وزادت موجة الغضب بعد تصريحات بعض المسؤولين المحليين، الذين قللوا من حجم المشكلة وألقوا باللوم على الظروف الجوية بدلاً من الاعتراف بوجود تقصير إداري وخدمي.
الواقع المرير: شوارع غارقة وأحياء محاصرة بالمياه
ومع بدء هطول الأمطار الغزيرة، غمرت المياه العديد من المناطق في الرمادي والفلوجة وهيت وحديثة، حيث شُوهدت الشوارع الرئيسية وقد تحولت إلى بحيرات، ودخلت المياه إلى منازل بعض المواطنين، مما تسبب في خسائر مادية كبيرة.
كما تضررت المحال التجارية، واضطر الأهالي إلى استخدام مضخات يدوية وأدوات بسيطة لسحب المياه من منازلهم بسبب غياب التدخل السريع من الجهات المعنية.
ويقول المواطن أحمد الدليمي، وهو من سكان الرمادي لـ
السومرية نيوز، “كل عام نسمع نفس الأعذار من المسؤولين، لكن الواقع لم يتغير"، متسائلا "أين هي مشاريع تصريف المياه التي وعدونا بها؟ لماذا نجد أنفسنا محاصرين بالمياه بعد ساعات من المطر؟".
في حين عبّرت أم علي، من الفلوجة، عن استيائها قائلة: "تعبنا من سماع وعود لا تُنفذ. نحن ندفع الضرائب والفواتير، لكن عند الحاجة لا نجد من يقف معنا"، متسائلة "أين فرق الطوارئ؟ لماذا لم تكن هناك استعدادات مسبقة لهذه الأمطار؟".
تصريحات رسمية تثير الغضب بدلاً من الحلول
بدلاً من تقديم حلول عاجلة أو الاعتراف بوجود خلل في البنية التحتية، خرج بعض المسؤولين في محافظة
الأنبار بتصريحات أثارت غضب الشارع، حيث وصف أحد المسؤولين في دائرة البلدية الوضع بأنه أمر طبيعي يحدث في أي مدينة عند هطول أمطار غزيرة.
كما أشار
مسؤول آخر إلى أن "كمية الأمطار كانت أكبر من المتوقع، ولا يمكن تحميل الدوائر الخدمية المسؤولية بالكامل".
هذه التصريحات اعتبرها كثيرون محاولة للتنصل من المسؤولية، خاصة أن مشكلة غرق الشوارع تتكرر سنويًا دون أي حلول جذرية.
يقول الناشط المدني سعد الراوي "بدلاً من الاعتذار للناس والبحث عن حلول، نجد بعض المسؤولين يحاولون تبرير الفشل، إلى متى تستمر هذه العقلية؟ لماذا لا تكون هناك محاسبة للمقصرين؟".
وتعاني مدن الأنبار، رغم المشاريع التي أُعلن عنها في السنوات الماضية، من غياب شبكات صرف صحي متطورة وضعف في تصريف مياه الأمطار، حيث تعتمد بعض المناطق على أنظمة تصريف قديمة لم يتم تحديثها منذ عقود.
وعلى الرغم من وعود المسؤولين في كل موسم مطري بإيجاد حلول، فإن الواقع يؤكد أن تلك الوعود لم تُنفذ.
ويقول المهندس خالد العبيدي، وهو مختص بالبنى التحتية "لا يمكن تحميل الأمطار المسؤولية، بل الإدارات التي لم تستثمر في مشاريع تصريف المياه الحديثة".
وأشار الى ان "المدن التي تمتلك شبكات تصريف جيدة لا تعاني من هذه المشكلات، لكن في الأنبار، نعتمد على بنية تحتية متهالكة لا تواكب الكثافة السكانية المتزايدة".
مطالبات بالتحقيق والمحاسبة
في ظل هذا الوضع المتكرر، طالب العديد من المواطنين والناشطين "بفتح تحقيق في أسباب تردي الخدمات ومحاسبة المسؤولين عن سوء التخطيط والإهمال في مشاريع البنية التحتية".
كما دعا البعض إلى "تشكيل لجان مستقلة لمراقبة تنفيذ المشاريع وتقييم أداء الدوائر الخدمية".
أزمة ثقة بين المواطنين والمسؤولين
وتُظهر هذه الأزمة المتكررة عمق الفجوة بين المواطنين والمسؤولين المحليين، حيث لم تعد التصريحات المطمئنة أو التبريرات التقليدية تُقنع الشارع الغاضب.
ومع تزايد الدعوات للمحاسبة والإصلاح، تبقى التساؤلات مطروحة: هل ستتحرك الجهات المعنية لإيجاد حلول جذرية، أم أن سيناريو غرق المدن سيتكرر في كل موسم مطري؟