وعزت الباحثة الاجتماعية ندى العابدي في تصريح صحفي، أسباب انتشار
حالات التحرش الجنسي، إلى "الكبت المتزايد في مجتمعاتنا الشرقية، والنظرة الدونية للمرأة من قبل الرجل، التي يكتسبها خلال تربيته وسط الذكورية الطاغية في المجتمع".
وأشارت كذلك إلى ما اعتبرتها "الصورة النمطية الخاطئة للمرأة، التي تقول إن مكانها في البيت، وأنها ليست سوى وسيلة للمتعة وإفراغ الشهوات، وتلبية رغبات الرجل والإنجاب" على حد تعبيرها.
وأضافت أن "الفصل بين الجنسين وتفضيل الذكر عن الأنثى، كان نتيجة التربية الخاطئة في المجتمعات الفقيرة، وتلك التي أرهقتها الحروب والأزمات السياسية والاقتصادية، التي شوهت صورة ومكانة المرأة في
المجتمع العراقي"، مشددة على ضرورة "تغيير هذه المفاهيم، من خلال التوعية، وتطبيق حزمة إجراءات، وتفعيل القانون، لتعزيز مكانة المرأة وتغيير الصورة النمطية غير المنصفة لها في المجتمعات الشرقية".
فيما أكد الخبير الرياضي غزوان العبادي، ان "تراجع الرياضة النسوية الجماعية في العراق، مثل كرة القدم وألعاب أخرى، واقتصار مشاركة النساء على ألعاب فردية، بسبب تزايد
حالات الابتزاز الجنسي التي تتعرض لها النساء في الوسط الرياضي، وما تخلفه من تبعات تجعل المرأة تتجنب الدخول في هذا المجال".
الإشكالية الأساسية، حسب العبادي، هي "إثبات
حالات التحرش، لعدم تمكن النساء من تسجيل شكاوى أو دعاوى رسمية، لأسباب تتعلق بطبيعة
المجتمع العشائري، خشية الفضيحة، مما يعيق تطبيق القانون لمحاسبة المبتزين".
وطالب العبادي بـ"تفعيل الدور الرقابي للجهات المعنية، عبر تشكيل لجان مختصة سرية تتيح لضحايا الابتزاز والتحرش تقديم شكاوى في طي الكتمان، لا تكشف عن هوية المرأة وتجنب وقوعها ضحية للتشهير"، مبيناً أن هذا الإجراء "سيحد من جرائم الابتزاز والتحرش"، بعد انتشارها مؤخراً بشكل كبير".
ودعا العبادي إلى إبراز "أهمية توعية وتثقيف العنصر النسوي، بضرورة عدم الرضوخ للمبتز وتقديم شكوى لوزارة الداخلية، التي لديها أقسام مختصة تتابع هذه الحالات وتعمل على مكافحتها".
وحذر الخبير الرياضي "من تبعات أخرى للتحرش الجنسي"، معتبر أن عدم الحد من هذه الظاهرة سيحجم دور الرياضة النسوية في العراق، بسبب خوف أولياء الأمور من زج بناتهم في هذا المجال وتعرضهن للابتزاز أو التشهير".
ودعا الجهات المعنية إلى "اتخاذ إجراءات فاعلة، وتطبيق رقابة صارمة، توفر من خلالها الأجواء المناسبة للنهوض بالرياضة النسوية العراقية إلى مستويات متقدمة".
وطالب أستاذ علم النفس أحمد الذهبي، بـ"ضرورة العمل الجدي" لوضع معالجات حقيقية تهدف إلى "تثقيف
المجتمع بمكانة المرأة".
وأشار إلى أن "التحرش الجنسي، له آثار نفسية خطيرة، قد تدفع بعض الضحايا إلى الانتحار، ويؤدي إلى اضطرابات نفسية سلوكية، يصعب على الضحية التخلص منها"، داعيا إلى "تفعيل القوانين لحماية المرأة من التحرش والابتزاز، وفرض عقوبات رادعة بحق المتورطين، للحد من هذه الظاهرة والقضاء عليها تدريجيا".
ورغم غياب إحصائيات حقيقية عن عدد
حالات التحرش الجنسي في العراق، لكن الناشطة النسوية بشرى العبيدي، تضع
العراق في صدارة
الدول التي تنتشر فيها هذه الظاهرة.
وأرجعت ذلك لعدة أسباب، أبرزها "عدم وجود تشريعات قانونية تجرم التحرش الجنسي، وعقوبات حالية غير رادعة بحق المتورطين تصل إلى السجن لمدة 6 أشهر وغرامة مالية لا تتجاوز 2 مليون دينار عراقي، وغالباً ما تذهب العقوبة إلى الغرامة المالية فقط ويفلت الجاني من العقاب".
وفي محاولة للسيطرة على ظاهرة التحرش والابتزاز الجنسي المنتشرة في العراق، أطلق جهاز الأمن الوطني حملة بعنوان "إحنا بظهركم"، التي قال إنها تهدف إلى "تشجيع النساء على الإبلاغ عند تعرضهن للاعتداء، مع ضمان حماية الخصوصية".
وخصصت السلطات رقم الهاتف (131) للتواصل والإبلاغ عن أية حالة يسعى من خلالها البعض إلى الإيقاع بالفتيات وابتزازهن.