هذا الأمر أثار حفيظة المواطنين المسيحيين ومنهم يوسف دنحا (32 عاما) من محافظة دهوك، والذي أشار للحرة إلى أنه "لن يدلي بصوته في هذه الانتخابات" عازيا السبب الى ان "الأحزاب المسيحية كلها قاطعت الانتخابات ولم تشارك فيها، وهؤلاء المرشحين المسيحيين الذين علقوا صورهم في الشوارع، لا يمثلوننا، إنما يمثلون أحزاباً وأطرافاً سياسية بعيدة عن المسيحيين"، بحسب تعبيره.
مشكلة مقاطعة الأحزاب والكيانات المسيحية الموجودة في إقليم كردستان للانتخابات جاءت على خلفية قرار المحكمة الاتحادية في 21 شباط 2024 بشأن تقليص مقاعد الكوتا في برلمان إقليم كردستان.
وبحسب يلدا خوشا با القيادي في
المجلس الشعبي الكلداني السرياني الاشوري، الذي يعد أحد الكيانات السياسية التي لها ثقلها داخل الوسط المسيحي في إقليم كردستان منذ 2003 وكان لهم ممثلين في دورات سابقة لمجلس النواب العراقي وممثلين في معظم دورات برلمان إقليم كردستان الماضية ان "قرار تقليص مقاعد المسيحيين الى ثلاث مقاعد لا يتناسب مع أعداد المسيحيين في الإقليم والذين قدر عددهم بنحو 250 ألف شخص"، مؤكدا أنهم "يستحقون عددا أكبر من المقاعد في برلمان الإقليم".
تقليص أعداد المقاعد الخاصة بكوتا المسيحيين ليس السبب الوحيد في مقاطعة الأحزاب المسيحيين لهذه الانتخابات؛ وإنما بقاء هذه المقاعد الخاصة بكوتا المسيحيين مفتوحة أمام جميع فئات الناخبين، من المسيحيين وغير المسيحيين للتصويت لهم سبب آخر دفع بهذه الأحزاب المسيحية الى المقاطعة.
وبحسب يونادم كنا السكرتير العام للحركة الديمقراطية الاشورية، الذي أوضح أن "التصويت الخاص بكوتا المسيحيين يجب أن يكون حصريا بأبناء المسيحيين فقط، ولا يحق لغير المسيحيين التصويت للمرشحين المسيحيين".
وذكر كنا، انَ "هذه النقطة قد دفعت الأحزاب الكبيرة في الإقليم إلى التدخل في مقاعد الكوتا والاستحواذ عليها من خلال تصويت أشخاص ليسوا مسيحيين لمرشحين مسيحيين ينتمون لأحزاب غير مسيحية".
وأشار كنا الى أنّ "تقسيم الاقليم إلى أربع دوائر انتخابية وتخصيص مقعد للمسيحيين في السليمانية وآخر في أربيل ومثله في دهوك لا يمثل التوزيع الديموغرافي الحقيقي للمسيحيين، فعدد المسيحيين في السليمانية لا يتجاوز 150 عائلة، في حين انَ محافظة دهوك تضم 20 ألف عائلة، فالأولى انّ يكون هناك "مقعدين في دهوك وواحد في أربيل لأنها تضم ايضا عددا كبيرا من العائلات المسيحية تفوق بكثير مما في السليمانية". على حد قوله
مشاركات المسيحيين في انتخابات برلمان إقليم كردستان تعود إلى بداية تشكيله عام 1992، حيث شاركت الحركة الديمقراطية الاشورية في الدورة الأولى من الانتخابات، وتم تخصيص خمسة مقاعد للمسيحيين، آنذاك استطاعت الحركة الديمقراطية الاشورية أن تنال أربع مقاعد فيما حصل
اتحاد مسيحيي كردستان على مقعد واحد.
وذكر مدير عام الشؤون المسيحية في حكومة إقليم كردستان خالد جمال أن "المسيحيين غبنوا في الانتخابات الجارية بسبب تقليص مقاعدهم"، مشيرا الى انَ "مقاطعة الأحزاب المسيحية قد زاد من إحباط المسيحيين، لأنَ الساحة قد فرغت من الممثلين الحقيقيين للمسيحيين الموجودين في اقليم كردستان"، بحسب تعبيره.
وأضاف جمال أن "اغلب المرشحين المسيحيين أكدوا خلال حملاتهم الدعائية أنهم تابعون لكيانات وأحزاب سياسية كردية أو مدعومين من أحزاب مسيحية لا وجود لها في اقليم كردستان، مثل حركة بابليون -المصنفة على لائحة الإرهاب- التي تدعم مرشحين لها بشكل علني في المحافظات الثلاث".
وكان إقليم كردستان قد خصص مقعدا واحدا للأرمن منذ الدورة الثانية وتعامل معهم على اساس قومي لا ديني، وكان لهم ممثل في برلمان الإقليم في جميع الدورات التي أتت بعدها، لكن الأرمن لكون اعدادهم قليلة وأغلبهم متمركزون في محافظة دهوك، فان حظوظ مرشحيهم ضئيلة جدا؛ حسب قول يوانت أمينيان النائب الأرمني السابق السابق في برلمان إقليم كردستان والذي أضاف أن"الأرمن لن يكون لهم ممثل في البرلمان المقبل رغم ان هناك ثلاثة مرشحين، لأن قرار المحكمة الاتحادية قد ألغى المقعد المخصص للأرمن، ولم يتعامل معنا كقومية مستقلة بل تعامل معنا جزء من اتباع الديانة المسيحية" بحسب تعبيره.
ويشارك المسيحيون في الانتخابات إما بشكل مستقل أو عن طريق حركة بابليون، المقربة من الاتحاد الوطني الكردستاني، أو منضوون ضمن مرشحي الحزب الديمقراطي الكردستاني.
ونفى محمود خوشناو القيادي في الاتحاد الوطني وجود مرشحين مسيحيين ضمن قوائم حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، مضيفا أنه في جميع الدورات البرلمانية يوجد "هناك مرشحين مسيحيين ضمن قوائم الحزب الديمقراطي الكردستاني" مشيرا إلى أن هذا يعد تدخلا في شؤون الأقليات.