وفي هذا الإطار، أجرى رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، في اليومين الماضيين، اتصالات هاتفية مع عدد من قادة المنطقة بينهم ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، والرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي. كما تلقّى اتصالاً من وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، وعقد اجتماعاً في
بغداد مع وزير خارجية الولايات المتحدة، أنتوني بلينكن.
وتسعى
بغداد التي اعتبرت نفسها مرشّحة للتضرّر من التغيير في سوريا، إلى أن تكون نقطة تلاقٍ في التعاطي مع الأزمة السورية بعد رحيل بشار الأسد، في الوقت الذي أظهرت فيه حذراً شديداً حيال مسألة ضبط الحدود مع البلد الجار، وذلك جراء التقارير التي تتحدّث عن وجود عشرات من قيادات وعناصر ينتمون إلى تنظيم "داعش"، يحاولون التسلل إلى البلاد.
وفي هذا السياق، أكّد السوداني لبلينكن، بحسب بيان لمكتبه الإعلامي، "موقف العراق بدعم سوريا في هذه المرحلة المهمة، وأهمية أن تضطلع الدول الصديقة بمساعدة السوريين في إعادة بناء دولتهم، ومواجهة التحديات التي قد تؤثّر على السلم الأهلي فيها".
وشدّد على ضرورة تمثيل "كل مكوّنات الشعب السوري في إدارة البلاد لضمان تعزيز استقرارها"، مشيراً إلى أن "العراق ينتظر الأفعال لا الأقوال من القائمين على إدارة المرحلة الانتقالية في سوريا، وضرورة عدم السماح بالاعتداء على الأراضي السورية من أي جهة كانت"، مبيّناً أن "ذلك يمثّل تهديداً للأمن والاستقرار في المنطقة".
من جهته، شدّد بلينكن، أمام السوداني، خلال زيارته غير المعلنة مسبقاً إلى بغداد، أمس، على ضرورة تنسيق الجهود تجاه الأزمة السورية.
ونقلت وكالة "رويترز" عنه تأكيده التزام الولايات
المتحدة "بالشراكة الاستراتيجية الأميركية - العراقية وبأمن العراق واستقراره وسيادته ومحاربة تنظيم داعش". وناقش الوزير أيضاً مع رئيس الحكومة الفرص والتحديات الأمنية الإقليمية، بالإضافة إلى الدعم الأميركي لمشاركة جميع المكوّنات في سوريا، في إطار عملية انتقالية شاملة.
ويوضح
مسؤول حكومي عراقي، أن "زيارة بلينكن إلى العراق هدفت إلى معرفة موقف البلاد النهائي من الحكومة السورية الحالية بعد سقوط النظام وسيطرة هيئة تحرير الشام"، مؤكداً أن "الحكومة مهتمة جداً بالملف السوري، وتحرص على ألا يتكرّر مشهد الإرهاب والتطرف".
ويضيف المسؤول أن "بلينكن أوصل رسالة شفهية من (الرئيس الأميركي المنتخب)، دونالد ترامب، إلى السوداني بشأن عدم التدخّل في الوضع السوري، فضلاً عن دعوته إلى منع الفصائل المدعومة من إيران من أن تخوض مواجهة مسلّحة مع الفصائل السورية أو أن تتلاعب بأمن المنطقة".
ويشير إلى أن "كل المبادرات الدبلوماسية التي يتبناها العراق مع الدول المجاورة أو التي لها ارتباط بالوضع السوري تهدف إلى تخفيف التوتر الذي تعيشه المنطقة؛ إذ ترى الحكومة أنه من غير الصحيح البقاء متفرّجة أو منعزلة عن محيطها وما يجري فيه"، بحسب صحيفة الاخبار اللبنانية.
بدوره، يرى عضو لجنة العلاقات الخارجية النيابية، عامر الفائز، أن "وضع العراق الحالي، رغم ما تعيشه المنطقة من صعوبات، قوي ومحوري في إدارة الأزمات والتعامل معها بتوازن، من دون الانحياز إلى جهة دون أخرى، وهذا ما جعل قادة المنطقة يعتمدون عليه في الجانب السياسي والدبلوماسي للنظر في الأحداث بحيادية وموضوعية".
ويلفت الفائز، إلى أن "ما يجري في سوريا في غاية الصعوبة، ولا يمكن التعامل معه بلا دراية بكل الظروف المحيطة به، وأن
بغداد أخذت على عاتقها المبادرات والفعاليات التي تدعو إلى التهدئة ونبذ الصراع والعمل من أجل حماية سيادة العراق وتقوية موقفه أمام جميع الدول".
وأما السياسي المستقل، أحمد السراج، فينظر إلى موقف العراق الحالي على أنه "غامض تجاه التعامل مع الحكومة السورية، رغم أنه من الضروري التعامل على أساس المصالح لا الاصطفافات السياسية".
ويعتبر، أن "المبادرات التي تقودها دول المنطقة ومنها العراق، هي لترقيع فتوق كبيرة في المشهد السوري، خاصة أن الحكومات متردّدة في التعامل مع مجموعات مسلحة مصنّفة عالمياً على أنها متورّطة ومشتركة في عمليات إرهابية"، مستدركاً بأن "على الحكومة العراقية أن تعمل لتعزيز التبادل التجاري والاقتصادي لمصلحة الشعبين".