نقلاً عن رصيف 22
في تصريح قد يسبب جدلاً واسعاً في
مصر خصوصاً من قبل التيار السلفي الذي يؤمن أن تعدد الزوجات "نعمة من نعم الله"، قال شيخ الأزهر الشريف الدكتور أحمد الطيب، إن تعدد الزوجات يظلم النساء، مضيفاً أن هذه القضية من بين قضايا التراث الإسلامي التي تحتاج للتجديد بشكل عاجل.
قال شيخ الأزهر: "من يقولون إن
الأصل في الزواج هو التعدد مخطئون، وعلى مسؤوليتي الكاملة، فإن
الأصل في القرآن الكريم هو أن زوجة واحدة تكفي"، معتبراً أن الآية القرآنية "فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً" دليل على كلامه.
وتابع الطيب في
برنامج "حديث شيخ الأزهر" الذي تعرضه شاشة الفضائية المصرية كل يوم جمعة، أن
المرأة هي نصف المجتمع، وعدم الاهتمام بها وبقضاياها يجعل الأمة وكأنها تمشي على ساق واحدة، بحسب تعبيره.
وفي السنوات الأخيرة برز موضوع تعدد الزوجات في الشارع المصري، حيث دشّنت بعض الفتيات صفحات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، يطالبن من خلالها بضرورة قبول تعدد الزوجات للقضاء على العنوسة في مصر، كما خرجت فتاوى عديدة مؤيدة لهذا التحرك من قبل علماء دين في التيار السلفي.
ظلم للمرأة وللأبناء أيضاً
في حلقة الأمس من برنامجه، قال الطيب إن مسألة تعدد الزوجات تشهد ظلماً للمرأة وللأبناء في كثير من الأحيان، وهي من الأمور التي شهدت تشويهاً للفهم الصحيح للقرآن الكريم والسنة النبوية، مطالباً المسلمين بإعادة قراءة الآية التي وردت فيها مسألة تعدد الزوجات بشكل كامل، فالبعض يقرأ "مثنى وثلاث ورباع"، وهذا جزء من الآية، وليس الآية كاملة، فهناك ما قبلها وما بعدها.
وتساءل الطيب: هل المسلم فعلاً حر في أن يتزوج ثانية وثالثة ورابعة على زوجته الأولى أم أن هذه الحرية مقيدة بقيود وشروط؟ وأكمل أن التعدد حق للزوج لكنه "حق مقيد" بحسب وصفه، قائلاً إننا "نستطيع أن نقول إنه رخصة، والرخصة تحتاج إلى سبب، فمثلاً الذي يقصر الصلاة رخصته مشروطة بالسفر، وإذا انتفى السبب بطلت الرخصة".
وأكد شيخ الأزهر أن "التعدد مشروط بالعدل، وإذا لم يوجد العدل يحرم التعدد"، مضيفاً أن العدل ليس متروكاً للتجربة، بمعنى أن الشخص يتزوج بثانية فإذا عدل يستمر وإذا لم يعدل يطلق، إنما بمجرد الخوف من عدم العدل أو الظلم أو الضرر يحرم التعدد، فالقرآن يقول: "فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً".
وبحسب ما أعلنه الطيب في حلقة برنامجه، فإن "تراثنا يتضمن وجهات نظر مختلفة في فهم اشتراط الكفاءة في الزواج، فالبعض يرى أنه لا بد أن يكون الشاب في نفس المستوى الاجتماعي للفتاة، لكن الفهم الأقرب للنصوص الصحيحة هو أن الكفاءة تكون في الدين، بمعنى التقوى، وهي لا تعني التزام المسجد أو اللحية فقط، إنما التقوى تعني الأخلاق كاملة، فلا يمكن أن يوصف شخص بأنه تقي وهو ساقط في ميزان الأخلاق".
واعتبر الطيب أن "ما يؤسس الحياة الزوجية الصالحة ليس المال أو الجاه، إنما هو الدين الذي يشكل البوصلة الوحيدة التي تصحح مسار الأسرة باستمرار"، لكنه أضاف أنه يجب "أن نفهم الدين بمعناه الصحيح وليس بالمعنى المبتذل الآن، وهو التدين الشكلي، فالتدين الحقيقي هو المتضمن للأخلاق، لأن الدين والأخلاق وجهان لعملة واحدة، فالذي يكذب أو يخون أو يظلم ليس متديناً ولو كان يقضي اليوم كله في المسجد".
الطيب سيقود التجديد؟
وكان شيخ الأزهر أصدر قراراً في أكتوبر من العام 2017 قضى بتشكيل لجنة لإعداد مقترح مشروع قانون لتعديل بعض أحكام القوانين المصرية المتعلقة بالأحوال الشخصية، بهدف ضمان توسيع نطاق الحفاظ على حقوق الأسرة المصرية.
وبدأت اللجنة أول اجتماعاتها برئاسة الدكتور أحمد الطيب، في نهاية أكتوبر من العام نفسه، بعدما وضع شيخ الأزهر الخطوط العريضة لعمل اللجنة، وأبرزها التأكيد أن يتضمن مشروع القانون معالجة المشاكل الناتجة من تعدد الزوجات، وضبط الحقوق والواجبات المترتبة على الطلاق.