السومرية نيوز/
بغداد
ما زالت آثار رئيس النظام السابق
صدام حسين باقية في الكويت، لكن هذه المرة من خلال مقتنيات له احتفظ بها متحف خاص في
الكويت إلى جانب نحو 1.5 مليون قطعة أثرية قديمة وحديثة.
ففي منزل ضم أكثر من عشرين قسما بضاحية العدان جنوبي الكويت، يتجول الزائر في متحف "سعود الطريجي"، أحد
أكبر المتاحف الخاصة الموجودة في
الكويت ضمن تنامي ظاهرة إنشاء المتاحف الخاصة التي بدأت قبل نحو نصف قرن.
وفي إحدى زوايا متحف الطريجي، تقبع علبة سيجار خاصة بصدام حسين وحذاء من صناعة يدوية من علامة "باركر" برقم مسلسل، ودفتر سيارة يعود لنجله قصي، ونسخة نادرة بتوقيع عدي
صدام حسين للعملة المتداولة وقت الغزو
العراقي للكويت، ورسائل بين عدي وأفراد من عائلته إبان الغزو.
وفي جانب آخر من المتحف، يبرز ركن مقتنيات لحكام الكويت، يتضمن سيوفا وملابس، أبرزها عقال لحاكم
الكويت الشيخ عبد الله السالم الملقب بأبي الدستور (الأمير الحادي عشر للكويت والذي تولى الحكم بين عامي 1950 و1965).
كما يضم مصحفا شديد الصغر كان يحتفظ به في طيات ملابسه، ونسخة أخرى من القرآن أهداها إياه إمام المسجد الأقصى خلال زيارته فلسطين، وعلم
الكويت القديم الذي كان يضعه على مقدمة سيارته.
كما يحوي المعرض صندوقا لمقتنيات تعود لحاكم
الكويت الشيخ أحمد الجابر، وسيفا لأمير
الكويت السابق الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح.
ومن بين نوادر متحف الطريجي كذلك خزانة للملكة فيكتوريا يعود تاريخها للعام 1806 وسرير للسلطان العثماني عبد الحميد اشتُريا من مزاد تركي في 1984، إضافة إلى خوذة ورمح تعود ملكيتهما -بحسب القائمين على المتحف- لصلاح الدين الأيوبي.
ولم يقتصر متحف الطريجي الذي تأسس في 1965 على المقتنيات التراثية، بل يضم بين جنباته مقتنيات علمية قديمة من بينها "جرامافون" من الشمع (أسطوانة تسجيل) يعود تاريخها للعام 1812 وآلة خياطة، وكلاهما من ممتلكات توماس أديسون.
بداية عادية
وقد بدأت فكرة المتاحف الخاصة بشكل بسيط قوامه تجميع بعض المقتنيات أو التحف في ركن من أركان المنزل، ثم توسعت بعد ذلك حتى وصل الأمر إلى تخصيص البعض منازل كاملة في شكل متاحف تضاهي في قيمتها الثقافية والحضارية تلك المملوكة للدولة.
وتوثق دراسة لمركز البحوث والدراسات الكويتية نحو مئة من المتاحف الخاصة في الكويت، منها ما يقوم على حفظ تاريخ مهنة أو حرفة واحدة مثل صناعة المسابح أو الحدادة أو الدلال العربية أو السفن والبشوت، ومنها الشامل الذي يؤرخ لجوانب عدة كتاريخ الطوابع والعملات والحياة في البادية والبيت الكويتي القديم بمحتوياته.
ومن بين تلك المتاحف التي ركز أصحابها على حرفة أو مهنة بعينها متحف "قاسم الحداد للتراث الكويتي"، الذي بدأ بفكرة بسيطة في سبعينيات القرن الماضي تقوم على جمع أدوات مهنة الحدادة التي عمل بها أبناء العائلة الأوائل في ركن صغير بالمنزل.
وبمرور الوقت ومع تزايد عدد القطع التي جمعها قاسم الحداد، قرر ابنه محمد تطوير الفكرة والتوسع فيها من خلال بناء بيت عربي يحاكي البيوت القديمة، وكذلك محل للحدادة وضعت فيه كافة القطع المجموعة والتي يتجاوز عددها حاليا ثلاثة آلاف قطعة.
ونقلت الجزيرة نت عن محمد قوله إنه "واجه مشكلة في البداية حين قرر بناء هذا النموذج أعلى سطح منزله، لكنه أصر على تنفيذه حتى بات الآن نموذجا لما كانت عليه بيوت الكويتيين قديما".
ويحوي المتحف إلى جانب أدوات الحدادة -ومنها الكور والسندان والمطرقة و"الجلابتين"- كثيرا من مكونات البيت القديم مثل "كبت بوخزنة" و"باب بوخوخة" والدهليز والليوان وسرير الطفل "المنز" وآلات الخياطة وألعاب الأطفال القديمة مثل "الترباحة" و"التيل"، وأدوات للطبخ.
وتشكل تلك المتاحف بما تضمه من محتويات سجلا لتاريخ
الكويت القديم وحياة البادية وما كانت عليه من بساطة وما تميزت به من مظاهر غاب معظمها عن الجيل الحالي بفعل تغيّر نمط الحياة وتطور العمران منذ اكتشاف النفط في أربعينيات القرن الماضي.
اهتمام الأجيال
ولا يقتصر الاهتمام بإنشاء المتاحف الخاصة على كبار السن، بل يتشارك فيه الشباب الذين ورث بعضهم الاهتمام بالمقتنيات النادرة عن آبائهم، وقد شجع وجود تلك المتاحف بعض الأهالي ممن لا يملكون أماكن لحفظ مقتنياتهم النادرة لعرضها إما للبيع وإما إظهارها في المتاحف مقابل نسبتها إليهم داخل تلك المعارض.
ورغم صدور قانون للمتاحف الخاصة عام 2016، فإن أصحاب تلك المتاحف يرون أن نصوصه تشكل عائقا أمام تفعيل دور تلك المتاحف بشكل
أكبر نتيجة التوسع في الاشتراطات والضوابط التي وضعها المشرع للاعتراف بتلك المتاحف.
ويطالب القائمون على تلك المتاحف بتخصيص أماكن دائمة لعرض مقتنيات تلك المتاحف بعد أن ضاقت بها أماكنها الحالية حتى يمكن للجمهور الاطلاع عليها بشكل أفضل مما هو متاح حاليا.