وجاء في نص التوضيح:
بعد ان قرر مجلس
القضاء الاعلى بجلسته المنعقدة بتاريخ 23 / 1 /
2020 مفاتحة رئاسة الجمهورية لالغاء المرسوم الجمهوري الخاص بتعيين
السيد (محمد رجب الكبيسي) عضوا اصليا في
المحكمة الاتحادية للاسباب التي ذكرت في الكتاب الصادر عن
مكتب السيد رئيس مجلس
القضاء الاعلى، كما قرر في ذات الجلسة الاعمام الى المحاكم كافة عدم العمل بأي قرار يصدر عن
المحكمة الاتحادية إذا كان القاضي المذكور عضوا في تشكيلتها لعدم صحة عضويته مما يترتب عليه أن يكون أي قرار صادر عنها بتلك التشكيلة قرارا معدوما من الناحية القانونية.
على اثر ذلك انعقدت
المحكمة الاتحادية بتاريخ 26/1/
2020 واصدرت مايسمى ( القرار المرقم /15 / اتحادية /2020) والذي لايمكن ان يعد قرارا قضائيا كونه جاء خلافا للصلاحيات المنصوص عليها للمحكمة في المادة 93 من الدستور، اذا لوحظ ان ماصدر عنها من حيث الشكل يوحي بانه قرار من خلاله شكليته وتسبيبه ومن ثم البت في صحة عضوية القاضي محمد رجب الكبيسي والنص فيه على انه صدر بالاتفاق، ولكن من الناحية القانونية لايمكن لابسط المتخصصين في
القانون ان يقروا على ان ماصدر عن
المحكمة بالعدد والتاريخ المذكور يعد قرارا قضائيا لانه لم يكن بناء على ادعاء او طلب من اي شخص او جهة وانما اجتمع رئيس واعضاء
المحكمة فيما بينهم لغرض التداول بالشؤون المتعلقة بالمحكمة كما ورد فيما سمي بموجبات الانعقاد.فهل يمكن ان نسمي ماصدر عنها (قرارا تداوليا)؟ وهل يوجد مثل هكذا قرار في الفقه القضائي او الفقه الدستوري؟
بالتاكيد لايوجد هكذا قرار في فقه
القضاء العادي ولا
القضاء الدستوري وان التداولية في الفقه الدستوري تطلق على شكل من اشكال الديقراطية والذي يحدث فيها التداول السلمي للسلطة.
1- نص قانون
المحكمة الاتحادية النافذ رقم 30 رقم 2005 ان
المحكمة تتكون من رئيس وثمانيةاعضاء فقط ولم ينص
القانون المذكور على اعضاء احتياط فيها لذا فان حكم المادة 6/ ثالثا من
القانون والخاص باستمرار رئيس واعضاء
المحكمة بالخدمة دون تحديد حد اعلى للعمر يسري على رئيس
المحكمة واعضائها الاصليين المعينين تعينيا ولا يسري ذلك على الاعضاء الاحتياط حيث ان
السيد (محمد رجب الكبيسي) كان قد احيل على التقاعد بموجب امر قضائي من مجلس
القضاء الاعلى كونه كان عضوا في
محكمة التمييز الاتحادية وليس عضوا في
المحكمة الاتحادية لبلوغه السن القانونية وقد بلغ الان من العمر اكثر من سبعين سنة لذا لا يجوز تعيينه عضوا اصليا ابتداءا، وقد اقر رئيس
المحكمة الاتحادية بذلك بموجب كتابه الموجه الى رئاسة الجمهورية بتاريخ 30 / 6 / 2014 اذ تضمنت الفقرة 2 منه بان قانون
المحكمة الاتحادية لم ينص على تعيين اعضاء احتياط فيها وطلب في ذات الكتاب ان يتم تسمية القاضيين (عاد هاتف جبار ومحمد رجب الكبيسي) كاعضاء احتياط بدلا عن القاضيين (سامي المعموري وابراهيم خليل) كون الاخيرين قد احيلا على التقاعد لبلوغهما السن القانونية باعتبارهما عضوين في
محكمة التمييز الاتحادية اي انه قد اقر وبشكل صريح بعدم جواز تعيين القاضي المتقاعد او عمله عضوا احتياط في
المحكمة الاتحادية.
2- حيث ان قانون
المحكمة الاتحادية النافذ لم ينص على وجود اعضاء احتياط للمحكمة كما ذكرنا لذا لا يمكن ان يكون تعيين العضو الاحتياط كعضو اصلي امتدادا لشخصيته ومهامه كما ورد في القرار المذكور وانما يجب ان يكون التعيين بالالية التي رسمها
القانون في المادة (3) من قانون
المحكمة الاتحادية والمادة (3) من قانون مجلس
القضاء الاعلى، وبما ان كلا المادتين قد تعطل العمل بهما بسبب الحكم بعدم دستوريتهما من قبل ذات
المحكمة فلا توجد في الوقت الحاضر اية جهة مخولة قانونا بترشيح اي عضو اصلي في
المحكمة الاتحادية.
وهذا ما اقرته
المحكمة الاتحادية في قرارها بالعدد 38/ اتحادية/ 2019 في 21/ 5/ 2019 القاضي بعدم دستورية المادة (3) من قانونها عندما طلبت من مجلس النواب اصدار تشريع لتحديد الجهة التي يحق لها ترشيح رئيس واعضاء المحكمة،فمن الذي منح للمحكمة صلاحية ترشيح عضو جديد فيها الى رئاسة الجمهورية لاصدار المرسوم بتعيينه؟!.
كما ان ترشيح القاضي محمد رجب الكبيسي كعضو احتياط ابتداءا كان مخالفا لنص المادة 3 من قانون
المحكمة الاتحادية والذي كان نافذا في حينها اذ كان ينبغي ان يكون الترشيح من قبل مجلس
القضاء الاعلى في حين كان الترشيح من قبل رئيس
المحكمة الاتحادية وبهذه الصفة وليست بصفته رئيسا لمجلس
القضاء الاعلى وذلك بموجب كتاب
المحكمة الاتحادية الموجه الى رئاسة الجمهورية بالعدد 233 / ت/ 2014 في 30 / 6 / 2014 وهذا ما يترتب عليه بطلان الترشيح ايضا.
3- ناقش القرار المذكور موضوع اداء العضو الجديد اليمين القانونية وهو موضوع مهم جدا اذا لا يمكن لاي عضو في
المحكمة اداء اعماله فيها الا بعد اداء اليمين المنصوص عليها في المادة 7 من قانونها.وقد توصل القرار الا ان
السيد (محمد رجب الكبيسي) سبق له وان ادى اليمين امام رئيس واعضاء
المحكمة عندما اصبح عضوا احتياطا فيها بموجب المرسوم الجمهوري المرقم 118 لسنة 2014،في حين كان اليمين المذكور على فرض اداءه فعلا وعلى فرض التسليم بوجود اعضاء احتياط، كان فيها حينها يمينا غير قانوني لانه لم يؤدى امام الجهة التي نصت عليها المادة (7) من قانون
المحكمة وهي (مجلس الرئاسة) مجلس رئاسة الجمهورية وقد كان مجلس الرئاسة موجودا في عام 2014 اذا كان هنالك رئيسا للجمهورية ونائبين له. وقد جاء في القرار وانه وبعد الغاء مجلس الرئاسة بموجب المادة 138/ اولا/ من الدستور اصبحت الجهة التي يتم حلف اليمين امامها غير محددة دستوريا او قانونية في حين كان نص المادة المذكورة قد تضمن ان يحل تعبير مجلس الرئاسة محل تعبير رئيس الجمهورية اينما ورد في الدستور . ويعاد العمل بالاحكام الخاصة برئيس الجمهورية بعد دورة واحدة لاحقة لنفاذ الدستور . مما يعني ان صلاحية مجلس الرئاسة وصلاحية رئيس الجمهورية هي ذاتها وان الجهة التي يجب اداء اليمين امامها بعد الغاء مجلس الرئاسة هو رئاسة الجمهورية .
وعلى فرض صحة ما ذهبت اليه
المحكمة في قرارها على ان الجهة التي يجب اداء اليمين امامها قد اصبحت غير محددة دستورياً او قانونياً فهل يجوز القول ان التداول مع رئاسة الجمهورية هو الطريقة التي تحدد تلك الجهة كما ورد القرار ؟ ( لذا تم التداول مع رئاسة الجمهورية حول ذلك وتم الرأي بان يحلف العضو الجديد في
المحكمة امام رئيس واعضاء
المحكمة الاتحادية ) . أي ان هذا المنطق يقضي بان التداول مع رئاسة الجمهورية يمكن ان يكون حلاً لملئ أي فراغ دستوري وقانوني فلماذا لم يتم التداول معها لتحديد الجهة التي يحق لها ترشيح رئيس واعضاء
المحكمة الاتحادية كما اوجد الجهة التي يؤدي اليمين امامها ؟!.
4- ارسلت
المحكمة الاتحادية ترشيحها
السيد ( محمد رجب الكبيسي ) الى
السيد رئيس الجمهورية لاصدار المرسوم بتعيينه كعضو اصلي في
المحكمة ( مع عدم صلاحيتها في ذلك ) ولكن لو سلمنا جدلا بما اوردته من تبرير ’ فما هو السند القانوني لاختصاص رئيس الجمهورية في تعيينه ؟ اذ ان النص الوحيد الذي كان ينص على صلاحية تعيين رئيس واعضاء
المحكمة الاتحادية هو نص المادة (3) من قانون
المحكمة الاتحادية الذي الغي منه الجزء المتعلق بصلاحية مجلس
القضاء الاعلى لترشيح رئيس واعضاء
المحكمة بموجب القرار المرقم 38/اتحادية/2019 في 21/5/2019 والذي اعطى تلك الصلاحية لمجلس الرئاسة وليس لرئيس الجمهورية، أي ان الجهة التي لها الصلاحية بتعيين أي عضو في
المحكمة الاتحادية قد اصبحت غير محددة بعد الغاء مجلس الرئاسة بموجب المادة 138/اولاَ من الدستور وفقاَ لمنطق
المحكمة الاتحادية ، فلماذا حل رئيس الجمهورية محل مجلس الرئاسة في هذه الحالة وطلبت منه
المحكمة تعيين عضواَ اصلياَ فيها في حين لم يحل محل المجلس في الجهة التي يجب اداء اليمين امامها ؟!.
من خلال ماتقدم يتضح بشكل جلي ان تعيين
السيد ( محمد رجب الكبيسي ) كعضو في
المحكمة الاتحادية كان مخالفا لاحكام
القانون وبذلك يكون تشكيل
المحكمة باعتباره عضوا فيها غير صحيح وبالتالي فان أي قرار يصدر عنها يكون قراراَ معدوما ، وان القرار المعدوم لا يحتاج الى صدور قرار بالحكم بانعدامه ، كما ان القرار المذكور لا تلحقه الحصانة المنصوص عليها في الدستور او
القانون باعتبار قرارات
المحكمة الاتحادية باتة وملزمة .فلا الزام ولا بتات لحكم معدوم وهذا ما اشار اليه مجلس
القضاء الاعلى في اعمامه الى المحاكم التابعة له .
5- نصت المادة (19) من النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية والذي اصدرته
المحكمة ذاتها وهو ملزم لها في كل الاحوال بان يطبق قانون المرافعات المدنية رقم (83) لسنة 1969 المعدل فيما لم يرد به نص خاص في قانونها او نظامها الداخلي ’ حيث ان المادة 91/4 من قانون المرافعات المدنية قد نصت على عدم جواز اشتراك القاضي في نظر الدعوى اذا كان له مصلحة فيها لذا يجوز للسيد ( محمد رجب الكبيسي ) ان يشترك في تشكيلة
المحكمة للنظر بصحة عضويته فيها , وبالتالي يكون القرار الصادر عن
المحكمة بتاريخ 26/1/2020 والذي تم مناقشته قرارا معدوما ايضا لعدم صحة تشكيل
المحكمة للاسباب التي ذكرناها سلفا وبسبب اشتراك عضو لا يجوز له الاشتراك في تشكيلها استناداً لنص المادة 91/4 من قانون المرافعات المدنية على فرض صحة عضويته التي نجزم على عدم صحتها .
ان مجلس
القضاء الاعلى لا يمكن ان يكون غير معني بما يصدر عن
المحكمة الاتحادية بشكل عام وفي هذا الموضوع بشكل خاص اذ ان القاضي المتقاعد ( محمد رجب الكبيسي ) يتقاضى راتبه التقاعدي من موازنة مجلس
القضاء الاعلى ولم يتم الغاء الامر القضائي باحالته على التقاعد والصادر عن مجلس
القضاء الاعلى كذلك فان القرارات التي تصدر عن تلك
المحكمة تكون محل تطبيق من قبل المحاكم التي تتبع مجلس
القضاء الاعلى ومنها على سبيل المثال الهيئة القضائية المختصة بتدقيق قرارات مجلس مفوضية الانتخابات وتصديقها من قبل
المحكمة الاتحادية العليا وهذا التداخل والترابط القضائي هو ما جعل مجلس
القضاء الاعلى يتصدى لمثل تلك القرارات التي سببت وتسبب الكثير من المشاكل المالية والسياسية للبلد.