وقد عكس هذا التوجه حرص الحكومة العراقية على بناء علاقات متوازنة مع جيرانها، بما يخدم مصالحها الوطنية ويساهم في تحقيق الاستقرار والتنمية الإقليمية.
السياق التاريخي للعلاقات العراقية-السعودية
عانت العلاقات بين
العراق والسعودية من التوترات منذ فترة الثمانينيات، حيث أثرت حرب الخليج الأولى وحرب الخليج الثانية وسقوط النظام
العراقي السابق على الثقة بين
البلدين.
ومع ذلك، شهدت العلاقات تحولاً تدريجيًا منذ عام 2017 مع
عودة العراق إلى دوره الإقليمي، مما مهّد الطريق للتقارب في عهد حكومة السوداني.
أهداف السوداني في تطوير العلاقات مع السعودية
وحدد السوداني بوضوح أهداف
العراق في تعزيز العلاقات مع المملكة العربية السعودية، والتي تشمل:
-تعزيز التعاون الاقتصادي والاستثماري من خلال فتح آفاق جديدة للاستثمارات السعودية في القطاعات العراقية، خصوصًا الطاقة والزراعة والبنية التحتية.
-زيادة التبادل التجاري بعد رفع مستوى التجارة البينية بما يعزز الاقتصاد
العراقي ويوفر فرص عمل جديدة.
-تعزيز الأمن الإقليمي عبر التعاون مع السعودية لمواجهة التحديات الأمنية المشتركة، بما في ذلك الإرهاب والجريمة المنظمة.
-توطيد الروابط الثقافية والدينية من خلال تعزيز التبادل الثقافي والديني بين الشعبين على أساس القيم الإسلامية المشتركة.
وتعد الإنجازات البارزة في العلاقات العراقية-السعودية خلال ولاية السوداني
الزيارات الدبلوماسية رفيعة المستوى
حيث قام السوداني بعدة زيارات رسمية إلى المملكة العربية السعودية، والتقى بالملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
وكان اخر هذه الزيارات اليوم الأربعاء حيث التقى رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني في مدينة العلا، ولي عهد المملكة العربية السعودية سمو الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وجرى خلال اللقاء بحث آخر تطورات الأوضاع في المنطقة، وأهمية الاتفاق على التنسيق المشترك بشأن تداعيات الاحداث في سوريا، وتكثيف الجهود لمواجهة التحديات الإقليمية والدولية، وبما يسهم في تعزيز الأمن الإقليمي، واستقرار المنطقة بالكامل.
وأكد رئيس مجلس الوزراء "حرص
العراق على وحدة الأراضي السورية وعدم التدخل في الشأن الداخلي السوري، واحترام الإرادة الحرّة للسوريين، وضمان مشاركة جميع مكونات الشعب السوري في إدارة البلاد".
وبين السوداني "استعداد
العراق للتعاون مع الأشقاء والأصدقاء في المنطقة، من أجل إرساء الأمن والاستقرار، وإبعاد المنطقة عن خطر الصراعات والحروب".
وتطرق اللقاء إلى الأوضاع المأساوية في غزّة، واستمرار الكيان المحتل في عدوانه ضد الفلسطينيين، وأهمية تكثيف الجهود
الدولية من أجل إيقاف فوري للحرب، ومضاعفة الجهود الإغاثية لتخفيف معاناة الأهالي في غزّة، وكذلك التأكيد على تثبيت وقف إطلاق النار في لبنان، وبذل الجهود من أجل الالتزام بما تم الاتفاق عليه.
إضافة الى ذلك زيارات المسؤولين السعوديين إلى العراق، بما في ذلك وفود اقتصادية ودبلوماسية، ساهمت في تعزيز الثقة المتبادلة.
الاتفاقيات الاقتصادية والاستثمارية
-إنشاء صندوق استثماري مشترك حيث تم الاتفاق على إنشاء صندوق استثماري سعودي-عراقي بقيمة مليارات الدولارات، يهدف إلى تمويل مشاريع تنموية واستثمارية في
العراق.
التعاون في قطاع الطاقة والتي تم توقيع اتفاقيات لتعزيز التعاون في مجالات النفط والغاز والطاقة المتجددة، بما يدعم تنويع مصادر الطاقة في
العراق.
المناطق الصناعية المشتركة عبر إطلاق مشروع لإنشاء مناطق صناعية حدودية مشتركة تعزز التبادل التجاري والاستثماري.
تعزيز الربط الكهربائي وتم توقيع اتفاقية ربط شبكة الكهرباء العراقية بالشبكة الخليجية، بتمويل ودعم سعودي، مما يساهم في تخفيف أزمة الكهرباء المزمنة في
العراق.
التبادل التجاري
وارتفعت قيمة التبادل التجاري بين
البلدين بنسبة كبيرة، مع تنويع المنتجات والخدمات المتبادلة، بما يحقق المنفعة المتبادلة للطرفين.
التعاون الأمني والعسكري
مكافحة الإرهاب: حيث اتفق البلدان على تبادل المعلومات الاستخباراتية لمكافحة التنظيمات الإرهابية، مثل “داعش”، وضمان استقرار الحدود المشتركة.
التعاون في ضبط الحدود: والتي تتضمن تعزيز الجهود المشتركة لمراقبة الحدود ومنع التهريب والأنشطة غير القانونية.
الدور السعودي في دعم
العراق إقليميًا ودوليًا
دعم
العراق في الجامعة العربية: فقد قدمت السعودية دعمًا سياسيًا للعراق في المحافل العربية، مما ساهم في تعزيز مكانته الإقليمية.
الدعم الإنساني والتنموي: وقدمت السعودية مساعدات إنسانية للعراق، بما في ذلك دعم النازحين وإعادة إعمار المناطق المتضررة من الحرب.
وتمكن السوداني من تحقيق توازن إقليمي في علاقات
العراق مع كل من إيران والسعودية، وهما قوتان إقليميتان لهما تأثير كبير في
العراق.
كما نجح في زيادة الاستثمارات السعودية بالعراق وشهدت الفترة الماضية تنفيذ مشاريع استراتيجية جديدة، تشمل بناء مدن جديدة ومرافق طاقة متجددة.
إضافة الى ذلك تم تعزيز العلاقات الثقافية والدينية بين الشعبين، بما في ذلك تسهيل الزيارات للمقدسات الإسلامية، مع استمرار التعاون في قضايا الأمن الإقليمي، بما يضمن استقرار المنطقة.
ونجح رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في تحقيق تقدم ملحوظ بالعلاقات مع المملكة العربية السعودية، مما يعكس إرادة سياسية قوية لبناء شراكة استراتيجية تخدم مصالح
البلدين.
ورغم التحديات، فإن الأسس التي وُضعت خلال فترة ولايته تُعد مؤشرًا إيجابيًا على مستقبل أكثر تعاونًا بين بغداد والرياض، يسهم في تحقيق الاستقرار والتنمية على المستويين الوطني والإقليمي.