وجاءت الجريدة، بقصة فتاة تدعى سراب "اسم مستعار" وهي في عقدها الثالث من العمر، تعيش في
حيرة بين التفريق أو الخلع بعد أن مضى على زواجها أكثر من سنة لتكشف أنها تزوجت من شخص يعاني اضطرابات مزاجية ونفسية لم يخبروها بها قبل الزواج وانه يخضع لعلاج دوري ربما يستمر معه مدى الحياة.
ويشاطرها المشكلة أحمد البالغ من العمر (36 سنة) إلا أنه تزوج من فتاة تعرف عليها من
مواقع التواصل الاجتماعي وقد ابلغوه أهلها بحالتها النفسية وأنها تتلقى علاجا، لكنه وافق معتقدا أن وضعها مقبول متأملا تحسنها بمرور الوقت وبعد الزواج وإنجاب الأولاد تفاقمت الحالة ولم يكن مدركا لحجم الضرر النفسي والمادي الذي أصابه وتحمل وزره الأبناء على حد قوله.
قصتا سراب وأحمد انتهيا بالطلاق، مثل الكثير من حالات الانفصال التي تحصل بسبب الأمراض النفسية والعقلية، فماذا يقول
القانون عن هذه الحالات؟
يؤكد القاضي محمد عبد العزيز حسن، قاضي محكمة الأحوال الشخصية في تكريت أن "قانون الأحوال الشخصية رقم ۱۸۸ لسنة 1959 المعدل لم يتطرق إلى حالات الخديعة للطرف المتضرر بسبب الأمراض النفسية والعقلية في فقراته"، مشيرا إلى انه "في ما يخص الطلاق الخلعي لهذه الحالات التي قد تلجأ له الزوجة المتضررة فانه يقع وفق القواعد العامة وهو أن تبذل الزوجة للزوج كل او جزءا من حقوقها الشرعية والقانونية وباتفاق الطرفين مقابل إيقاع الطلاق الخلعي".
ويتابع: "في ما يخص التفريق فلا يوجد بذل من قبل الزوجة وبين النص عليه في
القانون فان قانون الأحوال الشخصية عالج فيه حالات فيما إذا الزوج عقيما أو مبتليا بعلة حيث نص على ذلك في المادة الثالثة والأربعين الفقرات كل من 4-5-6 منه".
أما عن الإجراءات القانونية التي تتخذ في حال عرضت دعوى بخصوص الطلاق بسبب الأمراض النفسية والعقلية، فيوضح قاضي الأحوال الشخصية بأن "المحكمة تقوم بإحالة
الطرف الآخر على لجنة طبية مختصة بالأمراض النفسية والعقلية لإثبات واقعة الضرر من عدمه لبيان فيما إذا تقوم المحكمة بإجابة دعوى المتضرر من عدمه وإذا ثبت الضرر، على المحكمة إجابة طلب
الطرف المتضرر والاحتفاظ له بالمطالبة بكافة حقوقه".
ويلفت إلى انه "في حالة إذا كان
الطرف المتضرر يعلم بالمرض وقبل به فلا يمكنه الاحتفاظ بكافة حقوقه الا اذا استفحل الضرر ولم يكن يتصور ذلك فعندها بإمكانه الاحتفاظ بكافة حقوقه، لاسيما أن قانون الأحوال الشخصية رقم ١٨٨ لسنة ١٩٥٩ لم يتطرق إلى حالة المرض النفسي أو العقلي صراحة".
ويرى القاضي، بأنه "ينبغي إعطاء الحق للمتضرر من احد الزوجين عند إثبات المرض النفسي والعقلي إجابة لطلبه مع الاحتفاظ له بكافة حقوقه وبإمكان
الطرف المتضرر طلب فسخ عقد الزواج قبل الدخول في حالة ثبوت المرض النفسي او العقلي وعدم العلم به مسبقا من قبل
الطرف المتضرر".
من جانبها توضح رئيس منظمة أور لثقافة المرأة والطفل منى الهلالي، أن "حالات عديدة من المشكلات الاجتماعية والزوجية بدأت في الانتشار لاسيما في المناطق الجنوبية والغربية ذات الطابع الريفي يكون فيها أحد الزوجين متضررا بشكل كبير أو ربما وقع في خديعة بأنه لم يكن يعرف الوضع الصحي للشريك لاسيما أن اغلب الزيجات تتم بشكل عائلي أو ما يطلق عليه زواج صالونات".
وتعلل الخبيرة الأسرية بان "الظروف التي مر بها البلد على مدى العقود الماضية من حروب وحصار وإرهاب أنتجت أجيالا تعاني من تركيبة نفسية معقدة إضافة إلى انتشار وسائل (السوشل ميديا ) والتي تعتقد بأنها ساهمت كثيرا في التأثير على نفسية الفرد".
وتؤكد الهلالي إن "المشكلة سببت في بعض الحالات قضايا فصل عشائري وتم دفع فصل او مال للطرف المتضرر كون ذوي المريض لم يخبروا
الطرف الآخر بان الشخص مريض أو مصاب بعلة نفسية".
وتروي الخبيرة حادثة طلاق فتاة مصابة بالصرع بعد يومين من الزواج، عندما فاجأتها النوبة وهي تقف على الطباخ لإعداد الطعام مما تسبب بإصابتها بحروق، ومن ثم طلقها زوجها مع التنازل عن كافة حقوقها بعد جلسة "فصل" بين العائلتين، وحادثة أخرى لشاب مهندس مصاب باضطراب نفسي يسبب له حركات لا إرادية واختلاجات منها التبوّل إللا إرادي أو التقطع بالكلام وانتهت أيضا بالطلاق وإعطاء الزوجة كافة حقوقها العينية والمادية باعتبارها تعرضت للكذب والخداع من قبل أهل الزوج.
وتضيف الهلالي أن "الكثير من الحالات التي تردنا ونزود بها العيادات القانونية لأجل إقامة الدعاوى تنتهي غالبا بالخلع والتنازل عن الحقوق بغية التخلص من المشكلة او الخديعة التي وقع بها
الطرف ونادرا ما تنهي بالتفريق وبعض الحالات القلية التي يفترق بها الإطراف بالتراضي ووضع اتفاق للحقوق والواجبات عند وجود أولاد بين الزوجين".