ونقلت الصحيفة عن مصدر حكومي عراقي أن زيارة وزير الخارجية السوري،
أسعد الشيباني، إلى
بغداد، أمس، هدفت إلى فتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين، وجرى خلالها الاتفاق على تأمين الحدود المشتركة، ومحاربة تنظيم "داعش" الارهابي، وعلى آلية لإعادة العائلات العراقية في المخيمات السورية، ولا سيما مخيم
الهول في
الشمال الشرقي، بالإضافة إلى مناقشة أوضاع المواطنين السوريين الذين يعملون في
العراق.
وكان الشيباني زار
بغداد، والتقى رؤساء الحكومة والجمهورية والبرلمان ووزير الخارجية، وذلك لمناقشة قضايا إشكالية بين البلدين، وخاصة التي أثارت الجدل أخيراً.
وقال المصدر الحكومي، إن الشيباني ونظيره العراقي،
فؤاد حسين، "اتفقا على إيجاد آلية مشتركة بخصوص عودة العراقيين من المخيمات السورية التي تضم أسرى تنظيم "داعش" وعائلاتهم، ولا سيما مخيم
الهول، ومن ثم تطرّقا إلى مخاوف
العراق من نشاط المجموعات الإرهابية وتأثيرها على السلم الداخلي. وتابع المصدر أن "هذه الزيارة جاءت لإعادة تنشيط العلاقات السياسية والدبلوماسية بين
بغداد ودمشق، وفتح قنوات اتصال أكثر فاعلية بين الحكومتين".
وتبقى العلاقات بين
بغداد ودمشق رهناً للتوازنات السياسية الإقليمية والدولية، إلا أن هذه الزيارة قد تشكّل نقطة انطلاق جديدة للبلدين، خصوصاً مع تزايد التحديات الأمنية والسياسية التي تتطلّب تعاوناً وثيقاً بين الجانبين.
وفي هذا الإطار، قال حسين، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع الشيباني، إن "التحديات التي يواجهها
العراق وسوريا مشتركة وأولها
داعش، وفي اجتماعنا تحدّثنا بصورة تفصيلية عن تحركات
داعش في الداخل السوري والعراقي"، مضيفاً أن "النقاش تناول مسألة الساحل السوري وما حدث للعلويين، وعبّرنا عن قلقنا، وناقشنا ملف اللجنة السورية المشكّلة لمتابعة هذا الموضوع".
أما الشيباني فأكّد أن "سوريا والعراق يجب أن يقفا معاً لمنع أي تدخل في شؤونهما الداخلية"، مضيفاً أن إدارة الشرع "ملتزمة بتسهيل حركة السلع والخدمات والاستثمار مع
العراق، ونهدف من زيارتنا للعراق إلى تعزيز التبادل التجاري وإزالة الحواجز بين البلدين"، معتبراً أن "الشراكة القوية مع
العراق ستجعل دمشق أكثر مناعة في مواجهة التدخّلات الخارجية". وأشار إلى أن "الطريق لن يكون سهلاً، لكننا واثقون من أن دمشق وبغداد ستخرجان من هذه المرحلة أقوى مما مضى".
ومن بين ما بحثه الشيباني مع المسؤولين العراقيين، مشكلة الوجود غير القانوني لمئات آلاف السوريين في مختلف المدن العراقية، وذلك بهدف ترتيب أوضاعهم وإعادتهم إلى بلادهم خلال الفترة المقبلة، علماً أن وزير العمل العراقي، أحمد الأسدي، اعتبر، في تصريحات صحافية، أن وجود العمالة السورية غير قانوني في
العراق، لأن معظمها دخل البلاد عن طريق التهريب أو جاء من إقليم كردستان. وجاء هذا في وقت أثير فيه جدل أخيراً حول اعتداء ملثّمين في
العراق على عمال سوريين، بحجة دعم الأخيرين وترويجهم لأعمال القتل التي جرت في الساحل.
وعلى رغم الخطوات الإيجابية بين البلدين، إلا أن مصادر سياسية تشير إلى وجود تحفظات عراقية على الحكومة السورية الانتقالية بقيادة الشرع، وذلك بسبب ضغوط من قوى سياسية داخل الحكومة، ما جعل
العراق متردّداً في إعلان دعم كامل للإدارة الجديدة في سوريا.
ومع ذلك، يشير النائب في لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، علي البنداوي، إلى أن "هناك تحديات كبيرة أمام
العراق وسوريا، أبرزها أمنية واقتصادية، كما أن هناك مخاوف من وجود إرهابيين دواعش يحاولون استغلال الفرص والثغرات لإعادة نشاطهم".
ويذكّر، بأن "العراق تحدّث أكثر من مرة عن خطورة مخيم
الهول، وبقاء تلك العائلات التي تنتمي إلى
داعش في هذا الوضع المأساوي، ولا سيما أن الفكر المتطرّف لا يزال يعيش في عقولهم. ولذا على البلدين التعاون لمعالجة هذه الأزمة".
ويلفت إلى أن "الحكومة العراقية تقوم باستقبال وجبات من العائدين من المخيم وتنقلهم إلى مخيم الجدعة في الموصل لغرض تأهيلهم ودمجهم مع المجتمع"، مستدركاً بأن "قرار واشنطن بتعليق عمل الوكالة الأميركية للتنمية الدولية في
العراق وقطع التمويل عنها، يُعد سابقة خطيرة في العمل الإنساني والتعاون الدولي في مساعدة البلاد بعد تعافيها من الحروب وموجات النزوح"، بحسب الصحيفة.
وتواجه عمليات إعادة هؤلاء رفضاً واسعاً في المناطق التي ينتمون إليها، حيث تخشى العشائر والمجتمعات المحلية من تسلّل عناصر متشدّدين أو بقاء الأفكار المتطرفة لدى بعض العائدين. وأكّد مسؤولون محليون في نينوى والأنبار أن هناك صعوبة في تقبّل عودة هذه العائلات، خاصة بعد ما عانته المدن العراقية من جرائم "داعش" الإرهابي.