وذكر حمادة في مقال نشره بصحيفة مجلس
القضاء الأعلى، ان "الدولار هو العملة الرسمية في الولايات
المتحدة الأمريكية، ويتم التعامل به في العديد من دول العالم ويعرف بالورقة الخضراء، وهو الوحدة النقدية الأساسية لعملة الولايات
المتحدة الأمريكية والمعتمد للتبادل التجاري والاقتصادي، ولا تتم طباعته من الورق كما هو الحال بالنسبة للعملات الأخرى بل يصنع من القطن والكتان بنسب متفاوتة، ويحتوي على خطين بلونين احمر وازرق يتم صناعتهما من الحرير المقاوم للتزوير، والعمر الافتراضي للورقة هو 18 سنة، ويرمز للدولار بالرمز ($) والذي استخدم على اثر تطور الحروف الاسبانية او المكسيكية، إذ كان الرمز سابقا هو (PS) وهي اختصار لكلمة بيزو (peso) ثم أن الحرف (p) تطور مع مرور الوقت ليكتب بشكل ($) والذي تم تغييره لاحقا إلى (USD) وهو اختصار لعبارة (united states dollar).
وأضاف، "يتولى نظام الاحتياطي الفيدرالي في الولايات
المتحدة الامريكية، إدارة السياسة النقدية في البلاد كونه يعد البنك المركزي الخاص بالدولة، وبموجب أحكام المادة الأولى من القسم الثامن من الدستور الامريكي فأن للبرلمان الامريكي (الكونغرس) صلاحية اصدار
القانون الخاص بصك العملة، وبناء على ذلك فقد تم اصدار الدولار بموجب احكام قانون الصك (قانون النقد الأساسي) في 2/ نيسان ابريل/ 1792 في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق توماس جيفرسون وبمقتضاه أصبح الدولار كوحدة قياسية او حسابية مالية في الولايات
المتحدة الأمريكية سيما بعد انشاء دار الصك الأمريكي.
وقد هيمن الدولار على النظام المالي العالمي بعد الحرب العالمية الثانية، إثر عقد معاهدة (بيتون وودز) عام 1944 والتي نجم عنها إنشاء البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وتم تكليف صندوق النقد الدولي بمهمة ضمان الاستقرار المالي العالمي، بغية تجنب الازمات المالية العالمية كالتي حصلت عام 1929، وقد تضمنت تلك المعاهدة على اعتماد الدولار كعملة رئيسة لتحديد اسعار
الدول الأخرى، كونه مقوما بالذهب، وعلى إثر ذلك فقد بادرت
الدول بتثبيت سعر صرف عملتها مقابل الدولار، وفقا لحمادة.
وتابع، "تبلغ قيمة الدولار مائة سنت، وهو على فئات متعددة
الأعلى منها هي فئة مائة دولار امريكي، باستثناء الورقة التي تم اصدارها في الفترة من 18 ديسمبر 1934 ولغاية 9 يناير 1935 وهي فئة مائة إلف دولار وتسمى الشهادة الذهبية والتي تم استخدامها في التعاملات بين البنوك والشركات التابعة لنظام الاحتياطي الفيدرالي ولم يتم طرحها للتداول بين الأفراد".
وأشار الى ان المليونير الامريكي تاري ستيوارت بادر في منتصف القرن الماضي والذي اسس جمعية عالمية للمليونيرات الى طرح فكرة إصدار وطباعة ورقة المليون دولار، للتعبير عن الثراء واشباع رغبات الأعضاء في الحرية والثروة، وقد حصل على موافقة الحكومة الأمريكية على ذلك، كما حصل على موافقة وزارة الخزانة ومكاتب الخدمة السرية على بيع تلك الورقة كعملة تذكارية بمبلغ خمسة دولارات للورقة الواحدة على ان يتم تخفيض سعرها كلما كان الطلب عليها مرتفعا، وحيث تمت اساءة استخدام تلك الورقة التذكارية من قبل العديد من الاشخاص في امريكا وعصابات المافيا في ارتكاب جرائم الاحتيال بواسطتها من خلال التضليل بها وبيعها بمبالغ مالية تتراوح من خمسين الى مائة ألف دولار امريكي بالشكل الذي ادى الى اثارة المشاكل للخزانة الامريكية بسبب التعامل بها بسوء نية لغرض تحقيق موارد مالية غير مشروعة الامر الذي دفع مكتب الخدمات السرية الامريكي عام 1990 الى الزام جمعية المليونيرات الامريكية بإيقاف طباعتها وبيعها، الا ان ذلك لم يقف مانعا من الاستمرار في طباعة وبيع عملة المليون دولار التذكارية من قبل تلك الجمعية".
وأوضح، "قد ترتب على الاستمرار في طباعة وبيع تلك الورقة أن انتشرت جرائم الاحتيال بالتداول بعملة المليون دولار في العديد من دول العالم ومنها
الدول العربية كمصر والمغرب وليبيا والعراق، اذ تم القبض على العديد من الأشخاص ممن كان بحيازته تلك الورقة وبادر الى استعمالها في التداول من خلال عرضها للبيع بطرق مختلفة سواء اكان ذلك مباشرة او عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي بأنواعها المختلفة والتي كان لها دور مهم في عرض تلك الورقة على الجمهور وبأسعار عالية بادعاء انها ورقة نقدية يمكن التعامل بها بصورة مشروعة بالشكل الذي أدى الى وقوع العديد من الأشخاص كضحايا لتلك الأفعال غير المشروعة كون الورقة المباعة لا قيمة مالية لها سوى انها تستخدم كورقة تذكارية، ونتيجة لتكرار ارتكاب مثل تلك الجرائم في
العراق فقد اصدر البنك المركزي العراقي/ دائرة الإصدار والخزائن بيانا في الشهر العاشر من عام 2019 تضمن بأنه قد (ازداد في الآونة الاخيرة ترويج أوراق تذكارية من فئة مليون دولار امريكي تستعمل من قبل ضعاف النفوس من الخارجين عن
القانون لغرض النصب والاحتيال على المواطنين، وهي ورقة تذكارية غير متداولة في اسواق النقد العالمية صادرة عن جمعية المليونيرات الأمريكية، ولا تعد هذه الورقة نقدية لكونها غير صادرة عن البنك الفيدرالي الأمريكي ولا تمثل أي سند مالي، وتستعمل لغرض الإهداء فقط، وان اعلى فئة بالتداول للدولار الأمريكي هي فئة (100) دولار، ورغم اصدار ذلك البيان ونشره بالوسائل الإعلامية المختلفة إلا أن الملاحظ ان ذلك لم يقف مانعا من الاستمرار في ارتكاب جريمة التعامل بتلك الورقة".
ولابد من الإشارة إلى أنه ولغرض بيان التكييف القانوني لفعل المتهم عند ارتكابه جريمة التعامل بورقة المليون دولار، فان المادة (٤٩/و) من قانون البنك المركزي
العراقي المرقم لسنة ٢٠٠٤ قد نصت صراحة بأنه (ويقصد بعبارة.. العملات الرمزية المزورة) الدمغة المهنية وطوابع البريد المزورة او غير ذلك من رموزها قيمتها الثابتة يتم تزويرها باية طريقة فنية او بسيطة او تنطوي على الغش والتضليل، كما يشمل هذا المفهوم العملات المعدنية او الورقية الأصلية التي ليس لها قيمة النقود....)، كما نصت المادة (٥٣) منه على أن (كل شخص يقوم بقصد الغش مع معرفته بذلك بـ(تصنيع او انتاج او بيع او حيازة) اي شيء بقصد استخدامه في اعمال التدليس بدلا من العملات النقدية المعدنية او العملات الرمزية.. يكون مرتكبا جناية يعاقب عليها
القانون بدفع غرامة لاتزيد عن خمسة وعشرين مليون دينار او الحبس لمدة لا تزيد عن سنتين او كلاهما معا، بحسب القاضي حمادة.
واردف، "ورغم ان النص المذكور اعلاه يمكن ان يطبق عند ارتكاب جريمة التداول بعملة المليون دولار من قبل محكمة الموضوع، الا أن الملاحظ عليه هو الصياغة القانونية الركيكة في استخدام المصطلحات القانونية المعبرة بدقة عن الجريمة المرتكبة كونه قد تضمن بان الجريمة من جرائم الجنايات بينما وردت العقوبة المقيدة للحرية الواردة فيه من العقوبات المفروضة على جرائم الجنح وكان يفترض ان يتضمن النص العقوبة المقررة لجرائم الجنايات هي السجن لمدة لا تقل عن خمس سنوات من جهة، ومن جهة اخرى فان النص قد تطرق لعقوبة الغرامة ابتداء ثم بيان العقوبة المقيدة للحرية لاحقا وكان المفترض ان يتم بيان العقوبة الاخير ابتداء ثم تحديد عقوبة الغرامة بعد لاحقا، وفي كل الاحوال فأننا وجدنا بان فرض عقوبة الحبس لمدة سنتين عند ارتكاب جريمة التداول بعملة المليون دولار قد لا تكون عقوبة مناسبة مع الفعل المرتكب سيما ان تلك الجريمة تتعلق بالاقتصاد الوطني ولا تحقق الغاية منها في الردع العام والخاص حيث ان الضرر المادي المترتب عليها قد تكون له آثاره السلبية للفرد والمجتمع الأمر الذي يوجب المعالجة التشريعية في تعديل النص المذكور لهذا الغرض".