوى قضائية.
المسار القانوني طويل النفس.. طوق نجاة للمجرّفين ودفع غرامات بسيطة مقابل الارباح الهائلة
لكن هذا المسار القانوني يتسم بالاجراءات الطويلة التي غالبًا ما تنتهي باغلاق القضية لغياب العنصر الجزائي فيها، أو ان يتم تغريم المخالفين غرامة بسيطة يدفعها المخالفون بكل أريحية مقارنة بالمكاسب والأرباح الهائلة التي سيحصلون عليها من تقطيع الاراضي، وفي اثناء هذه الاجراءات القانونية الطويلة، ستتحول الاراضي الزراعية، الى مكعبات من الكونكريت تدعى وحدات سكنية، بحكم الامر الواقع.
مكافحة الاجرام ودوائر الزراعة.. جيش اعزل مقابل المتنفذين والمال السياسي لشراء الاراضي الزراعية
تقود عملية ملاحقة تجريف الاراضي في
كربلاء لجنة شكلتها
المحافظة برئاسة مديرية مكافحة الاجرام وعضوية العديد من الدوار الاخرى من بينها دارة زراعة كربلاء، يقابلها على الطرف الاخر متنفذون يشترون الاف الدوانم من الاراضي الزراعية من مالكيها او الحائزين عليها بعقود حكومية ولا يمتلكونها اصلا، ثم يقوم هؤلاء المتنفذون بتجريف الاراضي او حرق الاشجار ثم تحويلها الى ارض جرداء يتم تقطيعها فيما بعد وبيعها بالتجزئة، لتحقيق أرباح أكثر.
الجفاف والهجرة والاحتيال.. عوامل طبيعية واخرى "مخطط لها" لقتل الاراضي الزراعية واستغلالها
عوامل بيئية واجتماعية عديدة كانت بصالح "أشباح التجريف" من المتنفذين واصحاب الاموال، من بينها الجفاف وشحة المياه التي دفعت الكثير من المزارعين لبيع اراضيهم وترك الزراعة، أو أن تقوم هذه الاشباح اساسًا باستخدام طرقٍ احتيالية بالاستعانة مع الجهات المعنية، لقطع المياه عمدًا عن اراضٍ معينة ليموت خضارها وتتحول الى ارض بلا فائدة ولا يمكن زراعتها، ليضطر اصحابها لبيعها بأثمان بخسة لهؤلاء المتنفذين، الذين يكملون بدورهم مهمة التجريف وتقطيع الاراضي وبيعها، كما ساهمت الهجرة المستمرة من المحافظات الاخرى نحو
كربلاء بزيادة الطلب على الاراضي والسكن، وبالتالي زيادة عمليات تجريف الاراضي وتقطيعها.
التجريف طال 40% من الاراضي الزراعية والبساتين في مركز
كربلاء.. ومليون نخلة "قتلت"
يقدّر المسؤولون في المحافظة، المساحات التي طالها التجريف من بساتين مركز محافظة
كربلاء بحوالي 40%، جميع هذه الاراضي طالها المال السياسي وأيادي الأشباح المتنفذة، وحولتها الى مناطق سكنية في مركز المحافظة، فيما تختلف التقديرات عن المساحة الحقيقية التي تم تجريفها من بساتين
كربلاء واراضيها الزراعية لكنها غالبًا تتجاوز عشرات الالاف الدوانم، بينما تبلغ مساحة الاراضي الصالحة للزراعة في
كربلاء المليون دونم، كما أن التجريف تسبب بفقدان
كربلاء لمليون نخلة، أي ما يعادل حوالي 30% من إجمالي نخيل
المحافظة.