ولكن.. كما أنّ لكلّ مقامٍ مقال.. فلكلّ زمانٍ خصال.. وأسلحة من نوع آخر، وإذا ما تم تصنيف الأسلحة المستخدمة طوال الـ20 عامًا الماضية بحسب قوة فتكها، فيمكن وصف التسريبات الصوتية كسلاح سياسي جديد، بأنّه مرحلة النووي.
"نووي التسريبات".. يتربع على عرش حرب الخصومات السياسية
لم ينفرد سلاح سياسي بين الأسلحة المستخدمة طوال السنوات الماضية بمشهد سياسي أو فترة زمنية معينة، بل كانت جميع الأسلحة تستخدم على فترات متباعدة وحسب نوع الخصم وحجم الخصومة، لكن "نووي التسريبات"، انفرد بهذه الفترة السياسية من عمر النظام، وأصبح سوقا رائجة والمتربع على عرش معركة الخصومة السياسية.
التسريبات أخطر من داعش.. اعتراف بأنّ النظام السياسي مهدّد!
مفاجآت وفضائح ضربت النظام
السياسي خلال عامين لم يشهدها النظام في سنواته العشرين، حتى أنها دفعت الكثير من قادة النظام
السياسي يقرون بأن النظام أصبح مهددًا، وهو وصف لم يطلق على النظام حتى في فترة تنظيم داعش الأكثر خطورة ومع سقوط ثلث
العراق تحت حكم الظلام.
ابتزاز وتنصت وتسريب.. صفعات فضائحية للنظام أم للحكومة؟
صفعات متتالية تلقاها النظام
السياسي وليس الحكومة فحسب.. اكتشاف شبكة ابتزاز في وزارتي الدفاع والداخلية متورط فيها ضباط كبار، ثم شبكة تجسس في قلب مكتب رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة.. ثم ما يقارب ستة تسريبات صوتية طالت نواب ومستشارين وقادة سياسيين ورؤساء هيئات ومسؤولين كبار.
خروقات تقنية أم اصطياد غفلة؟
قصة لم يفهم أحد منها شيء حتى الان.. هل ان التسريبات والتجسس جاءت بخروقات تقنية، أم باصطياد الغفلة، ومن الذي يقوم بتسريب الاصوات.. هل هو شخص واحد أم اشخاص منفصلين أم مؤسسة؟.. وهل هدف التسريبات واحد أم أنها تأتي بدوافع شخصية مختلفة من قبل مصادر مختلفة؟ .. أجوبة لا يمتلك أحد اجابة عليها.. بل أن كبار السياسيين لا يعلمون ما يحصل بالضبط.. ومن يعلم.. لا يُعلِم غيره.
هل التسريب استهداف سياسي لحكومة السوداني أم للضحايا ذاتهم؟
لكن قراءة المؤشرات والمعطيات.. تكاد تقدم أجوبة جاهزة.. حيث أن ضحايا التسريبات الصوتية معظمهم من الفريق الحكومي للسوداني أو المتحالفين معه من السياسيين..وهذا المؤشر قاد إلى جواب واحد وهو أن التسريبات ماهي الا محاولة للضغط على حكومة السوداني وتسقيطها بفعل مخاوف سياسية من اتساع شعبيته ومزاحمة الاخرين.. لكن هذا الجواب يسقط عند التعمق اكثر في التفكير.. فالشخصيات المستهدفة وإن كانت ضمن حكومة السوداني فهي بالنهاية تابعة لأحزاب وقوى سياسية فاذا سقطت الشخصية سيضر الأمر بحزبه
السياسي ذاته أكثر مما يضر بالسوداني ذاته ربما.
التسريب لا يستهدف الحكومة لوحدها.. النظام جميعه متضرر
الضرر والفضيحة طالتا النظام
السياسي بأكمله ولم تقتصرا على الحكومة لوحدها.. وهذا يجعل تصوير التسريبات على أنّها حرب سياسية ضد الحكومة.. أمر لا يصمد أمام التحليل
السياسي...
المُسرَّب له يعرف المُسرِّب.. لماذا لا "يفضح المفضوح فاضحه"؟
أسئلة أخرى تطرح حول هذه الظاهرة.. فتسريب صوت شخص ما لحادثة معينة، يجعل ضحية التسريب يعرف جيدًا من الذي قام بتسجيل الصوت أساسًا ومن سربه ومع من كانت المحادثة او من الشاهد عليها..فاذا كان الامر كذلك.. لماذا لا "ينتحر" الضحية بالاعتراف على نفسه وعلى من قام بالتسجيل له لكي لايسقط وحيدًا على الأقل؟.
برفقة جيبوتي والصومال واليمن .. العراق "ناجح بقرار" في الأمن السيبراني
الرواية الأخرى تنسف أساسًا صحة التسريبات وتصفها بأنها أصوات مفبركة بالذكاء الاصطناعي لكن مختصين ينفون ذلك.. لتبقى العديد من الاسئلة من الصعب الوصول إلى إجابة معينة اليها والاعتقاد بأنها الحقيقة، لكن لا شيء غريب بهذا الملف في عراق يقع في الطبقة ما قبل الاخيرة ضمن الطبقات الخمس للبلدان في تصنيف الالتزام بالامن السيبراني، حيث جاء
العراق في مؤشر 2024 في الطبقة الرابعة جنبا الى جنب مع لبنان وموريتانيا وجيبوتي والصومال وفلسطين والسودان وسوريا، اما الطبقة الخامسة والاخيرة فانفردت بها اليمن، ليحوز
العراق على نقاط بلغت 53 من 100 في مؤشر الامن السيبراني.
هذا التقرير من ضمن برنامج "حصاد السومرية" من تقديم ورود الموزاني وإعداد غرفة أخبار "السومرية"، يُعرض كلّ جمعة السّاعة 8:30 مساءً. لمشاهدة الحلقة كاملة،
انقر هنا.