وقال الغريباوي في مقال أطلعت عليه
السومرية نيوز، إنه "بتاريخ 21/5/2019 اصدر رئيس المحكمة الاتحادية القرار المرقم (37/اتحادية/2019) والذي تضمن (الحكم بعدم دستورية المادة (3) من قانون المحكمة الاتحادية رقم 30 لسنة 2005 بقدر تعلق الامر منها بصلاحية مجلس
القضاء الاعلى لترشيح رئيس واعضاء المحكمة الاتحادية والغاءه وذلك لمخالفته لاحكام المادتين (91/ثانياً و92) من دستور
جمهورية العراق لسنة 2005".
وأضاف أنه "بالنظر لما تضمنه هذا القرار من مخالفات دستورية وقانونية واضحة وما انتجه من
اثار سلبية على استقلال
القضاء وما تسبب به من فوضى دستورية . ولكوني رئيساً لجمعية
القضاء العراقي والتي تعتبر الرابطة القضائية المنتخبة والوحيدة في
العراق والتي نشأت من اجل دعم مسيرة استقلال
القضاء ومن اهم اهدافها وفقاً لنظامها الداخلي العمل على مبدأ استقلال
القضاء وعدم التدخل في شؤونه وتعزيز الولاية العامة له وابداء الرأي بالتشريعات ذات العلاقة بالقضاء وكذلك ابداء الرأي بالعمل القضائي بشكل عام، انطلاقاً من ذلك سوف اناقش القرار مناقشة موضوعية بعيدة عن كل المؤثرات وبعيدة عن شخصنة الامور والمصالح الشخصية" .
وأكد الغريباوي، أنه "لا شك ان مبدأ استقلال السلطة القضائية لم يظهر لنفع شخصي يحققه القضاة لانفسهم وانما هو نتاج نظرية عالمية مفادها الفصل بين السلطات لحماية الحقوق والحريات من التجاوز، وفي الوقت نفسه يرتب التزاماً قانونية واخلاقياً على جميع القضاة في ان لا يتصرفوا بشكل كيفي عند النظر في الدعاوى او المنازعات التي تعرض امامهم ، بل ان يسعوا الى الى تطبيق القانون تطبيقاً سليماً بعيداً عن كل الاهواء والمؤثرات وان لا يحابوا ولا يداهنوا في اعلاء كلمة القانون ومبدأ سيادته، ولا شك ان انشاء المحكمة الاتحادية في
العراق يعتبر خطوة هامة وكبيرة في مسيرة استقلال
القضاء لما لها من دور مهم في تعزيز الديمقراطية وترسيخ سيادة الدستور والقانون ، ويعتبر انشاء محكمة تحمل سلطة الرقابة الدستورية عنصراً هاماً من عناصر بناء الديمقراطية في جميع البلدان ولذلك فلا بد لها من ان تصدر احكاماً وقرارات موثوقاً بها من اجل تحقيق تلك الاهداف" .
وبيّن أن "الدعوى التي تقام امام المحكمة الاتحادية ليست لها خصوصية معينة من حيث الشكلية القانونية لقبولها، ولكون قانون المحكمة الاتحادية النافذ لم يتضمن الاجراءات الشكلية لاقامة الدعوى وقبولها فلا بد من الرجوع الى القانون الاجرائي العام بهذا الخصوص وهو قانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنة 1969، كما ان النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية والذي حمل الرقم 1 لسنة 2005 قد تضمن بعض القواعد الاجرائية الخاصة بها والذي اكد في المادة (5) منه على وجوب ان تكون الدعوى التي تقام امام تلك المحكمة مستوفية للشروط المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية واضاف شروطاً اخرى تضمنتها تلك المادة سيتم تناولها بشكل مفصل".
وتابع رئيس جمعية
القضاء العراقي، أنه "اذا كان حق رفع الدعوى امام
القضاء مكفولاً للجميع الا ان المشرع قيده بشروط معينة تفادياً لرفع دعاوى تعسفية او كيدية يكون الغرض منها الاضرار بالافراد او بالمجتمع بشكل عام ، فمن الشروط العامة التي يجب ان تتوافر لقبول النظر في الدعوى والتي يجب توافرها في جميع الدعاوى هي ما نصت عليه المواد (3 ، 4 ، 5 ، 6) من قانون المرافعات المدنية والتي يجب على القاضي او المحكمة التأكد من توافرها قبل الخوض في موضوع الدعوى ويترتب على تخلفها او غياب احداها الحكم برد الدعوى" .
ولفت إلى أنه "يجب على كل من يرغب باللجوء الى
القضاء بدعوى معينة ان تتوافر فيه شروط محددة قانوناً لابد من توافرها جملة وفي ان واحد وهي الاهلية – الصفة او الخصومة – المصلحة"، مبيناً أنه "بالنسبة للاهلية وهي قدرة الشخص على تحمل الالتزامات واكتساب الحقوق ومباشرتها ، فان لكل شخص بلغ سن الرشد القانوني المحدد ب (18) سنة كاملة دون عارض من عوارض الاهلية مباشرة اجراءات التقاضي بنفسه" .
وأوضح الغريباوي، أن "الشرط الثاني وهو الصفة او الخصومة والتي يقصد بها المركز القانوني للشخص الذي يمنح له الحق في المطالبة بحق معين، اذ اشترطت المادة (4) من قانون المرافعات المدنية ان الخصم في الدعوى يشترط ان يترتب على اقراره حكم في حال صدور اقرار منه، والمادة المذكورة وان كانت قد اشترطت ذلك صراحة بالنسبة للمدعى عليه الا ان اغلب الفقهاء يشترطون توافر الصفة في المدعي والمدعى عليه على حد سواء مؤكدين على ان الدعوى يجب ان ترفع من ذي صفة وهنا وردت المخالفة القانونية الاولى لقرار المحكمة الاتحادية اذ انها قبلت الدعوى من شخص طبيعي (مواطن) دون ان تتحقق من توافر تلك الصفة فيه وقد ناقضت بذلك الفقرة الاولى من قرارها عندما قررت رد الدعوى عن رئيس الجمهورية اضافة لوظيفته ، فكان على المحكمة ومن باب اولى ان تدقق في توافر تلك الصفة في المدعي قبل مباشرتها بنظر الدعوى من الناحية الموضوعية" .
وأشار إلى أن "الشرط الثالث وهو الاهم في القرار محل النقاش هو (المصلحة) ويقصد بها الفائدة الحقيقية والفعلية التي تعود على رافع الدعوى نتيجة اللجوء الى
القضاء ، والتي بتخلفها تعتبر دعواه من الدعاوى الكيدية او التعسفية ، فلا دعوى دون مصلحة ، فهي حماية لحق شخصي اعتدي عليه ، اساسها الحق المباشر الثابت المعتدى عليه ، فيكون الهدف من اقامة الدعوى هو حماية ذلك الحق او استرداده" .
وأكد أنه "يشترط في هذه المصلحة ان تكون شخصية ومباشرة لتنطبع بطابع الحقيقية والعملية ولتبعد
القضاء عن النظر في المصالح النظرية".
واستطرد أن "شرط المصلحة من الشروط الواجب توافرها لقبول الدعوى الدستورية وان مخالفة النص المطعون به للدستور (على فرض ذلك) لا يكفي لتحقيق تلك المصلحة وانما يجب ان يطبق ذلك النص على المدعي على النحو الذي يلحق ضرراً مباشراً فيه , فان كان المدعي غير مخاطب لذلك النص وان الاخلال الذي يترتب على مخالفة النص للدستور لا يقع عليه ولا يلحق ضرراً مباشراً فيه فلا يتحقق شرط المصلحة فيه , ذلك لان الدعوى الدستورية ليست من دعاوى الحسبة المعروفة في الفقه الاسلامي، وهذا ما قصده المشرع في المادة (4) من قانون المرافعات المدنية وما نصت عليه المادة (4) من قانون المحكمة الاتحادية النافذ في الفقرة (ثانياً) منها الخاصة بمهام المحكمة (الفصل في المنازعات المتعلقة بشرعية القوانين ......... ويكون ذلك بناءً على طلب من محكمة او جهة رسمية او مدعٍ ذي مصلحة) اي ان قانون المحكمة قد اجاز للمحاكم والجهات الرسمية اقامة الدعوى المتعلقة بالطعن بشرعية القوانين دون اشتراط المصلحة المباشرة واكد على وجوب توافرها في كل مدعٍ من غير تلك الجهات ، وهذا ليست الا تفسيراً قانونياً اكده النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية ذاتها الذي اشترط في المادة (6) منه اضافة الى استيفاء الدعوى للشروط المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية".