وبتزايد عدد السكان البالغ أكثر من 42 مليون نسمة ووجود أكثر من مليونين ونصف المليون مركبة، والتي من شأنها أن ان تؤثر على انسيابية
حركة المرور وتزايد الزخم المروري لا سيما في وقت الذروة خلال الدوام الرسمي، أصبح من اللازم العمل على مشاريع جدية وفعلية للنهوض بواقع الشارع.
*بداية المشروع
بدأ المشروع في عهد نظام صدام حسين، وكان من المفترض أن يكون جاهزاً للإختبار بحلول عام 1986، إلا أن الحرب العراقية-الإيرانية حالت دون ذلك، بحسب صفحة التقنية من أجل السلام.
في عام 2006 ذكر المدير العام لشركة المشاريع والنقل العراقية أسعد خضير حينها، ان وزارة
النقل العراقية أحالت إلى شركة (دروش) الألمانية مناقصة التصاميم النهائية الخاصة بإنشاء مشروع مترو
بغداد والذي سيستغرق مدة أربع سنوات في تنفيذه بتكلفة قدرها 3.95 مليون دولار، على إن المشروع سيتم وبواقع عدة خطوط، الأول بطول 32كم يتضمن 36 محطة، الثاني بطول 14كم يتضمن 16 محطة، أما الثالث فسيكون بطول 20كم.
وبعد عامين أي في 2008 تم الإعلان عن خطط لإنشاء مترو بقيمة 3 مليار دولار، حيث ذكر حينها أمين
بغداد (صابر العيساوي) بأنه تم تخصيص مبلغ من أجل دراسة جدوى للمشروع ضمن موازنة العام المقبل.
وذكر مهندس المشروع (عطا نبيل حسين) "هذا أحد أهم مشاريع
بغداد ونأمل أن ينضم إليه المستثمرون"، وأضاف "لقد طلبنا منهم تقديم مناقصات ولدينا بعض المال للمساهمة من الحكومة، ونحن نخطط لبدء العمل في وقت مبكر من العام المقبل".
وكان من المفترض ان يضم المشروع خطين يمران بـ20 محطة، حيث يمتد الخط الأول مسافة بحوالي 17كم، والخط الثاني بمسافة 20كم.
وفي عام 2010، عاد مرة أخرى مشروع مترو
بغداد لأحاديث المسؤولين دون أي تنفيذ على أرض الواقع، حيث أعلن أمين
بغداد (صابر العيساوي) عن التعاقد مع شركة (سيسترا) الفرنسية من أجل إعداد المتطلبات الخاصة بمشروع مترو
بغداد بكلفة تبلغ نحو 3 مليار دولار.
وكسابقه من إتفاق سيكون للمترو عدة مسارات، الأول بطول 18كم ويضم 20 محطة ويبدأ من نهاية مدينة الصدر ماراً بشارع (الجوادر) وساحتي (الخلاني والوثبة) ثم يسير تحت
شارع الخلفاء وصولاً إلى
شارع ابو حنيفة وينتهي في بساحة عنتر في الاعظمية، أما المسار الثاني يبلغ طوله 21كم ويضم 21 محطة يبدأ من ساحة الفتح في منطقة المسبح ماراً بـ(شارع السعدون، ساحة الخلاني، ساحة الوثبة) ثم يتجه نحو تقاطع معرض
بغداد الدولي ليتفرع إلى قسمين أحدهما باتجاه المنصور إلى منطقة الوشاش والآخر بإتجاه البياع وينتهي عند تقاطع الشارقة.
وبعد عام، (2011)، ظهرت اتفاقية جديدة مع شركة جديدة، حيث وقعت مذكرة تفاهم مع شركة (الستوم) الفرنسية من أجل بناء مسار بطول 25كم وبمدة إنجاز تستغرق عامين، وكان
اتفاق تمويل المشروع البالغ تكلفته 600 مليون دولار بقرض حكومي فرنسي يغطي جزء من التكلفة ويمول الجزء الباقي عن طريق قرض آخر من مصرف فرنسي على أن يتم تسديده على مدى 20 عاماً. وكان من المفترض أن يربط هذا المشروع مناطق (الشعب، الاعظمية، الكاظمية، الحرية) بالمناطق الوسطى.
واندثر الحديث عن المشروع ليعود ويظهر من جديد بعد خمسة أعوام (2016)، مع تجدد الوجوه السياسية في السلطة، حيث أعلنت وزارة
النقل العراقية عن مباحثات دارت بين وزير
النقل (كاظم فنجان الحمامي) وأمين
بغداد (ذكرى علوش)، حيث اطلع الحمامي على مخططات المترو وأماكن إنشاء المحطات وخطوط السكك.
وبعد شهرين اجتمع الحمامي مع شركة (الستوم) الفرنسية التي سبق ان تم الاتفاق معها لتنفيذ نفس المشروع، وتم مناقشة مقترح إنشاء خط أنفاق من
بغداد إلى مدينتي النجف وكربلاء، وخطوط أخرى من مركز كربلاء إلى اقضيتها، بالإضافة إلى إنشاء خط آخر يربط
بغداد بالبصرة.
وخلال اتفاقيات وتعاقدات
العراق مع الشركات الأجنبية بشأن مترو
بغداد هناك أيضًا اتفاقيات وتعاقدات مع شركات أجنبية من أجل إنشاء مشروع قطار
بغداد المعلق، حيث أعلن مجلس محافظة
بغداد عام،2013 عن إنتهاء تصميم مشروع القطار المعلق مبيناً أنه سينفذ عام 2014 أي قبل حوالي تسع سنوات من اليوم، كما وأعلنت المحافظة عن أن كلفة المشروع ستبلغ نحو مليار و500 دولار أمريكي، والذي سينقل حوالي 30 ألف راكب في الساعة وستكون له 14 محطة معلقة.
لم تنتهي العقود والاتفاقيات بعد، حيث وقعت شركة (ألستوم) الفرنسية عام 2017، مذكرة تفاهم جديدة مع
العراق لتتولى إنشاء خط معلق في
بغداد بطول 20 كم وسيقام المشروع خلال 5 سنوات وبتكلفة تقدر بحوالي 2.5 مليار دولار.
ونعود مرة أخرى باتفاقية جديدة لنفس المشروع، حيث أعلنت وزارة
النقل العراقية عام 2020، عن بدأ "المباشرة الفعلية" بمشروع القطار المعلق بعد اجتماع موسع في مبنى الوزارة، وشدد الوزير حينها على اسراع الخروج بنتائج لحسم جميع الإجراءات اللازمة للمباشرة الفعلية بالمشروع الذي من المفترض أن يوفر 6000 فرصة عمل خلال فترة الإنجاز المقدرة بخمس سنوات، وبعد ثلاث أشهر وقع وزير
النقل في باريس مذكرة إعلان نوايا إنشاء القطار المعلق في العاصمة، وعادت وزارة
النقل والتقت بوفد من نفس الشركة الفرنسية من أجل متابعة ملف مشروع القطار المعلق.
وكشفت وزارة التخطيط عن الكلفة التخمينية للمشروع والتي تتجاوز الـ4 ترليون وبمدة تنفيذ 5 سنوات، مبينة أن المشروع قد أدرج لحساب وزارة
النقل ضمن موازنة عام 2021. وأشار وزير النقل، ناصر حسين الشبلي، إن ""وزارة
النقل وبعد أن أحيل هذا المشروع إليها طلبت إدراجه في موازنة العام 2021 وتم إدراج هذا المشروع"، مضيفًا "تم تخصيص 50 مليون دولار للمشروع في موازنة العام 2021، وأن الوزارة لم تستطع تنفيذ المشروع"، وأشار الشبلي إلى أنه "تم إدراج المشروع في موازنة العام 2022 وتم تخصيص مبلغ ملياري دولار من قبل وزارة المالية"، منوها إلى أن "الوزارة تنتظر تصديق الموازنة لغرض البدء بتوقيع العقد".
وآخر مسار للمشروع قد أعلن عنه بخطين يبدأ الأول من المحطة العالمية في منطقة العلاوي بإتجاه منطقة الكاظمية بعدها يعبر من على الجسر الحديدي وصولاً إلى منطقة الشعب، إما الخط الثاني فيبدأ أيضا من المحطة العالمية في منطقة العلاوي بإتجاه منطقة البياع وصولاً إلى
بغداد الجديدة.
وبحلول عام 2022، حلت تصريحات جديدة للمشروع المعلق منذ سنوات، أذ اعلن رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي على ضرورة البدء بمشروع مترو بغداد، كما وذكر المتحدث باسم الأمانة العامة لمجلس الوزراء (حيدر مجيد) في حينها، إن أمانة
بغداد ووزارة
النقل هما الجهتين المسؤولتين عن المشروع، مبيناً أن شركة (ألستوم) الفرنسية وشركة (هونداي) الكورية هما المنفذتين للمشروع.
وأعلن وزير
النقل الحالي رزاق محيبس السعداوي في نهاية العام 2022، عن إدراج مشروع قطار
بغداد المعلق في موازنة الوزارة لعام 2023 ، مؤكداً وجود توجه الى العمل به في العامين المقبلين، وذكر السعداوي خلال استقباله السفير الصيني لدى
العراق أن "مشروع القطار المعلق تم إدراجه في موازنة الوزارة للعام المقبل، وأرسل الى مجلس الوزراء، وبعد موافقة المجلس ننتظر موافقة البرلمان"، متوقعًا "" الإعلان عن هذا المشروع في الربع الأول من العام المقبل".
وتوالت التصريحات والوعود ففي عام 2023، أعلنت وزارة النقل، عن إنجاز التصاميم الأساسية لمشروع القطار المعلق وتحديد مساراته، وذكر المكتب الاعلامي لوزارة النقل، أن "من بين المشاريع المهمة التي تسعى الوزارة لتنفيذها مشروع قطار
بغداد المعلق والذي أدرج ضمن موازنة العام الحالي بعد اكتمال التصاميم الأساسية وتحديد المسارات"، وأضاف المكتب في بيانه أن "المشروع سيساعد بشكل كبير على فكِّ الاختناقات المرورية في بغداد".
أيضًا أعلن مجلس النواب
العراقي في بداية شهر آذار 2023، عن اجتماع وفد نيابي ترأسه النائب (فيان صبري القاضي) رئيسة لجنة الصداقة العراقية-الفرنسية بالسفير الفرنسي في
بغداد (إيريك شوفالييه) والعاملين في السفارة بدعوة من الجانب الفرنسي، بحث الاجتماع التعاون في مجال
النقل والاتصالات بين البلدين لاسيما إمكانية "الإسراع في تنفيذ القطار المعلق ومترو
بغداد من قبل الشركات الفرنسية".
وفي الختام يتوارد تساؤل لجميع ما ذكرناه، هل سيرى أي من المشروعين النور والتنفيذ على أرض الواقع لمعالجة الاختناقات المرورية في
العاصمة المكتظة؟ أم سيبقى مشروعًا كلاميًا حبيس الدوائر الحكومية والتصريحات السياسية ولا يتعدى كونه حبر على ورق؟