مجلة The Economist البريطانية رصدت في تقرير لها مخاطر وقوع هذه الكارثة، التي ستنعكس بشكل مباشر على سكان الكرة الأرضية بشكل لا يمكن التحكم فيه.
*موجة الحر تطول الجميع
الحكومة الأمريكية حذرت أكثر من 100 مليون
مواطن من درجات حرارة "قد تكون مميتة". مساحات شاسعة من آسيا وأوروبا تشتعل خلال الأسبوع الماضي.
ودرجات الحرارة القياسية في الصين تتحطَّم، حتى إن الناس يسعون للتخفيف من وطأة الحرارة باللوذ إلى ملاجئ القصف. أغلقت السلطات في أثينا الأكروبوليس بعد نقل السائحين المحمومين إلى المستشفى، واندلعت حرائق الغابات جنوبي
المدينة.
وفي الهند، انفتحت السماء، حيث جرفت الأمطار الموسمية الاستثنائية
السيارات والجسور والمنازل شمالي البلاد، وذلك بعد وقتٍ قصير من تسجيل دلهي أشد هطولٍ للأمطار منذ أكثر من 40 عاماً. وفي كوريا الجنوبية، سارعت الحكومة لإنقاذ الأشخاص المحاصرين بسبب الفيضانات والانهيارات الأرضية. وبالعودة إلى الولايات المتحدة، ضربت العواصف ولاية فيرمونت، وانهارت الطرق في نيو هامبشاير بعد هطول أمطارٍ غزيرة.
إذا نُظِرَ إلى هذه الحالات كلٍ على حدة، فإن مثل هذه الأحداث عادة ما تكون ملحوظة في المناطق التي وقعت فيها، ولكن يتم تجاهلها إلى حد كبير في أماكن أخرى ما لم تكن مصدر إلهام لصور درامية بشكل خاص. لكن تجمُّعها جميعاً في الوقت نفسه يثير سؤالاً عالمياً: ماذا يحدث عندما يواجه العالم كوارث متعددة متعلقة بالمناخ، في مناطق متعددة، في الوقت نفسه؟
ماذا يحدث عند وقوع هذه الظاهرة؟
في أحدث تقييمٍ لحالة المناخ، لاحظت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، وهي هيئة مدعومة من قِبَلِ الأمم المتحدة، أن "الأحداث المركبة" -اثنتين أو أكثر من الأحداث المرتبطة بالمناخ والتي تحدث في وقت واحد أو في تتابع سريع، وفي مناطق مختلفة- يمكن أن "تؤدي إلى تأثيرات شديدة أكبر بكثير من مجموع عناصرها الفردية". وقالت الهيئة إنه كلما حدثت المزيد من الكوارث، أصبح التعامل مع أيٍّ منها أصعب.
عندما تقع أحداث مناخية قاسية في أماكن مختلفة مرتبطة بطريقة ما -عبر سلاسل التوريد الزراعية، على سبيل المثال- تكون المخاطر حادة بشكل خاص. في الأوقات العادية، يمكن في كثير من الأحيان تعويض الضرر الذي يلحق بالإنتاج في منطقة زراعية في منطقةٍ أخرى.
منذ أوائل عام 2022، على سبيل المثال، فرضت الحرب الروسية قيوداً شديدة على صادرات الحبوب من أوكرانيا، أحد أكبر منتجي الحبوب في العالم. لكن المحاصيل الوفيرة في أستراليا والبرازيل وكندا ضمنت سد النقص الناتج عن ذلك، وأن ارتفاع الأسعار لم يكن بالحدة التي كان من الممكن أن يكون عليها.
يصبح ذلك أصعب عندما تتعثر المحاصيل في عدة مناطق في وقت واحد. يهدد الجفاف المستمر المحاصيل في الغرب الأوسط الأمريكي والأرجنتين. وبسبب الحرارة الشديدة في بعض المناطق وكثرة الأمطار في مناطق أخرى، انخفض إنتاج الحبوب الصيفي في الصين لأول مرة منذ 5 سنوات، ويبدو أن محصول الخريف تهدده مخاطر عديدة.
دمرت الأمطار محاصيل الخضراوات في الهند. ومن المحتمل أن يؤدي الماء الدافئ في أجزاء كثيرة من المحيط إلى إتلاف مخزون الأسماك.
كوارث يسلّم بعضها بعضاً
حذّر بنجامين كويتز، العالم الذي يقود مشروعاً لمراقبة درجات حرارة الأرض في وكالة الفضاء الأوروبية، من أن حرارة هذا العام تؤثر "بشدة" على إنتاج الغذاء.
هناك سابقة محدودة لهذا السيناريو، لكن عواقب هذه الأحداث المتزامنة قد تكون وخيمة. تجادل ورقة بحثية نُشرت في دورية Nature Communications، في وقت سابق من هذا الشهر، بأن معظم النماذج المناخية تقلل من شأن المخاطر التي يتعرض لها الأمن الغذائي العالمي، والتي تفرضها حالات الفشل المتزامن للحصاد.
يمكن للكوارث المتسلسلة أيضاً أن يعزز بعضها بعضاً. غالباً ما ترتبط الحرارة والجفاف والفيضانات ببعضها، فالهواء الساخن يلتقط المزيد من الرطوبة، ما يجفف التربة بشكلٍ كبير؛ إذ تفقد الماء وتصبح مثل الخرسانة.
قد تواجه دول جنوب أوروبا الآن مثل هذا السيناريو. شهدت إيطاليا معاناةً كبيرة، حيث تغطي الآن التحذيرات من ارتفاع درجات الحرارة 23 مدينة، وقد شهدت في مايو/أيار الماضي أسوأ فيضانات منذ قرن، مباشرةً بعد أسوأ جفاف منذ 70 عاماً. في ربيع 2021، عانت باكستان من موجة حر شديدة، وبحلول نهاية الصيف، بعد شهرين من هطول الأمطار على نحوٍ غير مسبوق، غُمِرَت مساحة تُقدَّر بثُلث البلاد بأسوأ فيضانات على الإطلاق.
من السابق لأوانه تحديد الآلية الكامنة وراء سلسلة الكوارث الغريبة هذا الصيف. قد يكون الأمر ببساطة مجرد حتمية إحصائية، فمع تكثيف تغيير المناخ وتيرة الظواهر الجوية المتطرفة، يصبح من المرجح أن يحدث بعضها في الوقت نفسه. أو قد تكون هناك سلاسل أعمق للسببية وراء ذلك. لكن ما هو مؤكد هو أنه من خلال ضخ الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي، يشوِّه البشر نظام الطقس. ستكون هناك المزيد من الظواهر الغريبة في المستقبل.