وفي
الأول من أبريل من كل عام، يحيي الأشوريون والسريان والكلدانيون في العراق، وسوريا أيضا، احتفالات السنة الآشورية أو عيد "أكيتو" الذي مازال حاضرا في ثقافتهم رغم مرور آلاف السنين على ذكراه.
وتستمر الاحتفالات طوال 12 يوما كما كان يحدث سابقا في بابل وآشور..
وتغيب الإحصاءات
الدقيقة لأعداد المسيحيين في البلاد. لكن تقديرات تشير إلى أن عددهم لا يتخطى 400 ألف نسمة، من نحو مليون ونصف مليون قبل عقدين، هاجروا بفعل عشرين عاما من الحروب والنزاعات.
ويعد شمال
العراق مركزا مسيحيا مهما، لكن هيمنة تنظيم "داعش" على المنطقة في العام 2014 والانتهاكات التي ارتكبها، هجرت قرى بكاملها، فيما لجأت عائلات إلى إقليم
كردستان وأخرى هاجرت إلى أوروبا أو كندا.
أصل الاحتفال
بحسب مصادر تاريخية، فإن بدايات العيد تقع بين الألفين الرابع والخامس قبل الميلاد، فيما يشير عدد من المؤرخين إلى أن السومريين والساميين احتفلوا به منذ عصر أريدو أي 5300 ق. م، وبالذات في جنوب بلاد ما بين النهرين، وباسم "زاكموك Zag mug" وكان يُحتفل به مرتين في العام الواحد، في الربيع والخريف.
وتتمثل طقوس الاحتفال بعيد "أكيتو" لدى بابل القديمة بانطلاق موكب الملك وخلفه رعية من عامة الشعب على وقع تراتيل دينية تمجد الإله مردوخ فضلا عن ممارسات أخرى بينها رش الماء وشراب النبيذ، بحسب تقرير لمنصة "إرفع صوتك".
الأسطورة
تعود احتفالات سكان بلاد ما بين النهرين برأس السنة البابلية الآشورية إلى أسطورة اكتشفت في خرائب نينوى، مفادها زواج عشتار آلهة الحب من تموز إله الخصب، وتتضمن تفاصيل حول نزول عشتار إلى العالم السفلي وحجزها هناك وعدم اكتراث زوجها تموز بذلك.
وتضيف الأسطورة أن "عشتار طالبت مجلس الآلهة بمعاقبة تموز ليقرر المجلس منحه الخلود النصفي، أي يبعث إلى الحياة ستة أشهر وينزل إلى عالم الأموات ستة أخرى وهكذا يبعث تموز في
الأول من أبريل ثم يعود إلى العالم السفلي بنهاية سبتمبر.
ولا يزال البعض يزرع حفنة من الحنطة والشعير فى إناء قبل أبريل ويضعها في النافذة أو أمام الباب على أن تنبت قبل
الأول من الشهر المذكور.
واسم التقليد بالسريانية "دقنة نيسان"، أي لحية نيسان، أما الساميون الذين سكنوا
العراق القديم قبل وأثناء وبعد السومريين فقد اختاروا له تسمية "أكيتو" وتعني "الحياة".
وفي حديث لوكالة رويترز، قال كندر وليم، منظم احتفال هذا الاثنين، أن الاحتفالت تدوم من 1 إلى 12 إبريل، "نسميها احتفالات أكيتو" وفق تأكيده.
وأضاف "منذ فترة قبل الميلاد، كان الأجداد يحتفلون بهذا اليوم.. بداية تجدد الحياة، تجدد المعيشة".
وقال أحد المشاركين في الاحتفال، يدعى هرمز موشي، إن الحضور توافدوا من أنحاء
العراق ومن العراقيين المقيمين في الخارج للاحتفال بهذه المناسبة في دهوك.
وأضاف أن من المشاركين من جاء من المهجر، ومن جميع المدن العراقية والأقاليم، "الجميع حضر لهذه المناسبة، وفي كل عام يتم إحياء هذه المناسبة في بلدة دهوك".
سر التسمية
كلمة أكيتو كانت تُلفظ عند البعض "حِجتو" وذلك في اللغة الأكادية والعربية لاحقاً، أما في اللغة السريانية الآرامية فلا تزال كلمة "حج" تعني الاحتفال إلى اليوم.
وفي اللغة البابلية القديمة كانوا يسمون هذا العيد "ريش شاتم". وتعني كلمة ريش: رأس، و شاتم تعني: سنة.
وفي لغة "السورث" المحكية حتى اليوم في
العراق من قِبَل الكلدان لا يزال يلفظونها: "ريش شاتة" أي رأس السنة.
واستناداً لبحوث تاريخية، فإن ذلك العيد كان معروفاً منذ الأزمنة العتيقة لبلاد ما بين النهرين في مدن مثل أريدو، وأور، ولجش، وكيش، وأوروك. وهو واحد من عيدين رئيسيين: زاكموك وأكيتو.
ويقول موقع "العراق في التاريخ" إن عيد أكيتو لم يكن يمثل احتفالا دينيا فقط، بل كانت له أهمية سياسية واجتماعية في المجتع البابلي – الآشوري.
ويبرز الموقع أن طقوس الاحتفال تتضمن تجديد حكم الملك والكاهن الأكبر وإبداء خضوعهما للإله الذي تقدم له القرابين، كما تتضمن الطقوس تخصيص يومين لتقرير المصائر والشرعية لملوك بلاد الرافدين.
ويصادف هذا العيد الاعتدال الربيعي الذي يحدث بين شهري مارس وإبريل ويستمر اثني عشر يوماً يتم خلالها الاحتفال بالآلهة مردوخ ونابو، وكذلك مدينة بابل، وفق موقع "آركيولوجي" التابع للحكومة الفرنسية.
ويقام هذا الحفل على شارع الموكب ويمر تحت بوابة عشتار الشهيرة، لينتهي خارج الأسوار في معبد أكيتو حيث يتم أداء الطقوس خلال الأيام الأخيرة من المهرجان.
يذكر أن عيد أكيتو في الأصل هو احتفال زراعي كان يقام في الربيع والخريف، ثم اتخذ بعداً جديداً من خلال ارتباطه بالعام الجديد.
وتوارثت الأجيال هذا الحتفال، من خلال الممارسة، وحتى كتابات الألف
الأول للفترة الاشورية الحديثة والبابلية الجديدة، وفق ذات المصدر.