وقالت الصحيفة انه استمراراً للجهود الدبلوماسية الإيرانية لاحتواء التطوّرات في سوريا، يزور وزير الخارجية عباس عراقجي، بغداد، وذلك بعد زيارته كلاً من دمشق وأنقرة، يومَي الأحد والإثنين الماضيَين، حيث شكّلت التطوّرات الميدانية في سوريا محور مداولاته مع مسؤولي هذين
البلدين.
ومن المقرّر أن يتوجّه أيضاً إلى الدوحة وموسكو، خلال الأيام المقبلة.
وأضافت الصحيفة ان عراقجي يصل إلى بغداد، في وقت تتزايد فيه المخاوف من انتقال الأزمة في سوريا إلى العراق، وتكرار تجربة
العقد الماضي، حينما دخلت المجموعات المسلحة المتطرّفة الأراضي العراقية، وهو ما يثير أيضاً قلق إيران.
ويبدو أن الهدف من الزيارة يتمثّل بالعمل على زيادة التعاون الإقليمي لتفادي توسّع دائرة الأزمة، والتمهيد لاحتوائها، بحسب الصحيفة التي اشارت الى ان عراقجي أعلن أنه سيزور بعد
بغداد العاصمة القطرية الدوحة، حيث سيلتئم اجتماع وزراء خارجية إيران وتركيا وروسيا،
الدول الضامنة لمسار أستانا، على هامش "منتدى الدوحة" المقرّر في العاصمة القطرية، في الأیام المقبلة.
ويرى مراقبون أن نتائج اجتماع الدوحة يمكن أن تؤثّر على مستقبل التطوّرات في سوريا. وبما أن كثيرين يتّهمون تركيا بدعم الحراك الأخير للمجموعات المسلحة التي استولت، إلى الآن، على محافظتَي حلب وحماة السوريتَين، فإن الاتفاق المحتمل بين طهران وموسكو وأنقرة يمكن أن يكون له وقع في السيطرة على الموقف، وفقا للصحيفة.
وترى السلطات الإيرانية في التطورات السورية "خطّة أميركية – صهيونية" للمساس بالمقاومة، في حين تؤكد دعمها التامّ لسوريا في مواجهة المجموعات المسلحة.
وتعمل إيران، وفق ما أكدت، من أجل "تهدئة الوضع في سوريا وإيجاد فرصة لتقديم مبادرة وحلّ دائم"، حتى إن عراقجي قال، أخيراً، إنه في حال تقدّم الحكومة السورية بطلب، فإن طهران ستدرس موضوع إيفاد قوات إلى سوريا.
وفي هذا السیاق، أكد وزير الخارجية الإيراني، خلال اتصال هاتفي مع نظيره المصري بدر عبد العاطي، أمس، سياسة إيران الثابتة في "دعم سوريا حكومة وجيشاً وشعباً في مكافحة المجموعات الإرهابية".
وبحسب ما أفادت به وکالة الجمهورية الإسلامية للأنباء، رأى عراقجي أن "تفعيل المجاميع الإرهابية في سوريا مجدداً، وانتشارها في المنطقة، يشكّل خطراً جادّاً على السلام والاستقرار والأمن في المنطقة"، مشدّداً على ضرورة مواصلة الجهود والمشاورات الدبلوماسية بين اللاعبين المؤثّرين في المنطقة للتصدّي لهذا الخطر.
من جهته، أشار عبد العاطي إلى اتصالاته، خلال الأيام الأخيرة، مع وزراء خارجية عدد من الدول، مؤكداً سياسة بلاده في "دعم سيادة سوريا ووحدة أراضيها ومؤسساتها القانونية".
وبالتوازي مع المشاورات الدبلوماسية الإيرانية، أجرى رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، اللواء محمد باقري، أخيراً، مكالمات مع كل من وزير الدفاع الروسي أندريه بيلوسوف، ورئيس أركان الجيش
العراقي الجنرال عبد الأمير رشيد يار الله، ورئيس أركان الجيش السوري الجنرال عبد الكريم محمود إبراهيم.
وبحسب هيئة الأركان العامة، أكد باقري، في اتصالاته، أن "هجوم المجاميع الإرهابية التكفيرية في سوريا، يشكّل الخطوة الأولى لسيناريو خطير للمنطقة"، مضيفاً أن "تزامن هذا الهجوم مع وقف إطلاق النار الهشّ بين الكيان الصهيوني ولبنان، مؤشر إلى مؤامرة أميركية - عبرية منسّقة لإضعاف سوريا والحلفاء ومحور المقاومة".
وأفادت الهيئة بأن الأطراف أكدت خلال هذه المكالمات "دعمها الحازم للحكومة السورية القانونية"، و"اتّخاذ ما يلزم لدعم الجيش السوري في مواجهة المجموعات الإرهابية".
وحظيت التطورات السورية باهتمام الأوساط الإعلامية في إيران؛ إذ كتبت صحيفة "آرمان ملي"، في مقال لجلال ساداتيان، أنه "بعدما دخل اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان حيّز التنفيذ، دخلت هيئة تحرير الشام على الخط لإرباك الوضع في سوريا لمصلحة إسرائيل لتقوم، حسب ظنّها، بقطع خطوط الإمداد والاتصال بين حزب الله وسوريا. وهنا، اهتمت إحدى دول المنطقة (تركيا) بهذا الموضوع، واستغلّت الوضع في سوريا لمصلحتها لتتمكّن من توسيع نطاق سيطرتها".
وأضافت: "الخطّة الأخيرة كانت مدعومة من تركيا بهدف إسقاط بشار الأسد، وبما أنها لم تحصل على النتيجة المرجوّة فهي تنوي الآن إضعاف الأسد والحكومة المركزية السورية، لكي يرضخا لمطالبها".
من جهتها، تحدثت صحيفة "تجارت" عن ثلاثة سيناريوات متوقّعة بعد التطورات الأخيرة: "السيناريو الأول، أن يتمكّن المسلحون من السيطرة على دمشق وهزيمة الجماعات الكردية والجیش السوري، ثم تشكيل إمارة سوريا الإسلامية، علماً أن العوامل التي تعزّز هذه الفرضية هي المعنويات المتدنّية للجيش السوري، وغياب دعم الولايات المتحدة للأكراد".
أمّا "السيناريو الثاني - أفضل سيناريو بالنسبة إلى طهران - فهو أن تتمكّن الحکومة السوریة من استعادة عافيتها وتنظيم صفوفها من جديد لتغيير موازين القوى على أرض الميدان وهزيمة الجماعات المسلحة".
و"السيناريو الثالث والأكثر تعقيداً، هو تقسيم سوريا إلى ثلاث مناطق، الأولى للحكومة المركزية، والثانية للحكومة الإسلامية السورية، والثالثة للحكومة الكردية، وهو سيناريو خطير من الممكن أن يكون مدعوماً من قِبَل إسرائيل والولايات المتحدة".