بعد مرور قرابة 43 عاماً على تدمير "إسرائيل" أول مفاعل نووي
عراقي تم بناؤه، يبدأ
العراق مرحلة جديدة على صعيد الطاقة النووية ومزاولة نشاطه النووي للأغراض السلمية بدعم الوكالة
الدولية للطاقة الذرية، والعمل على وضع خريطة طريق لتطوير عمل
العراق وبناء البنى التحتية والحصول على التكنولوجيا النووية في المجالات السلمية، وفق مركز الوقاية من الاشعاع.
مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع صباح الحسيني قال في بيان ورد للسومرية نيوز، انه تم تحقيق إنجازات كبيرة في مجال ازالة
اثار التلوث الاشعاعي الذي نجم عن الحروب المتتالية للنظام السابق وما تركته من
اثار على بيئة العراق،
مشيرا الى ان الفرق الفنية المختصة وبالتعاون مع عدد من
الحكومات المحلية في عدد من المحافظات بذلت جهوداً كبيرة وعملت على مدار الساعة ولأشهر طويلة لتحقيق
الهدف الأكبر والاساس وهو إعلان
العراق خالٍ من
اثار التلوث الاشعاعي وهذا بالتأكيد منجز وطني كبير يتناسب مع المعايير العالمية ومع مبادئ الوكالة
الدولية للطاقة الذرية".
الحسيني بيّن الدور الرقابي المهم الذي يقوم به مركز الوقاية من الإشعاع في الرقابة على أنشطة إدارة النفايات المشعة في عموم
العراق والإجراءات الرقابية للمركز في تحسين الواقع البيئي الإشعاعي من خلال الرقابة على أنشطة تفكيك وتصفية المنشآت النووية المدمرة التابعة للبرنامج النووي العراقي السابق، وإجراءات المركز في الحد من انتشار التلوث الإشعاعي.
واضاف بان المركز بالتنسيق مع الجهات الأخرى متمثلة بمديريات هيئة الطاقة الذرية العراقية، تمكنت من إزالة الكثير من الملوثات الإشعاعية وبدعم حكومي مركزي، لافتاً إلى أن هنالك مناطق لاتزال تشهد تلوثاً اشعاعياً والعمل فيها جارٍ لإزالته من خلال إجراءات علمية وتقنية، لإعلان عراق خالٍ من التلوث الاشعاعي والاهتمام في إنجاز الملف على أكمل وجه لحماية البيئة العراقية والمواطنين من الإشعاع من خلال تنفيذ الخطة الوطنية لإزالة التلوث الاشعاعي في
العراق والتي اقرها مجلس الوزراء الموقر وبدء بتمويلها عام ٢٠٢٣.
في السياق ذاته، أكد مدير عام
وكالة الطاقة النووية رافائيل غروسي خلال زيارته الاخيرة الى
العراق على رأس وفد من خبراء الوكالة عن قيام الوكالة بتشخيص الاحتياجات والعمل على توفير كل ما تتطلبه هذه الهيئات العراقية المختصة من الدعم لإنجاح عملها فإنه أكد إن "هناك أعمدة نعتمد عليها في
التعاون مع
العراق أبرزها دعم إنشاء برنامج نووي سلمي فيه ونحرص على تحقيقه"، وان "التويثة"، التي كانت ذات يوم مصدر قلق عالمي، ترمز الآن إلى طريق مفعم بالأمل نحو العلاج الناجح.
غروسي بيّن إن قلب صفحة الماضي، وتطهير
العراق من اثاره هي من أولويات العمل مع العراق، فيما أكد البدء بوضع خطة لتمكين
العراق من استخدام التطبيقات السلمية للطاقة الذرية في مجالات الصحة والزراعة والصناعة والطاقة النظيفة في
العراق.
وقد أسهمت برامج ومشاريع
التعاون التقني على مدار السنوات السابقة في تعزيز الاستخدام الأمثل والأمن للتكنولوجيا الإشعاعية والنووية على الصعيد الوطني وتطوير نظام العمل الرقابي من خلال تشريع القوانين والتعليمات والضوابط الخاصة بالرقابة على الأنشطة الإشعاعية والنووية، وتوفير متطلبات الأمان الإشعاعي والنووي وبناء القدرات الرقابية لملاكات الهيئات الرقابية الوطنية والمتمثلة بمركز الوقاية من الإشعاع، هذا بالإضافة الى دور الوكالة الرئيسي والفعال في دعم الجهود الوطنية في مجال تصفية وتفكيك المنشآت النووية المدمرة وإدارة النفايات المشعة المتولدة عنها، ويعتبر برنامج تصفية المنشآت والمواقع النووية المدمرة في
العراق الذي إنطلق بإشراف ومتابعة الوكالة
الدولية للطاقة الدرية والمنفذ من قبل تشكيلات هيئة الطاقة الذرية وزارة العلوم والتكنولوجيا سابقا) من المشاريع الوطنية المهمة ذات الاثر الكبير في النهوض بالواقع البيئي في
العراق لما يمثله بقاء تلك المنشآت من خطورة على صحة المواطنين والبيئة، بحسب مركز الوقاية من الاشعاع.
"التويثة" النووي
في الطرف الجنوب الشرقي من بغداد يقع المقر الرئيسي للنشاطات النووية والاشعاعية العراقية والمعروف بـ"التويثة"، حيث بدأ البرنامج النووي العراقي قبل 64 عاما تحديداً، بتفاهم مع الاتحاد السوفياتي، وموافقة فرنسا بعدها على بناء محطة نووية لتضم مفاعلي تموز/ يوليو 1 وتموز2.
ظهيرة 7 حزيران/ يونيو 1981، شنت ثمانِ مقاتلات حربية اسرائيلية من طراز (F16-F15)، بعد اجتيازها الحدود السعودية نحو العراق، هجوماً بستة عشر صاروخاً (جو- أرض) استهدف منشأة التويثة للأبحاث النووية، وليتم تدمير مفاعل تموز، وتتحول المنشأة إلى أنقاض، في عملية عُرفت باسمِ "أوبرا".
وعام 1991، قصفت الطائرات الأميركية، عدداً من الأبنية في موقع التويثة، فيما كررت ذلك خلال غزوها
العراق عام 2003، بعد استهدافها 5 حاويات داخل الموقع، كان بداخلها مواد اشعاعية من مخلفات حرب الخليج الثانية، مستخدمة بذلك قنابر تحمل اليورانيوم المنضب، وذلك وفق أحد العاملين في الموقع آنذاك.
وفي صبيحة العاشر من نيسان 2003 ومع سيطرة القوات الأميركية على العاصمة بغداد، سمحت تلك القوات لأهالي المناطق القريبة من ناحية جسر ديالى بدخول موقع التويثة النووي ونهب بعض محتوياته، التي معظمها مواد ملوثة إما إشعاعياً او كيماوياً.
قام البعض بنهب عشرات "البراميل" البلاستيكية التي كانت تحوي على مواد كيماوية أو بقايا سوائل ملوثة إشعاعياً، فضلاً عن الكثير من الأثاث المكتبي ومعدات إنشائية وعجلات، استخدمها الاهالي في منازلهم بشكل مباشر من دون إدراك خطورتها.