بدأ الزرادشتيون بالظهور مجدداً لكن بشكل مختلف حيث أحيّوا لأول مرة وبعد 1400 سنة طقس ربط الأحزمة لتابعيهم في قرية زيوي التابعة لناحية بيره مكرون في محافظة
السليمانية في اليوم
الأول من شهر آيار (مايو) الجاري، وهو طقس خاص يشترط على التابعين الزرادشتيين أن يقطعوا على أنفسهم وعداً روحياً بأنهم سيتبعون "الفكر والقول والفعل الحسن" وستنظَّم هذه الطقوس إسبوعياً في مناطق
كردستان الأخرى كما قدّم الزرادشتيون طلباً لفتح معابد ومديريات خاصة بهم والاعتراف بهم رسمياً من قبل
مجلس الوزراء.
ويتوافد معتنقو هذه الديانة على وزارات إقليم
كردستان لبناء علاقات معها حتى وصل الأمر إلى نشرهم نشيداً خاصاً بالزرادشتية في
كردستان في محاولة لإعادة "الديانة والثقافة الحقيقية للأكراد" كما يتحدثون أمام الناس.
وقال لقمان
الحاج كريم كبير الزرادشتية في
كردستان ورئيس منظمة زند لـ"نقاش" إن "عملية عودة الزرادشتية هي ثورة ثقافية بيضاء تمس أهم جزء في تفكير الأفراد وتجتث مصدر تفكيرهم من الجذور وتمنحهم تفكيراً جديداً لراحة البال والوئام والحب".
ويرى مريوان النقشبندي مدير العلاقات وتطوير التعايش الديني في وزارة الأوقاف والشؤون الدينية في إقليم
كردستان إن عودة الزرادشتية يعود إلى الخلاف العميق داخل الديانات وعدم الاستقرار بين التيارات والمذاهب والمعتقدات الإسلامية في
كردستان والمنطقة.
وأضاف "الشعارات التي يرفعها الزرادشتيون اليوم معتدلة جداً وواقعية لدى الكثير من التحرريين والقوميين".
تعد الديانة الزرادشتية من أكثر الديانات القديمة انتشاراً في إقليم
كردستان فيما تتحدث المصادر التأريخية عن إصولها الكردية ونبيّها الذي وُلد في مدينة أورمية في
كردستان إيران وإن كتابه المقدَس (الآفيستا) مكتوب باللغة الميدية التي تمثِّل الحجر الأساس للغة الكردية.
الديانة انتشرت بشكل عام بين الفرس في القرن السادس قبل الميلاد وأصبحت الرئيسة في المنطقة وكانت ديانة مهمة حتى ظهور الإسلام في القرن السابع للميلاد، ولكنها بدأت بالتراجع بعد ذلك التاريخ وتمَّ هدم الكثير من معابدها.
ويخطط الزرادشتيون لإعمار معابدهم المعروفة بـ"آتشكاه" إذ أعدَّ المجلس الأعلى للزرادشتيين خرائط (12 معبد) زرادشتي تقع في مناطق جنوب
كردستان يخططون لإعمارها.
وزارة الأوقاف والشؤون الدينية في الإقليم أعلنت استعدادها لمساعدة الزرادشتيين وحول ذلك يقول النقشبندي "تعمل وزراة الأوقاف حسب قانون رقم 11 لبرلمان
كردستان الذي يضمن حق العبادة وحرية الدين واعتناق الديانات والمذاهب والمعتقدات وستقوم بفتح ممثلية للزرادشتيين داخلها".
ويضيف "لن تكون الديانة الزرادشتية بديلاً عن أية ديانة أخرى بل على العكس نحن نسد حاجات المجتمع".
ولا يكشف لقمان معلومات واضحة عن عدد تابعي الزرادشتية في إقليم
كردستان ولكن نشاطاتهم في الأماكن العامة وشبكات التواصل الاجتماعي تشير إلى ارتفاع أعدادهم.
ومع تزايد الحديث عن إعادة إحياء الديانة الزرادشتية إلا إن أتباعها يتحفظون على الاحتكاك مع المعتقدات الشائعة كما يتحفظون عن إظها أية مشاعر سلبية أزاء الديانة الإسلامية وقد يكون هذا سبباً في عدم تعرض اتباع الزرادشتية لرد فعل عنيف من قبل القوى الإسلامية ورجال الدين.
ويرى كنعان نجم الدين المعروف بالحاج كاروان عضو برلمان
كردستان عن كتلة الاتحاد الإسلامي إن اعتناق الديانة الزرادشتية لم يصبح ظاهرة وإن من يقومون بذلك أعدادهم قليلة ويضيف "الناس أحرار في اختيار ديانتهم لأن الإسلام يدعو بوضوح إلى عدم الإكراه على المعتقدات".
ويؤكد "لست مع ما يُقال حول الزرادشتية بأنها الديانة الأساسية للأكراد ولا توجد ديانة تخص قومية معينة إذ ظهرت الزرادشتية أساساً في الهند وباكستان فلو كانت ديانة كردية لما وصل زرادشت إلى تلك المناطق".
ومع هذا السؤال تُثار العشرات من الأسئلة الأخرى حول مضمون هذه الديانة التي لم توضح ملامحها عند الناس بعد فيما يأمل القائمون عليها في الحصول على فرصة للحديث وتنظيم النشاطات وتوضيح مضمون الديانة للناس كي لا يحكموا عليها بشكل خاطئ.