له أكثر من اسم ودلالة. يطلق عليه الآن مسجد النخيلة وحتى مسجد الكفل كونه يقع داخل محيط مرقد ذي الكفل، والذي يقع إلى
الجنوب الغربي من محافظة بابل، وعلى مسافة 30 كم والى جنوب
العاصمة بغداد 130كم، كان يمكن أن يكون مكانا سياحيا وتراثيا وأثريا لو تمت زيادة الاهتمام به، فهو لا يخضع لو تمّ ترتيب حقبه التاريخية إلى دين أو طائفة أو منطقة.
يقول الباحث عباس محسن الجبوري، إنه مكانٌ رائعٌ، تشمّ من خلال طابوقه عبق التاريخ الممتد إلى آلاف السنين، مثلما تشمّ عبق المرحلة الإسلامية حيث أطلق على
المدينة والمسجد اسم (النخيلة) في القرن الهجري الأوّل في العهد الاسلامي وأطلق على
المدينة في العهد العثماني
مدينة (الكفل).
ويضيف إنه مسجد النخيلة غير خان النخيلة الذي يقع جنوب كربلاء 20كم على طريق كربلاء – نجف، وبني في عهد السلطان إسماعيل الصفوي. ويشير الجبوري إلى أن تاريخ هذا المسجد يعود إلى عهد النبي إبراهيم (ع)، وأن الإمام علي (ع) زاره واتّخذه مقامًا له أيّام حرب صفين، وحرب النهروان سنة 36 - 37 هجري وله مقام فيه.
بين ذي الكفل والنخيلة
دائما هناك علاقة بين الأسماء والمكان واحد، فالمكان والتسمية يحدّدان الفترات التاريخية، ولكونه يقع في
مدينة الكفل، ويقول الباحث مصطفى جابر الموسوي إن ذا الكفل ورد ذكره في القرآن الكريم مرّتين في سورة الأنبياء آية 85 ووفي سورة ص آية 48.
ويضيف أن مرقد النبي ذي الكفل(ع) ملاصقًا لمحراب الإمام علي (ع) في مسجد النخيلة، حيث تعود أولى الإشارات التاريخية لعام ٣٦ هجري ذلك عند مرور الإمام علي (ع) على القبر الشريف أثناء توجهه إلى صفين.
إلى أنه يوجد على القبر الشريف صندوق خشبي. وتوجد كتابة منقوشة بالعبرية في المرقد، كتبت في نهاية القرن التاسع عشر الميلادي. وتوجد قرب الضريح خمسة قبور تنسب لأصحاب النبي ذي الكفل هم (يوحنا الديملجي، يوشع، يوسف الربان، باروخ، خون) وتعلو ضريح النبي ذي الكفل قبة مخروطية الشكل مقرنصة تقوم على غرفة لضريح بارتفاع 17مترًا، ومن الداخل قبّة نصف كروية وفيها نقوش نباتية. مؤكّدًا أن الضريح يعد من أهم المزارات الدينية في
العراق والعالم، ومن المقامات المقدسة في الديانات السماوية الثلاثة، ويقصده اليوم مئات الزائرين من كل بقاع ألعالم.
مراحل التجديد
كلّ بناءٍ قديم يمرّ بالمتغيّرات ومنها إعادة الاعمار أو التجديد، ويقول الجبوري إنه تم تجديد بناء المسجد في حكم السلطان الاليخاني أولجايتو محمد خدا بنده سنة 703هـ الموافق 1304م أثناء مدة حكمه من 703 - 716 هـ. كما هو مؤرّخ في أعلى مئذنة المسجد التاريخية، والتي يبلغ ارتفاعها 25متر.
وأضاف انه في بدن المئذنة التاريخية كتابة كوفية من أربع كلمات هي (ودي حب محمد وعلي) أما الكتابة التاريخية التي تطوق بدن المئذنة من الأعلى، أسفل منطقة الحوض فتتكون من نطاقين، سقطت أجزاء منها الصف العلوي (السلطان الأعظم غياث الدنيا والدين ... بنده محمد طاب ثراه وتمت في دولة السلطان) الصف السفلي (الله تعالى وطلبا لجزيل ثوابه الأمير المعظم العادل ملك الأمراء منشئ العدل ومقرره حارس).
ويشير إلى أن لمسجد النخيلة سورًا يحيط بالمرقد والمقام ومحيطه 365 م وبعمق٣م وعرضه متفاوت بين 1.25م و1.35م وارتفاع السور قبل هدمه 9م. موضحًا أنه ظهرت التنقيبات الأخيرة أسسه لتنكشف أن تأريخ تجديد الأوّل لبنائه يعود إلى أكثر من 700 سنة، ولسور مسجد النخيلة أبراجٌ تسنده وتزينه، وكان عدد أبراج السور 16 برجًا، وتم اكتشاف أول برجٍ عام 1979ميلادي، ويوجد في المسجد بئر ماءٍ تأريخية حفرها الإمام علي (ع) أثناء توجهه إلى صفين سنة 36هـ.
من جهته يوضح الجبوري إلى، أن الصحن عبارةٌ عن ساحةٍ مستطيلةٍ محاطة من جوانبها الثلاثةـ الشمالي والشرقي والغربي بالأوانين، ويبلغ عددها 17 إيوانًا، وتزين جانبي الأواوين والغرف حنايا يعلوها عقد نصف دائري. كما يوجد في الصحن سلّم في الركن الجنوبي الشرقي. وفي الجانب الشمالي من الصحن تنتصب المئذنة التي شيّدت من الآجر والجص على قاعدة ارتفاعها أربعة أمتار، ينتصب فوقها بدن محيطه 10م و20سم وارتفاعه 20 م ويؤدّي المدخل إلى سلّم حلزوني 59 درجة.
ويدعو الجبوري وزارة الثقافة والسياحة والآثار والوقف الشيعي وكل من له علاقة بالمزارات أو الأماكن السياحية والتاريخية إلى الاهتمام الكبير بمثل هذه الأماكن، وزيادة أعمال الترميم فيها، لأنها ستعود بالفائدة السياحية على الدولة كونه مزارًا عالميًا يهمّ جميع الأقوام والأديان والأعراق، بحسب صحيفة الصباح الرسمية.