السومرية نيوز /
بغداد
أعربت الأمم المتحدة، الأحد، عن قلقها من الارتفاع "المثير للقلق" في أحكام الإعدام التي تنفذها السلطات في العراق، منذ إعادة العمل
بعقوبة الإعدام عام 2005، وفيما أشارت الى أن العمل
بعقوبة الإعدام في هذه الظروف يحمل في طياته خطر "الأخطاء الجسيمة" التي لا يمكن الرجوع عنها في تطبيق أحكام العدالة، ناشدت الحكومة العراقية إعادة النظر في تنفيذ أحكام الإعدام.
وقال تقرير لبعثة الأمم
المتحدة لمساعدة
العراق (UNAMI) ومكتب المفوضية السامية للأمم
المتحدة لحقوق الإنسان (OHCHR) تلقت "السومرية نيوز" نسخة منه، إن "عدد أحكام الإعدام التي نفذت في
العراق ارتفعت بشكل كبير بين عامي 2005 و2009"، مبينا أنه "في عام 2009 تم إعدام 124 شخصا".
وأضاف التقرير أنه "على الرغم من تراجع معدل تنفيذ الأحكام في 2010، إلا أن عدد الأحكام المنفذة تصاعد بشكل كبير بين عامي 2011 و2013، و بلغ ذروته بإعدام 177 شخصا شنقا سنة 2013"، مشيرا الى أنه "قد أعدم في الفترة بين الأول من كانون الثاني والثلاثين من أيلول 2014، 60 شخصا على الأقل".
وبين أنه "غالبا ما يتم تنفيذ أحكام الإعدام في
العراق على شكل دفعات، ففي إحدى المرات في سنة 2013 تم تنفيذ حكم الإعدام بحق 34 شخصا في يوم واحد".
وأشار التقرير الى أنه "وفقا لوزارة العدل العراقية، فإن هناك 1724 سجينا ينتظرون تنفيذ أحكام الإعدام الصادرة بحقهم"، مبينا أن "هذا الرقم يشمل أولئك الذين صدرت بحقهم أحكام من محاكم البداءة وأولئك الذين تنظُر قضاياهم محاكم الاستئناف بالإضافة إلى الذين ينتظرون تنفيذ الأحكام الصادرة بحقهم".
وتابع أن "بعثة الأمم
المتحدة لمساعدة
العراق (UNAMI) ومكتب المفوضية السامية للأمم
المتحدة لحقوق الإنسان (OHCHR) عبرا مرارا عن قلقهما حيال نقاط الضعف التي لوحظت في النظام القضائي العراقي، وإن التحقيقات الجنائية والإجراءات القضائية في حالات الأحكام بالإعدام كثيرا ما لا تلتزم بالضمانات الدولية والدستورية الخاصة بالأصول المرعية ومعايير المحاكمات العادلة".
وأوضح التقرير أن "القضاة تجاهلوا وعلى نحو منهجي- فيما يزيد عن نصف المحاكمات التي رصدتها البعثة والتي تضمنت حكما بالإعدام- تجاهلوا ادعاءات المتهمين التي تفيد بتعرضهم للتعذيب لحملهم على الإدلاء باعترافاتهم، فيما لم يتخذوا إجراءات كافية أو لم يتخذوا إجراءات البتة في القضايا المتبقية".
ولفت الى أن "القضاة مضوا في كل القضايا تقريبا إلى إدانة المتهمين والحكم عليهم بالإعدام بالاعتماد حصرا أو بشكل أساسي على وزن دليل الاعتراف المشكوك في صحته أو شهادة المخبر السري"، مشيرة الى أنه "مثل معظم المتهمين أمام المحكمة بدون ممثلين قانونيين عنهم، وفي الحالات التي عينت فيها المحكمة محامين لهم فإن المتهمين لم يمنحوا وقتا كافيا لإعداد دفاعهم على نحو ملائم".
وأشار التقرير الى أن "العمل
بعقوبة الإعدام في هذه الظروف يحمل في طياته خطر الأخطاء الجسيمة والتي لا يمكن الرجوع عنها في تطبيق أحكام العدالة لأن من المحتمل أن يواجه أشخاص أبرياء حكم الإعدام عن جرائم لم يرتكبوها"، مستدركا "وبصرف النظر عن إنصاف ضحايا أعمال العنف والإرهاب وأسرهم، فإن الأخطاء القضائية لا تعدو كونها تفاقم تأثيرات الجريمة باحتمال إعدام أشخاص أبرياء وتقويض أي عدالة حقيقية قد يحصل عليها الضحايا وأسرهم".
ونقل التقرير عن الممثل الخاص للأمين العام للأمم
المتحدة في
العراق نيكولاي ملادينوف قوله إن "الأعداد الكبيرة للأشخاص المحكوم عليهم بالإعدام في
العراق تبعث على القلق، لاسيما وأن الكثير من هذه الأحكام تستند على أدلة مشكوك فيها وإخفاقات منهجية في تنفيذ العدالة"، مضيفا "أناشد الحكومة العراقية إعادة النظر في موقفها بشأن فرض
عقوبة الإعدام".
وبحسب التقرير، حث المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم
المتحدة زيد رعد الحسين، الحكومة الجديدة في
العراق على "التعهد بالالتزام بمعالجة أوجه القصور الخطيرة في نظام العدالة الجنائية في البلاد"، منوها الى أن "الحكومة الجديدة في
العراق تواجه العديد من التحديات الأمنية الخطيرة، ولذلك أصبح من الملح أكثر من أي وقت مضى تعزيز سيادة القانون وترسيخها بقوة في البلاد، وبالنظر لضعف نظام العدالة الجنائية في العراق، فإن إعدام أشخاص تكون إدانتهم موضع شك لن يؤدي إلا إلى تفاقم الإحساس بالظلم والتهميش لدى شرائح محددة من السكان والذي سوف يكون بدوره أحد العوامل المساعدة التي يستغلها المتطرفون لتأجيج العنف".
وتطبق أحكام الإعدام في
العراق على مجموعة من الجرائم، من بينها الأعمال "الإرهابية" والجرائم ضد الأمن الداخلي والجرائم التي تؤثر على الأمن الخارجي للدولة والخطف والاغتصاب والاتجار بالمخدرات حيث تنتج الوفاة والدعارة وجرائم القتل المقترن بظروف مشددة.
وبموجب القانون الدولي، فإنه لا يجوز تطبيق
عقوبة الإعدام إلا على مرتكبي الجرائم الأشد خطورة وبعد اعتماد أشد التدابير صرامة لضمان محاكمة عادلة.
ويتم تفسير مصطلح "أخطر الجرائم" من قبل آليات حقوق الإنسان باستمرار على أنها القتل العمد والأشكال الأخرى من القتل المتعمد، غير أنه لا ينبغي التذرع بهذا الحكم لتأخير أو منع إلغاء
عقوبة الإعدام، وفقا للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
ومنذ عام 2007 اعتمدت الجمعية العامة للأمم
المتحدة مجموعة من القرارات التي تدعو الدول التي ما تزال تطبق
عقوبة الإعدام إلى "وقف تنفيذ أحكام الإعدام تمهيدا لإلغاء
عقوبة الإعدام"، فيما كان آخر تلك القرارات، القرار الذي تم اعتماده عام 2012.