السومرية نيوز/ ديالى
في قرية زراعية متاخمة للحدود العراقية الإيرانية يحمل صلاح
محمد في مركبته القديمة 10 عبوات بلاستكيتيه زرقاء اللون وهي تحوي ما يسميها هدية العلم التي أنقذت أبناء قريته من "مصير مجهول".
"ظهور العبوات الزرقاء كان بمثابة طوق النجاة ليس للأهالي"، هكذا يقول
محمد تعليقا على مواجهة العطش الذي يمثل "شبحاً موسمياً" تتفاقم تداعياته في الصيف، حسب تعبيره.
ويقول
محمد في حديث لـ
السومرية نيوز، إن "الجفاف والعطش ظاهرة مزمنة في القرى الحدودية ضمن محيط ناحية قزانية، (123 كم
شمال شرقي بعقوبة)، أدت الى نزوح عشرات الأسر في السنوات الماضية لأنها باتت بحالة يرثى لها".
ويضيف
محمد وهو يبتسم، إن "بروز العبوات الزرقاء"، في إشارة الى عبوات مطاطية تضم مياها محلاة أنقذت الموقف وأسهمت في إيقاف "نزيف النزوح المزمن" في القرى الحدودية، مبينا أن "أسعار المياه المحلاة شبه رخيصة وهي تمثل مشاريع مربحة سارع الكثير الى تبينها بهدف تأمين حاجة الأهالي من المياه خاصة في الصيف".
ويوضح محمد، أن "مياه الآبار الارتوازية والتي تمثل المغذي الأساسي وبنسبة 95% للقرى الحدودية أصبحت مخصصة للاستخدامات المنزلية إضافة الى سقي المزروعات وتأمين مياه قطعان الأغنام والماشية لكن ضمن حدود محددة، لان هناك آبارا جيدة وأخرى فيها نسبة عالية من الأملاح".
مياه رخيصة
كاظم وهبي وهو طالب إعدادية قال بينما يحمل عبوة زرقاء في دراجته الهوائية، إن "المياه المحلاة متوفرة بأسعار رخيصة جدا وهناك عدة منافذ للبيع بعضها حكومي والبعض الآخر أهلي وكلاهما يتنافسان على استقطاب الزبائن لهما".
ويضيف وهبي، أن "العبوة ذات 20 لترا تباع بـ100 دينار وهي أسعار معقولة جدا ساعدت في إبعاد شبح العطش عن العوائل خاصة في الصيف".
طوق نجاة
يقول مدير ناحية قزانية مازن الخزاعي، في حديث لـ
السومرية نيوز، إن "قزانية والقرى المحيطة بها والتي يزيد عدد سكانها عن 18 ألف نسمة كانت في وضع يرثى له قبل سنوات معدودة بسبب شح مياه الشرب خاصة في الصيف"، موضحا أن "ظهور العبوات الزرقاء كان بمثابة طوق النجاة ليس لأهالي قرى الحدودية، بل مركز الناحية أيضا بعد أن كانت تعاني من افتقارها لمياه الشرب في الصيف".
ويوضح الخزاعي، أن "مصادر المياه الخام محدودة جدا في تلك المناطق"، كما أن اغلب الآبار غير صالحة للشرب وتحتاج الى معالجة نسب الأملاح العالية فيها"، لافتا الى أن "قزانية شهدت إقامة سلسلة مشاريع لتنفيذ محطات تحلية، بعضها حكومية وأخرى أهلية، ما ساعد في تغطية حاجة الأهالي من مياه الشرب".
ويؤكد الخزاعي، أن "محطات الإسالة التقليدية أصبحت شبه متقاعدة عن وظيفتها الأساسية بسبب استخدام مياه العبوات الزرقاء من قبل اغلب الأهالي لتأمين مياه الشرب، أما مياه الإسالة تخصص للاستخدامات المنزلية حصرا".
ويعتبر الخزاعي أن "العبوات الزرقاء فكرة مميزة أوقفت نزيف النزوح في بعض مناطق قزانية ومنها القرى الحدودية وخلقت استقرار مجتمعي وساهمت في تثبيت خارطة الانتشار السكاني".
وتضع المياه المحلاة من قبل اغلب المحطات في عبوات بلاستكية مميزة ما جعل البعض يطلق عليها مباه العبوات الزرقاء في إشارة للمياه المحلاة.
وعانت القرى الحدودية في ديالى من أزمات شح مياه الشرب بشكل قاسي في السنوات الماضية أدت الى حركة نزوح في بعض مناطقها.