يصف التقرير بداية بالقول: "لا توجد أي لافتة على باب المكتب
السياسي الجديد لحركة حماس في بغداد، كما أن عنوانه يخضع لحراسة مشددة، وينطبق الأمر نفسه على المكتب الجديد للحوثيين، والذي يقع على مسافة قصيرة بالسيارة".
وتضيف الصحيفة: "سمح مسؤولون حكوميون عراقيون بهدوء للجماعتين المسلحتين المدعومين من إيران بتأسيس وجود أكثر ديمومة في
بغداد في وقت مبكر من هذا الصيف، بعد سنوات من زيارة ممثليهما، ويأتي هذا التحول، الذي ينكره المسؤولون العراقيون علنًا حتى مع تداول صور الجماعات في
العراق على وسائل التواصل الاجتماعي، في الوقت الذي يبدو فيه أن إيران تشجع وكلائها من دول مختلفة على مشاركة المهارات العسكرية وحتى التنسيق بشأن الأهداف".
واعتبرت الصحيفة ان "المكاتب الجديدة تعكس الدور المتنامي للعراق في الحرب الخفية بين إيران وإسرائيل والولايات المتحدة بعد ان كان
العراق يلعب دور التوازن بين طهران وواشنطن".
وأوضحت ان "التوازن تحول تدريجيا لصالح إيران، فقد عملت جارة
العراق بشكل مطرد على تضخيم نفوذها الجيوسياسي من خلال توسيع نطاق التجنيد وتمويل القوات المتعاطفة داخل العراق، وهذا جزء من جهد أكبر تبذله طهران لبناء كتلة إقليمية من القوة الشيعية تمتد إلى لبنان مع حزب الله وإلى اليمن مع الحوثيين".
واعتبرت انه "في السنوات الأخيرة، دفعت إيران الحكومة العراقية إلى إضفاء الشرعية على الفصائل الشيعية في البلاد، والتي يوالي بعضها طهران، وكذلك الجماعات المسلحة السنية والمسيحية واليزيدية التابعة لها، من خلال جعلها جزءًا من جهاز الأمن العراقي، كما أنشأت القوى الشيعية أحزابًا سياسية ناجحة، فاز ائتلاف منها بعدد كافٍ من المقاعد في انتخابات 2021 لاختيار رئيس الوزراء".
وبينت انه "على خلفية النفوذ الإيراني المتزايد، رضخت القيادة العراقية عندما أراد الحوثيون وحماس فتح مكاتب، ويقول بعض المسؤولين الحكوميين العراقيين، وفقًا لاثنين من الأشخاص الذين تحدثوا إلى صحيفة نيويورك تايمز، إنهم غير سعداء بضيوفهم الجدد، لكنهم لا يملكون السلطة لمنعهم نظرًا لنفوذ الأحزاب السياسية العراقية المرتبطة بإيران.
وأشارت الى انه تم إنشاء المكاتب، التي تركز بشكل أساسي على تطوير الروابط في العراق، في يونيو/حزيران، وفقًا للمسؤولين العراقيين والغربيين، فضلاً عن أحد أعضاء إحدى الجماعات المسلحة العراقية، وتحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم لمناقشة مواضيع حساسة".
واعتبرت الصحيفة ان المكتبين الجديدين، الأول لحركة حماس، وهي جماعة سنية، والثاني للحوثيين، وهم جماعة شيعية، يعكسان مدى تغير السياسة في
العراق منذ عهد صدام حسين، ورغم أنه كان مسلماً سنياً، فقد قمع نظامه الحركات الإسلامية السُنية مثل جماعة الإخوان المسلمين التي كانت حماس تابعة لها، فقد رأى في هذه الحركات تهديداً محتملاً لهيمنة حزب البعث، وظل العديد من العراقيين يخشون مثل هذه الجماعات لفترة طويلة بعد سقوط صدام حسين، وخاصة بسبب صعود المتشددين السُنة، بما في ذلك تنظيم القاعدة في العراق، وفي وقت لاحق تنظيم داعش".
أما الحركات الشيعية فقد تعرضت للقمع الشديد في عهد صدام حسين الذي كان يخشى أن تتآمر هذه الحركات للإطاحة به، وكان أعضاء هذه الجماعات إما يضطرون إلى الفرار أو يُسجنون ويُعدمون، مبينة ان السياسة في
العراق اليوم تهيمن عليها الأحزاب الشيعية، التي تربطها صلات وثيقة بإيران، وقد سمح هذا التحول للجماعات الأجنبية التي تربطها علاقات بإيران بتوسيع نفوذها، الأمر الذي عزز ما يعرف بمحور المقاومة الإيراني، وهي شبكتها المسلحة في مختلف أنحاء الشرق الأوسط والتي تكرس جهودها لمواجهة النفوذ الأميركي والإسرائيلي في المنطقة.
وقال توماس جونو، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة أوتاوا، إنه وأكاديميين آخرين لاحظوا اتجاهاً من جانب إيران لتشجيع الجماعات المسلحة من بلدان مختلفة على العمل معاً. ويشيرون إلى الجهود التي تبذلها الجماعات العراقية واللبنانية نيابة عن نظام بشار الأسد خلال الحرب الأهلية السورية.
وقال إن هناك "مؤسساتية متزايدة للعلاقات بين شركاء إيران في محور المقاومة"، وأضاف أنه لتحقيق هذه الغاية، أنشأت طهران غرف عمليات مشتركة وعقدت اجتماعات منتظمة تجمع بين قادتها، وهي الجهود التي "تكثفت" منذ هاجمت حماس وحلفاؤها إسرائيل وبدأت الحرب في غزة.
أحد المخاوف هو أن وجود العديد من الجماعات المدعومة من إيران في
العراق قد يدفع الجيش الإسرائيلي إلى توجيه ضربات داخل العراق، مما يؤدي إلى زعزعة استقرار المنطقة بشكل أكبر.
وعلى نحو مماثل، هناك مخاوف من أن تتعاون الفصائل المسلحة العراقية بشكل متكرر مع الوكلاء المدعومين من إيران وتنسق هجماتها ضد إسرائيل في وقت واحد. فقد ادعت الجماعات العراقية، إلى جانب الحوثيين، أنها شنت هجمات مشتركة على إسرائيل ثماني مرات في يونيو/حزيران وثلاث مرات في يوليو/تموز، وفقًا لتقويم الضربات الذي يحتفظ به معهد واشنطن، وهو مركز أبحاث مقره العاصمة.
وتبين الصحيفة ان "حماس افتتحت مكتبها في
بغداد في منطقة العرصات، وهي منطقة من الطبقة المتوسطة تضم مزيجاً من المنازل المكونة من طابقين والتي بُنيت في سبعينيات القرن العشرين والمباني الحديثة، وتمر عبر شوارع تضم مجموعة من مقاهي البيتزا ومتاجر الأثاث فضلاً عن المباني الجديدة، بعضها لا يزال قيد الإنشاء، وتخضع مساحات شاسعة من المنطقة لسيطرة كتائب حزب الله، أبرز الجماعات المسلحة الشيعية العراقية الموالية لإيران وأكثرها سرية.
إن ممثل حماس في
بغداد هو محمد الحافي، عضو
مكتب حماس للعلاقات العربية والإسلامية. وفي اتصال هاتفي في أغسطس/آب في بغداد، رفض الحافي طلباً للتحدث مع صحيفة نيويورك تايمز قائلاً: "ليس لدي إذن بالتحدث مع وسائل الإعلام".
وقد التقى الحافي، الذي توفر له كتائب حزب الله الحماية الأمنية في العراق، بعدد من المجموعات والأفراد العراقيين، سواء من المنظمات الشيعية المرتبطة بمحور المقاومة أو المجموعات السنية التي تشترك مع حماس في فلسفة جماعة الإخوان المسلمين.
وقال حسام الربيعي، المتحدث باسم حزب الخدمات، وهو حزب سياسي شيعي
عراقي تابع لجماعة مسلحة قريبة من إيران، إنه التقى بالسيد الحافي في عدة مناسبات. وأضاف أن المكتب يوفر وسيلة للعراقيين لإقامة صلة مباشرة مع حماس.
وقال الربيعي إن "الحافي شخصية سياسية وليس عسكرية، ووجود
مكتب له يسمح له بنقل الرسائل إلى السياسيين العراقيين بشكل مباشر وليس عبر وسيط".
وكان افتتاح
مكتب حماس بمثابة نعمة للحزب الإسلامي العراقي، وهو حزب سني يشترك في فلسفة الإخوان المسلمين، ولكنه لم يكن له حضور علني يذكر في السنوات الأخيرة. وقد أدان بعض الدول العربية جماعة الإخوان المسلمين، وهي منظمة سنية دولية، باعتبارها منظمة إرهابية، ولكن دولاً أخرى احتضنتها.
وقال رشيد العزاوي رئيس الحزب الإسلامي
العراقي إن الحرب في غزة، والتي كانت مدمرة للمدنيين، جلبت التعاطف من العراقيين من جميع الأديان وجعلتهم أكثر انفتاحا على وجود حماس. وأضاف أن الجماعة ينظر إليها على أنها تقاتل من أجل "قضية إنسانية".
وحظي الحوثيون باستقبال حار بشكل خاص بين الشيعة.
منذ أوائل يوليو/تموز، التقى ممثل الحوثيين في العراق، أبو إدريس الشرفي، بشخصيات بارزة في بغداد، بما في ذلك قيس الخزعلي، زعيم جماعة عصائب أهل الحق المسلحة المرتبطة بإيران ومؤسس جناحها
السياسي المؤثر. كما زار ممثل الحوثيين زعماء قبليين في المناطق الريفية في جنوب العراق، ونشر مقطع فيديو على قناة الحوثيين في
العراق لخطاب ألقاه هناك وهو يرتدي خنجرًا احتفاليًا ويلوح بقوة بينما يحثهم على شن الجهاد ضد إسرائيل.
وقال سعد السعدي عضو القيادة السياسية لحزب صادقون، الحزب
السياسي الشيعي الرائد في البرلمان العراقي، إن "وجود ممثل للحوثيين في
العراق أمر مرحب به من قبل كافة الأطراف السياسية في العراق، خاصة وأنهم يمثلون الحكومة اليمنية ويمثلون أيضا جزءا مهما من محور المقاومة".