حجم الاحتجاج صغير ولكنه صاخب، حيث تجمع بضع مئات من الشباب في "ساحة البريد/ Postplatz" في بلدة دافوس السويسرية، وسيارات فارهة سوداء تعبر متجهة إلى المنتدى. هذه المنطقة المعروفة والمفضلة لدى المتزلجين، مختلفة هذه الأيام، خلال انعقاد المنتدى الاقتصادي
العالمي. حيث تتحول المخابز والمقاهي والمحلات التجارية إلى مقرات للبنوك والشركات والدول. فالحانة أصبحت الآن "البيت البلجيكي"، حيث تم تبديل الأثاث القديم، بأثاث أنيق وملصقات دعائية كبيرة.
"افترسوا الأغنياء" و"افرضوا الضرائب على الأغنياء" هذه بعض الشعارات التي يرددها المحتجون الذي يغلقون بعض الشوارع.
احتجاج وغضب الشباب موجه ضد المشاركين في المنتدى الاقتصادي العالمي، ويرون أن المنتدى هو عبارة عن هدر للمال والوقت. "نحن نحتج ضد اجتماع لوبي الأغنياء والأقوياء في دافوس. الأمر واضح، إنهم مسؤولون عن أزمات هذا العصر"، تقول ميريام هوستيتمان، من منظمة الشباب الاشتراكيين السويسرية المشاركة في تنظم الاحتجاج تحت شعار "إضراب المنتدى الاقتصادي
العالمي في دافوس/ Strike WEF"
الشابة إينس يابار، القادمة من البيرو، تنظر إلى المنتدى من زاوية أخرى، وقد تم توجيه دعوة رسمية لها للمشاركة في المنتدى. في ليما عاصمة بلدها البيرو، تناضل يابار مع غيرها من أجل حماية البيئة، وبحث المشاكل الاجتماعية، وهي معروفة كناشطة ضمن شبكة "غلوبال شيبر/ Global Shaper"، وهي شبكة عالمية تضم شباب نشطاء ملتزمين في سن 20 إلى 30 عاما وتتلقى المشورة من منتدى دافوس، ولكنها تنظم نفسها بشكل مستقل، فهي مستقلة غير تابعة للمنتدى.
الشابة البيروفية، إينس يابار، تريد خوض نقاشات مع الأقوياء في المنتدى. إنها تريد بناء جسور، ولكن التحدث بلغة واضحة وصريحة أيضا. وهي تتفهم الاحتجاجات ضد المنتدى في دافوس، وتقول "أعتقد أن هذا يظهر مدى اهتمام الشباب. سنحتج، لأننا نريد أن نرفع صوتنا من أجل الأشياء التي نتحمس لها. نحن ممثلون في أماكن يمكننا التحدث فيها بعمق مع هؤلاء الذين يتخذون القرارات التي تتعلق بمستقبلنا".
الناشطة النيجيرية أولاجوموك أديكي تريد بحث "زرع الأفكار، وكيف يمكن تشجيع وتقوية الشباب ليستطيعوا تحمل مسؤوليات أكبر" من خلال مشاركتها في دافوس .
يشارك 50 ناشطا من شبكة "Global Shaper" من مختلف أنحاء العالم في منتدى دافوس 2025. فالأمر يتعلق بالعدالة الاجتماعية وتغير المناخ والذكاء الاصطناعي والعديد من المواضيع. والحضور في المنتدى فرصة، فالكثير من الشباب غير راضين، إذ لا يمكن الاستمرار هكذا، حسب رأي الشابة النيجيرية أولاجوموك أديكي.
أديكي، غاضبة لأن فقط 2,8 بالمئة من النواب البرلمانيين في العالم دون سن الثلاثين. وفي أفريقيا جنوب الصحراء جزء كبير من السكان تحت سن 25 عاما، لكن عندما يتعلق الأمر باتخاذ القرار بشأن مستقبل هؤلاء الشباب، لا يتم الاستماع إليهم، وهي هنا من أجل تغيير هذا الوضع.
في الأيام القادمة خلال المنتدى ستنام أديكي قليلا، جدول مواعيدها مزدحم، فماذا لديها؟ تجيب "زرع الأفكار، وكيف يمكن تشجيع وتقوية الشباب ليستطيعوا تحمل مسؤوليات أكبر. معا، يمكن للشباب هنا والمحتجين في الخارج، بعث رسائل قوية بأنه يمكن إحداث تغيير".
أكشاي ساكسينا أيضا يؤمن بقوة الشباب، وهو يتمنى حدوث تغيير، ويقول "الكثير من القرارات التي تتعلق بالأغلبية، تتخذها مجموعة صغيرة جدا". هذا الشاب الهندي يدعم مع منظمته "Avanti Fellows" المواهب الشابة. ويركز على أطفال الأسر الفقيرة، الذين لا يستطيعون الوصول إلى النظام التعليمي. ويقول "هناك الكثير من الأطفال الأذكياء، أناس غير عاديين، غالبا ما تضيع مواهبهم".
في منتدى دافوس 2025، تم اختيار وتكريم ساكسينا، كرجل أعمال اجتماعي لهذا العام، ويقول "إذا كان ينبغي للرأسمالية أن تنجح، فإنه يجب على الذين يملكون الكثير، التبرع بجزء من ثروتهم.
هذه مسؤوليتهم الاجتماعية". يشارك حوالي 70 ألف شابة وشاب هندي في دورات أونلاين التي تقدمها منظمة Avanti Fellows" في الرياضيات والتكنولوجيا والعلوم. وآخرون يتلقون دعما مستهدفا في المدارس من خلال برامج المنظمة.
يتحدث أكشاي ساكسينا بفخر عن هؤلاء الذين حصلوا عن دعم من منظمته وتخرجوا من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا المرموق في الولايات المتحدة. ويقول "أسلوبي يركز على النتيجة" ويضيف وهو يجول بنظره على جبال سويسرا، "يجب حل المشاكل من قبل هؤلاء الذين يتأثرون بها أكثر. وبالتأكيد هناك شيء من الحقيقة في ذلك".