ويشهد
العراق ارتفاعًا في معدلات الجريمة خلال عام 2024 بمختلف أنواعها، سواء كانت جرائم القتل، السطو، الاختطاف، أو الاتجار بالبشر والمخدرات بحسب مراقبين ومواطنين وخبراء امنيين.
*الفساد الداخلي؟
وتعلن
وزارة الداخلية بين فترة وأخرى عن طرد عناصر من الخدمة وصفتهم بالمسيئين وغير المنضبطين، الا ان هذه الإجراءات لم تحد من هؤلاء بل تعلن ارقام عن فصل منتسبين من الخدمة والسنة التي تليها تكون
الأرقام اكبر واكثر دون اجراءات رادعة تحد من ذلك.
الى ذلك، تكشفت وزارة الداخلية، عن تسجيل حوالي 15 الف قضية فساد ومخالفات بحق ضباط ومنتسبين في الوزارة خلال 2024، فيما تم طرد اكثر من 3 الاف منهم من الخدمة.
وقال المتحدث باسم الوزارة العميد مقداد ميري، في مؤتمر صحفي حضرته السومرية، انه " تم تسجيل ١٤٧٩٧ قضية بحق ضباط ومنتسبين، وتم الحكم على ٧١٦٤ ضابط ومنتسب".
وأضاف انه "تم طرد 3260 ضابطا ومنتسبا من الخدمة من بينهم 2103 منتسبين، وأحيل 190 اخرين للتقاعد".
*الابتزاز الالكتروني
يعود ارتفاع معدلات الابتزاز الالكتروني نقص الجولات الميدانية في المدارس والجامعات والمعاهد التعليمية لتعليم الشباب كيفية حماية أنفسهم من هذه الجرائم، فضلا عن ضعف الرقابة الأمنية تجاه هذه الجرائم التي أصبحت متداولة بالنظر الى تطور الوسائل الالكترونية الحاصلة.
بدورها، تقول المواطنة وعود صهيب ان "جرائم الابتزاز الالكتروني مازالت قائمة وبكثرة دون رادع"، لافتة الى انه "لا توجد استجابة كافية للتعامل معها".
وأكدت "عدم وجود حملات توعية مجتمعية حقيقة أو برامج إصلاحية للشباب، ما أدى إلى ازدياد حالات الانخراط في الجريمة".
*الدكات العشائرية
ويتكرر مشهد مايسمى بـ "الدكة العشائرية" بشكل شبه يومي المحافظات الى ان وصل الامر الى تنفيذ دكة عشائرية ضد مركز أمنى تابع لوزارة الداخلية في محافظة ميسان.
و أعلن قائممقام قضاء المجر في محافظة ميسان في وقت سابق، عن انهيار الوضع الأمني في القضاء بسبب نزاع عشائري قاده رئيس مجلس المحافظة.
وذكر في تصريح، إن "قضاء المجر شهد انهيارا بالوضع الأمني فيه بسبب اندلاع نزاع عشائري عنيف، حيث تدخلت القوات الامنية وبعد ملاحقة للجناة المتسببين بالنزاع استمرت لثلاث ساعات تمكنت من اعتقالهم".
واضاف، انه "وبعد ساعة من اعتقال الجناة وايداعهم التوقيف، طوقت عجلات حكومية يقودها
مسؤول بمجلس المحافظة، مركز شرطة الزهراء وقامت بالإفراج عن المعتقلين بالقوة".
ويلجأ معظم الاشخاص في
العراق وخاصة بمحافظات الوسط والجنوب الى العشيرة لحل النزاعات التي تحدث بينهم من خلال تسويتها او تعويض المعتدى عليه بمبالغ مالية لما لحقه من اضرار مادية او معنوية.
وبشأن جرائم الدكات العشائرية، يشير المواطن حسين علي ان "المواطنين يعيشون حالة من القلق والخوف وعدم الأمان وخاصة في المناطق التي تشهد دكات ونزاعات عشائرية دون رادع"، لافتا الى ان "بعض المناطق يحكمها القانون العشائري ولا سيطرة للقوات الأمنية عليها الا بشيء بسيط جدا".
*تفاقم الادمان
ويبين المواطن احمد رمزي ان "حالات الإدمان والترويج للمخدرات جعلها من أكثر الجرائم انتشارًا"، مشيرا الى ان "القوات الأمنية تقوم بواجباتها الا انها لم تحد من هذه الظاهرة التي انتشرت بين الشباب العراقي".
واكد ان "وزارة الداخلية فشلت في وضع خطة شاملة لمكافحة المخدرات، كما ان الخطط التي وضعت تفتقر للفاعلية والتنظيم".
*المال والسلطة
يدخل عنصرا المال والسلطة بشكل أساسي في تفاقم الجرائم من خلال شراء الذمم والرشوة والتسهيلات السياسية والمصالح الانتخابية مما يساهم بخلق بيئة حاضنة لعناصر الجريمة المنظمة.
فيما أشار المواطن علي محمد ان "هناك تقارير دولية تشير إلى حجم الفساد المستشري، من خلال تورط بعض المسؤولين الأمنيين في التستر على جرائم أو التعامل مع شبكات الجريمة المنظمة".
*ثورة اصلاحية
وتتواصل دعوات خبراء الامن الى "ضرورة إجراء إصلاحات إدارية شاملة، وإنشاء آليات رقابة صارمة داخل الوزارة، مع محاسبة حقيقية للمسؤولين عن أي تقصير أو فساد.، إضافة الى ضرورة اطلاق حملات وطنية لجمع الأسلحة المنتشرة بين المواطنين وتدريب الكوادر الأمنية باستخدام أحدث الوسائل التكنولوجية، إضافة الى الاستفادة من خبرات الدول الأخرى في مجال مكافحة الجرائم المنظمة والجريمة الإلكترونية".
وتُعد
وزارة الداخلية العراقية مسؤولة بشكل مباشر عن أمن واستقرار البلاد، ولذلك فإن إخفاقاتها في مواجهة الجرائم تؤثر على حياة المواطنين بشكل مباشر.
الحلول ليست مستحيلة، لكنها تتطلب إرادة سياسية حقيقية، وإصلاحات جذرية، وتعاونًا مشتركًا بين الوزارة والمجتمع لضمان استعادة الأمن والاستقرار في البلاد.
*التدهور الاقتصادي
ويعزو الخبراء هذا الارتفاع إلى عوامل متعددة، من بينها التدهور الاقتصادي حيث ان ارتفاع معدلات البطالة والفقر دفع البعض إلى ارتكاب الجرائم لتلبية احتياجاتهم الأساسية، كما ان ضعف القوانين الرادعة وعدم تشديد العقوبات على الجرائم أدى إلى تكرارها.
وذكروا ان "انتشار السلاح غير المرخص بيد المواطنين والمجموعات غير الرسمية زادت من جرائم العنف، والتي لم تتمكن
وزارة الداخلية من السيطرة عليه حتى الان، إضافة الى ان ضعف منظومة المحاسبة داخل
وزارة الداخلية أدى إلى تساهل في معالجة الجرائم".
ووفقا لإحصائيات دولية فأن معدلات الجريمة في
العراق ارتفعت خلال السنوات الأخيرة، مع تركّزها في المدن الكبرى مثل بغداد والبصرة.