ومع تشكيل الحكومة العراقية في 7 أيار 2020، أصبح بإمكان
البرلمان الآن التركيز على الإصلاح التشريعي.
وحددت المنظمة في تقرير مفصل نشرته اليوم، أربعة مجالات رئيسية للنهوض بحقوق الإنسان في العراق، قامت
الحكومات والبرلمانات السابقة بصياغة ومراجعة الاقتراحات التشريعية بشأنها لكنها لم تقرها.
هناك العديد من المجالات تحتاج إلى إصلاح تشريعي لكي يتماشى
القانون العراقي مع المعايير الدولية، لكن مشاريع القوانين التي سبق أن عُرضت تتناول حق المعتقلين في الحصول على تمثيل قانوني، والتعذيب، والاختفاء القسري، والعنف الأُسري.
وقالت بلقيس والي، باحثة أولى في قسم الأزمات والنزاعات المنظمة "دخل
العراق مرحلة جديدة، فالقتال ضد تنظيم داعش انتهى عموما، ينبغي للحكومة اغتنام هذه الفرصة للتركيز على حماية الحقوق الأساسية للعراقيين وجعل
قوانين العراق تتماشى مع المعايير الدولية".
وذكرت المنظمة انه في 29 آذار 2018، قبل انتخابات أيار 2018، أكمل مجلس
النواب السابق مراجعته المبدئية لتعديلات "قانون المحاماة لسنة 1965" والتي تضمن للمُدّعى عليهم الحق في تواجد محاميهم في الغرفة أثناء التحقيق. بعد هذه المراجعة الأولى، أحال أعضاء مجلس
النواب التعديلات إلى اللجنة القانونية البرلمانية لإجراء مراجعة ثانية. ليس لهذه المراجعة أي آثار على صعيد الميزانية، ولكنها ما تزال عالقة في
البرلمان ولا تحتاج إلى أي إجراء إضافي من الحكومة.
ويمنح الدستور
العراقي المحتجزين الحق في الحصول على محامٍ يختارونه بأنفسهم أو طلب محام تعيّنه الدولة، يُسمح له بالحضور طوال فترة التحقيق. لكن ولسنوات عديدة، أفاد المعتقلون والمحامون لـ هيومن رايتس ووتش بأن السلطات لا تسمح بذلك. ستتطلب التعديلات توفير مساحة كافية في جميع مرافق الاحتجاز والمحاكم للسماح بإجراء مشاورات مع المحامين، بما فيها غرف خاصة.
وبحسب المنظمة فانه ستتطلب التعديلات من جميع السلطات السماح للمحامين بالتواجد أثناء الإجراءات القضائية والتحقيقات، ومراجعة جميع الوثائق ذات الصلة، وإخبارهم مسبقا بالإجراءات القادمة في القضية.
كما من شأنها أن تحظر استجواب المشتبه فيهم ما لم يرافقهم محام وتبطل أي استجواب لم يحدث فيه ذلك. تشمل التعديلات عقوبات على السلطات التي تمسّ بحقوق المحامين والواجبات المهنية، وتأمر السلطات بإبلاغ نقابة المحامين إذا قدمت شكوى جنائية ضد محام.
وقالت هيومن رايتس ووتش إنه ينبغي للّجنة القانونية البرلمانية أن تدعم إقرار مشروع
القانون هذا.
بدعم من منظمة "هارتلاند ألاينس إنترناشونال"، وهي منظمة حقوقية تعمل في
العراق على حقوق المحتجزين، أعد بعض أعضاء
البرلمان مشروع قانون لمكافحة التعذيب في أيار 2017.
سيتطلب
القانون من القاضي إصدار أمر بإجراء فحص طبي لأي محتجز يزعم أنه تعرض للتعذيب خلال 24 ساعة من الادعاء، الأمر الذي نادرا ما يحدث بحسب هيومن رايتس ووتش.
كما ينص مشروع
القانون على فرض عقوبات جنائية على من يعذب شخصا أثناء احتجازه ويدعو القضاة إلى رفض جميع الأدلة التي يتم الحصول عليها من خلال التعذيب.
كما ينص على إقالة الشخص الذي يزعم أنه استخدم التعذيب من دوره في القضية الجنائية وعلى وجود محام لجميع المحتجزين طوال فترة التحقيق.
وقالت هيومن رايتس ووتش إن "تمرير هذا
القانون سيساعد في معالجة الاستخدام الواسع للتعذيب لانتزاع الاعترافات وعلى الحكومة إعادة تقديم مشروع
القانون إلى
البرلمان لدراسته".
وفي 14 أيار 2020، بعثت هيومن رايتس ووتش برسالة إلى الحكومة الجديدة تحثها على اتخاذ خطوات فورية لتقليل عدد الأشخاص في السجون ومراكز الحبس المؤقت وأماكن الاحتجاز الأخرى في
العراق لمنع انتشار فيروس
كورونا.
وطوال سنوات، وثقت هيومن رايتس ووتش الاكتظاظ الحاد في السجون العراقية التي تفتقر بشدة إلى الظروف الصحية. وبينما تزعم تقارير إعلامية أن السلطات أفرجت عن 20 ألف سجين في نيسان كإجراء وقائي، لم تفصح علنا عن أي معلومات بشأن المعتقلين الذين اختيروا للإفراج عنهم ومعايير هذا الاختيار.
رسالة من "هيومن رايتس ووتش" إلى وزارة الخارجية العراقية
وطالبت هيومن رايتس ووتش السلطات العراقية مرارا وتكرارا على مدى السنوات الأربع الماضية بمشاركة، أو الإعلان عن، العدد الإجمالي للأشخاص في السجون العراقية. وحتى الآن، رفضت السلطات القيام بذلك، ما جعل من المستحيل تقييم ما إذا كان الإفراج حتى الآن قد قلل بشكل كاف من الاكتظاظ الحاد وأمّن مبدأ التباعد الاجتماعي.
وقال أحد المطلعين على الوضع داخل السجون العراقية لـ هيومن رايتس ووتش إنه يعرف عن سجن واحد على الأقل في
بغداد أصيب فيه السجناء والحراس بفيروس
كورونا. لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من التحقق من هذه المعلومة.
وفي أيار 2017، أعدت هارتلاند ألاينس إنترناشونال ومجموعة من أعضاء
البرلمان مشروع قانون حماية الأشخاص من الاختفاء القسري، ما يجعل الاختفاء القسري جريمة معترفا بها بموجب
القانون العراقي.
وتقدّر "اللجنة
الدولية لشؤون المفقودين"، التي تعمل بالشراكة مع الحكومة العراقية للمساعدة في استرداد المفقودين وتحديدهم، أن عدد المفقودين في
العراق قد يتراوح بين 250 ألف ومليون.
كما تقول "اللجنة
الدولية للصليب الأحمر" إن لدى
العراق أكبر عدد من المفقودين في العالم وقد أُخفي بعضهم قسرا وكان أحدثهم المشاركون في حركة الاحتجاج التي بدأت في تشرين الأول 2019.
وقالت المنظمة انه منذ 2014، أخفت القوات العسكرية والأمنية العراقية مئات الأشخاص، معظمهم ذكور من العرب السنة، في كثير من الأحيان أثناء عمليات مكافحة الإرهاب. يدعو مشروع
القانون إلى التعويض المناسب لضحايا الاختفاء القسري وأسرهم.
وينبغي للحكومة إعادة تقديمه إلى
البرلمان لمراجعته.
وتعهد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في 9 أيار بأن تحقق الحكومة في مقتل أكثر من 600 متظاهر منذ تشرين الأول 2019.
وكجزء من التحقيقات، ينبغي أن تحدد وتعلن عن الجماعات وقوات الأمن التي شاركت أو نسقت عمليات القتل هذه ومحاسبة المسؤولين.
وينبغي أن تعوّض ضحايا جميع عمليات القتل غير المشروع. هناك حاجة إلى بذل الجهود لتحديد مكان المتظاهرين الذين اختطفوا وما زالوا مفقودين، مع ضمان المساءلة الكاملة.
وقالت المنظمة أخيرا، ينبغي للحكومة إجراء تعديلات رئيسية على مشروع قانون مكافحة العنف الأسري وإعادة تقديمه أيضا إلى
البرلمان.
وتشمل نقاط قوة مشروع القانون، والتي كانت معلقة حتى قبل
البرلمان السابق منذ 2015، أحكاما بشأن الخدمات المقدمة إلى ضحايا العنف الأسري والملاجئ وأوامر الحماية، أوامر التقييد، وتطبيق العقوبة على الخروقات، وإنشاء لجنة مشتركة بين الوزارات لمكافحة العنف الأسري. وفي ظل انتشار الوباء الناتجة عن فيروس كورونا، أصبحت تدابير مكافحة العنف الأسري حاجة ملحة.
وقالت والي: "في السنوات الأخيرة، هيمن الأمن على الأجندة التشريعية والحكومية. في ظل هذه الحكومة الجديدة، الأولوية يجب أن تكون لحقوق الإنسان".