وقال خبير الآثار العراقي
عامر عبد الرزاق في تصريح صحفي ان "آثار الرياح والجفاف والرطوبة بادية على كثير من الشواخص والمعابد في مدينة الحضر وفي
بابل أيضا ومدينة أور".
وأضاف ان "تأثيرات تغير المناخ واضحة على زقورة أور ومعبد "دب لال ماخ" والمقبرة الملكية في أور، وكذلك في مدينة الوركاء وزقوراتها ومعابدها ومدينة آشور أيضا في الشرقاط ومدينة نيبور في محافظة ديوانية"، لافتا الى انه "خلال زيارتي المتكررة لتلك المواقع، لاحظت تآكل كثير من أجزائها وانخفاض ارتفاعاتها، فالزقورات ومنها زقورة أور يقل ارتفاعها سنويا بنسب قليلة وتنخفض عن مستوى الأرض ببعض السنتمترات".
وبين عبد الرزاق انه "على الرغم من أن الانخفاض يجري بنسب قليلة سنوية، لكن إذا استمر الحال هكذا فإنها بمرور الزمن وبزيادة الوتيرة في التغير المناخي ستختفي هذه المدن الاثرية"، مطالبا
الحكومة العراقية "بالعمل للحفاظ على الآثار باستخدام تقنيات حديثة وإجراء عمليات صيانة لحماية هذا الإرث الحضاري من العوامل الجوية
المتطرفة".
واقترح "إنشاء سقائف واقية عملاقة لحماية جميع المواقع الأثرية أو بناء صناديق زجاجية عملاقة لحماية المقابر الملكية والزقورات والمواقع والمباني الأثرية الأخرى كي تحميها من الرياح والعواصف الرملية"، لافتا الى "وجود خطط حكومية لصيانة الآثار".
وبين ان "كثرة المواقع الأثرية وانتشارها في مواقع نائية يجعل من الصعب شمولها جميعا بالإجراءات الحكومية"، مشددا على "ضرورة الحاجة إلى جهد حكومي أكبر وصندوق مالي خاص بعمليات
ترميم وصيانة الآثار".
وتشير إحصائيات رسمية، أعلن عنها وزير الثقافة والسياحة والاثار، أحمد البدراني، خلال مقابلة مع القناة الرسمية، في تشرين الاول الماضي، الى أن
العراق يحتضن أكثر من 15 ألف موقع أثري مثبت، بينما تبلغ أعداد المواقع الأثرية غير المثبتة أكثر من 100 ألف موقع.
ويرى عضو مرصد "العراق الأخضر" المتخصص في شؤون البيئة عمر
عبد اللطيف، أن" تأثيرات تغير المناخ على المواقع الأثرية ليست جميعها سلبية، بل هناك تأثيرات إيجابية أيضا"، موضحا ان "عدد من المواقع الأثرية التي كانت مختفية ظهرت تحت مياه
نهر الفرات في قضاءي هيت وحديثة التابعتين لمحافظة
الأنبار غربي العراق، إثر انخفاض مناسيب مياه النهر".
ودعا الى "الاهتمام بالمناطق الأثرية والتراثية المتضررة من تأثيرات تغير المناخ"، محذرا "من أن التطرف المناخي في بعض المناطق قد يؤدي الى إصابة آثارها بضرر أكثر مثلما حصل في "طاق كسرى" جنوبي
بغداد، إذ انهارت بعض أجزائه بفعل عوامل مناخية، وتجري حاليا عمليات ترميمه وإعادة تأهيله".
واكد مدير عام الصيانة في
الهيئة العامة للآثار والتراث،
محمد حسين أمين، ان "مديرية الصيانة تعمل على حماية المواقع الأثرية"، لافتا الى ان "عمليات الترميم والصيانة الدورية التي تقوم بها المديرية تشمل إصلاح الأضرار التي لحقت بالهياكل الأثرية بسبب عوامل الطقس، وإنشاء مظلات واقية وسقائف لحماية المواقع الأثرية المكشوفة من الأمطار وأشعة الشمس المباشرة".
وبين ان "عمليات الترميم والصيانة تتضمن استخدام مواد حديثة مقاومة للرطوبة والأملاح تتناسب مع بيئة الموقع، إلى جانب إجراء دراسات تقييم الضرر المناخي، لتحديد أكثر المواقع تعرضاً للخطر ووضع خطط لحمايتها"، موضحا ان "مديرة الصيانة تقدم التدريب المستمر لكوادرها الفنية، لإتقان الأساليب الحديثة في الصيانة واستخدام التقنيات العلمية المتطورة، كما تتعاون في مجال صيانة وترميم الآثار مع العديد من المنظمات الدولية كاليونسكو والآيكوموس، للحصول على دعم فني ومالي لتنفيذ هذه العمليات".
ودعا أمين إلى "زيادة التمويل الدولي لحماية التراث الثقافي العراقي من خلال برامج
الأمم المتحدة أو الشراكات الثنائية، وإدراج مزيد من المواقع الأثرية العراقية على قائمة التراث العالمي لتوفير حماية دولية ورقابة مستمرة لهذه المواقع".
ويعتبر العراق، وفق الأمم المتحدة، خامس البلدان الأكثر تعرضا للتدهور المناخي عالميا، نظرا للظواهر المناخية العنيفة التي تعصف به منذ نحو عشر سنوات.
وأشارت إحصائيات صادرة عن الأمم المتحدة إلى أن العراق شهد عام 2021 ثاني أكثر مواسمه جفافا منذ 4 عقود، بسبب الانخفاض القياسي في هطول الأمطار.
وعلى مدى السنوات الأربعين الماضية، انخفضت، بنحو 40%، تدفقات المياه في نهري دجلة والفرات، اللذين يوفران نحو 98% من المياه السطحية في العراق.
المصدر: الحرة