بغداد /
السومرية نيوز
يكشف أحمد راضي، أحد أشهرِ لاعبي كرةِ القدم في العراق، كواليسَ أنديةِ النخبة في العقدين الأخيرين قبل أحداث 2003، وكيف استحوذ عدي صدام حسين، نجل رئيس النظام السابق، على نادي
الرشيد. اللاعب الذي اُعتبِرَ لسنوات أيقونةً تحظى بالاهتمام الجماهيري، وكاريزما رياضية نالت الكثير من الحب والإعجاب، يزيح اليوم اللثام عن الوجه الآخر من سيرته البراقة تلك.
راضي، وعبر حسابه الشخصي في موقع "فيس بوك"، نشر ليلة 15 أيار 2013، ما عنونه "الجزءَ الأول" من مذكراته الشخصية، وفيه
سلطة الضوء على الظروف التي قادته إلى التوقيع، مرغماً، على نادي
الرشيد الذي كان يديره حسين كامل، رئيس جهاز الأمن الخاص، ويمسك بزمام الأمور فيه عدي صدام.
ويقول راضي، في مستهل المذكرات التي أطلعت عليها "السومرية"، إنه "في العام ١٩٨٤ استطاع نادي
الرشيد الصعود الى مصاف أندية الدرجة الأولى في الدوري العراقي، وكان الهدف من وجود حسين كامل فيه هو الإفادة من موقعه الحكومي والصلاحيات غير المحدودة التي يحوز عليها، خاصة الدعم المادي الكبير وتبويبه بارتباط النادي بجهاز الأمن الخاص ورئيسه"، في حين أشار إلى أن المسؤولية المباشرة لإدارة النادي كانت لعدي صدام"، وإنه فَهِمَ أن "أهداف تأسيسه كانت بعيدة المدى رياضياً وسياسياً".
وقبل أن يحدث ما يحدث مع راضي بشأن توقيعه على "طلب الانضمام إلى نادي الرشيد"، استذكر لاعب المنتخب الوطني، وهداف دوري النخبة لسنوات عديدة، حادثةً مع شيخ المدربين العراقيين :"في ذلك الوقت كنتُ العبُ لنادي الزوراء والمنتخب الوطني وكنت في بدايات الشهرة وحب الجمهور لي وصل إلى درجة كبيرة وخاصة من محبي ومشجعي نادي الزوراء"، ويضيف "صدف أني في ذلك الوقت قد أبعدت عن المنتخب من قبل عمو بابا مدرب المنتخب الوطني بسبب غروري من جهة وشدة وقسوة تعامل المدرب معي في التدريب من جهة أخرى، ما دفعني الى عدم احترامه وعدم الالتزام بالتدريب، فقرر إبعادي عن المنتخب الذي كان يستعد لاولمبياد لوس انجلوس وهذه المرة الأولى التي أبعد فيها عن المنتخب".
كيف بدأت قصة نادي
الرشيد مع أحمد راضي؟ كيف وافق على إغضاب جمهور نادي الزوراء، الذي يعتقد في وقتها أن "النوارس" هو من جعل منه نجماً من طرازٍ رفيع. يقول راضي عن كل هذا "كنت في رحلة مع أصدقائي في مدينة الحبانية وبدأت بالسباحة في البحيرة وتناول الغداء والتجوال بأروقة المدينة السياحية، حتى جاء اتصالٌ من الشقيق صالح". ويضيف راضي "قال لي أخي إن موظفاً في استعلامات القصر الجمهوري طلبوا التحدث إليك (...) تركوا لك رقم هاتف لتتصل بهم". وبتابع راضي أنه بالفعل "اتصل بالقصر وظهر أن عدي صدام حسين يريد مقابلته، من دون أن يذكر السبب (...) ذكروا فقط أن عليه الانتظار قرب مدرسة الإعداد الحزبي في منطقة الحارثية".
يواصل راضي سرد قصته، وها هو يصل إلى لقائه مع عدي "في اليوم الثاني ذهبت الى الحارثية، وتحت جسرها دُهشتُ لوجود أربعة لاعبين ينتظرون في المكان والزمان المحددين لي، وهم عدنان درجال وشاكر محمود ومحمد فاضل، وعلى ما أتذكر وصفي جبار"، ويوضح راضي أنه "سأل زملاءه عن سبب اللقاء، فرد عليه درجال بأنه من المحتمل أن يكون السبب التعاقد مع نادي الرشيد".
نقل اللاعبون الخمسة في سيارات فخمة من نوع مرسيدس إلى قصر رئاسي، وهو اليوم مشغول من قبل بعض السفارات العربية والأجنبية، وكان فيه عدي صدام حسين، وكان مكاناً فخماً ورائقاً للنظر".
ويكمل راضي القصة "دخل علينا عدي صدام، وكان ترحيبه فائقاً، وناداني ابو شهيبه"، ومن ثم بدأ عدي "يستعرض فكرته عن نادي
الرشيد وأنه .يرغب في جمع اكثر عدد من نجوم الدوري واللاعبين المميزين لانه يريد ان يكون من افضل الاندية العربية والاسيوية".
وسأل عدي اللاعبين الخمسة عن رأيهم بالفكرة، وعن موافقتهم الانضمام للنادي، وافق الجميع سوى أن راضي قال في
الجزء الأول من مذكراته يقول "أخبرت عدي بأن تلبية العرض شرف، لكن هناك مشكلة مع جمهور الزوراء، وذكّرته بما حدث مع فلاح حسن الذي لا يختلف اثنين على محبته في
العراق لكنه حين ترك الزوراء إلى نادي الشباب الذي كان يرأسه صباح ميرزا تعرض إلى هتافات وضغوط كبيرة من الجمهور". وهنا يجيب عدي الذي أظهر انزعاجه من حديث أحمد "لا عليك سنكلف أحداً للكتابة في الصحافة بأن نادي
الرشيد هو من طلب خدماتك لتتخلص من ضغوط جمهور الزوراء"، وتابع عدي "لا تشغل بالك هاي سهلة".
لكن راضي قرر التملص من عقد نادي الرشيد، وبناءً على طلب رئيس نادي الزوراء سيف الدين المشهداني أن يسمع من لسان أحمد راضي أنه يريد مغادرة الزوراء. لكن اللاعب الطائر في صفوف المنتخب تمكن من الحصول على مقابلة خاصة مع المشهداني قبل لحظات من توقيعه على عقد الرشيد، ويقول راضي "جلسنا على انفراد في مكتبه وقلت له إنني لا أريد ترك الزوراء لكنني اخبرتهم بالموافقة خوفاً على حياتي"، وعلى ما جاء في المذكرات فأن "المشهداني فرح بما قاله أحمد، وطلب منه الذهاب إلى البيت واخذ قسطٍ من الراحة لانه سيعود إلى تدريبات ناديه .. الزوراء".
لكن الأمور لم تسر كما كان يتصور أحمد راضي، إذ يبدو أن رفضه الانتقال إلى
الرشيد كلفه الكثير. ويقول "اثناء وجودي في البيت وقبل الصعود للنوم قال اخي صالح إن أشخاصاً وصلوا إلى البيت ومعهم سيارة من نوع تويوتا يسألون عنك، وهم يجلسون في غرفة الضيافة . كان ذلك فجراً، وقبل أن يشبتك الأخوة مع الضيوف الغرباء بادر أحمد إلى النزول ليسألأ عن طلبهم، وكان أن يأخذوه للتعرف على شخصيات مهمة في البلد".
في السيارة، وبعد أن اجتازت سيارتهم مسافة قصيرة نزع أحدهم ربطة عنقه ليعصب بها عيني أحمد".
ويقول لاعب المنتخب الوطني إنه "سأل مرافقيه عن سبب الاستدعاء فقالوا أنه تحرش بسيدة تدعى سميرة وهي مقربة من مسؤول رفيع وهو الذي سيقابلك الآن". وتابع "رفضت التهمة وأقسمت لهم بأنني لم اتحرش بأي أمرأة غضبوا وأكدوا له بأن عقاباً شديداً ينتظره عن المسؤول".
ويضيف أحمد "أنزلوني من السيارة. ولم أكن قادراً على الوقوف من شدة الخوف (...) أقل من دقيقة انهال أحدهم بالضرب على وجهي، وسقط أرضاً وبدأت أجهض بالبكاء، إذ لم أكن أقوى على مثل هذا في سن العشرين".
ويكمل راضي قصته مع سميرة وتهمة التحرش بها "استمر الضرب، بنما أحوال التحدث معهم عن عدم صحة التهمة، من دون جدوا، حتى توقف الضرب ورفعوا الربطة من عيني وإذا بتلة ترابية قرب مشروع سكني غير مكتمل وأظنه مشروعا شقق في منطقة السيدية".
ويعتقد أحمد راضي أن قصة سميرة مرتبطة بنادي
الرشيد وانها رسالة غضب رداً على رفضه التعاقد معه. وعلى ما ورد في المذكرات فأن أحد الأشخاص الذين اقتادوا أحمد على مكانهم المجهول قال "انت تلعب طوبة؟". فرد أحمد "نعم وانشاء الله ألعب لنادي الرشيد".
ختام هذا
الجزء من المذكرات يقول فيه أحمد إن "أخيه صالح نصحه بالذهاب إلى
الرشيد حماية لنفسه ولحياته".