وذكرت العتبة العباسية في بيان، توضح فيه حادثة الولادة، ورد لـ
السومرية نيوز، أنه "عندما حملت أية مولودها الجديد بين ذراعيها للمرة الأولى، غمرتها مشاعر لا توصف في تلك اللحظة، واختفت كل آلام الرحلة والخوف، وتحول كل شيء إلى فرحة غامرة، وشعرت بأنّ العالم بأسره فتح ذراعيه مرة أخرى لها بعد أن
أصبح كل شيء من حولها عتمة لا تسمح بمرور بصيص من النور".
واضاقت: "نظرت الام إلى وجه طفلها الصغير بعينين ممتلئتين بالدموع، لكن هذه المرة كانت دموع السعادة، وبينما كانت تستمع إلى نبضات قلبه الهادئة وتنظر إلى أصابعه الصغيرة، شعرت بأنّ كل شيء
أصبح له معنى، كل التعب والخوف تبدد أمام هذا الكائن الصغير الذي وضعته بين ذراعيها، وهذه مشاعر طبيعية عند أيّ أمّ في العالم عندما تضع مولودها الجديد، لكنها تختلف بالنسبة لهذه السيدة التي أحاطت بها ظروف استثنائية ورافقها آلم الحمل وفقد الوطن، حتى استقرت بها رحلة البحث عن الملاذ الآمن في
مدينة كربلاء المقدسة".
وتابعت: "هذه الولادة لم تكن حدثًا عاديًا، بل تحمل في ظل ما عانته الأم من تحديات وظروف خارج إرادتها رمزية خاصة، ورسالة أمل وتحدّ لكل الظروف، بالاستمرار في الحياة والعيش والسعي للسلام رغم أنف الحرب وتجارها.
وكانت العتبة العباسية المقدسة حاضرة "لتقديم كل أشكال الدعم، فقد تكفلت بتقديم الرعاية الصحية والمستلزمات كافة للأم ومولودها الجديد، مما يبرز الدور المهم والروابط الإنسانية العميقة بين الشعبين اللبناني والعراقي"، مبينة أنه "في خضم هذا الصراع المحتدم تولد الحياة، ويعلو صوت الإنسانية، والسيدة التي تركت أرض آبائها وأجدادها قسرًا، صارت لها
مدينة كربلاء حاضنة وأمًّا حنونًا، وفاضت عليها بركات المولى أبي الفضل العباس (عليه السلام)".
وأتمت: "في قاموس الحروب ووحشيتها، تكون النهايات لانتصار السلام، فهو لغة الله التي لا يفهمها من تجذرت في نفوسهم إراقة الدماء وقتل الأبرياء، والرسالة واحدة على مرّ العصور والشواهد كثيرة، فالظلم لا يدوم ولا الحرب تستمر"، مردفة، أنه "وضعت هذه السيدة التي أثقلتها الهموم والخوف، مولودها في أرض السلام وامتدت له يد الرحمة، فلا شيء يصف شعورها، وبعد اليأس برز الأمل وتبدد القلق لترتسم الفرحة على وجهها ووجه زوجها من جديد، وتعود النهايات إلى بدايتها، حيث السلام والمحبة والمودة، على أمل العودة".
وبينت، ان "حسن محمد طالب،
والد الطفل لا يخفي شعوره ولا يستطيع لملمة كلماته التي تتعثر بفرحته، قائلًا: "لا أستطيع أن أعبر عن مدى امتناني للعتبة العباسية المقدسة، لقد قدّموا لنا كل ما نحتاجه، ولم يدخروا جهدًا في تأمين المستلزمات الضرورية كافة لطفلنا ولزوجتي بعد الولادة"، وحمل الطفل الجديد اسم "حسين"، تيمنًا وحبًّا بالإمام الحسين (عليه السلام)، وولادته بالقرب من ضريحه الطاهر في كربلاء كما قرر والده".
وأكملت، أنه "رغم الظروف الصعبة التي يواجهها
الشعب اللبناني، سواء في داخل البلاد أو خارجها، فإنّ قصة مثل هذه الولادة تبقى حكاية مليئة بالأمل والتفاؤل، فالطفل الذي وُلد في كربلاء رمز لاستمرار الحياة، رغم كل الصعاب، وهذا الحدث يذكرنا بأنّ الإنسانية هي القاسم المشترك الذي يجمعنا، وأنّه حتى في أحلك الأوقات، يمكن للبشر أن يظهروا أجمل ما فيهم من تعاطف وتكافل، وبفضل الجهود التي تبذلها المؤسسات الدينية والمدنية، يبقى الأمل حيًّا في قلوب أولئك الذين يعانون من ويلات الحرب والنزوح".
ولفتت الى ان "قصة المولود اللبناني في كربلاء تحمل في طياتها الكثير من المعاني والدروس، إنّها تذكرنا بأهمية التضامن في مواجهة الأزمات، وأهمية العمل الإنساني الذي يمكن أن يحفظ حياة الكثيرين"، موضحة أن "ما قامت به العتبة العباسية المقدسة وكل الجهات التي لعبت دورًا في هذه الأزمة يؤصل للخير والرحمة الذين لا يعرفان حدودًا، واليد التي تمتد لمساعدة الآخرين تظل محفورة في الذاكرة والقلوب، في نهاية المطاف".