في الوقت نفسه قررت الهيئة تكميم أفواه أي صوت معارض للتطرف، وحذرت وزارة الإعلام السورية، التابعة لحكومة محمد البشير، وسائل الإعلام في البلاد من إجراء مقابلات أو نشر تصريحات لشخصيات مرتبطة بالنظام السابق.
*سياسية التطرف والتهديد
ومن بين القيادين في الحركة الذين تم فرضهم على الإعلام السوري زياد محاميد، الذي أوردت قصته صحيفة "الغارديان"
البريطانية.
وتقول الصحيفة في تقرير لها إن محاميد في دوره السابق في الفريق الإعلامي لجماعة حياة تحرير الشام الإسلامية، كثيرا ما كان يفكر في وكالة الأنباء السورية الرسمية - الناطقة بلسان نظام الأسد الذي اعتبرها معارضة له - وماذا سيفعل إذا كان مسؤولا هناك.
وباعتباره أحد المعينين في الحكومة المؤقتة التي تقودها هيئة تحرير الشام، فإن منصبه مؤقت في الوقت الحالي، لكن خططه لوكالة الأنباء العربية السورية (سانا) تمتد إلى المستقبل البعيد.
محاميد الذي اعتاد على إنتاج مقاطع فيديو وأفلام وثائقية رائعة بطائرات بدون طيار في إدلب التي يسيطر عليها المتمردون، نموذج للسيطرة على الإعلام المحلي في
سوريا لصالح أجندة المتطرفين.
ويبحث السوريون، بعد سقوط بشار الأسد عن الأمن الغائب ولكن لم تحققه بعد حكومة الشرع ولا يزال النهج الانتقامي الثأري يسيطر على عقول حكام
سوريا الجديد، بما يتماشي مع أيدولوجيتهم القائمة على التشدد ورفض الآخر.
*دعوة علنية لتكميم الافواه
ودعت وزارة إعلام حكومة البشير، عبر قناتها على "تلغرام" جميع وسائل الإعلام في
سوريا إلى "ضرورة الامتناع عن إجراء مقابلات أو نشر تصريحات منسوبة لشخصيات ورموز مرتبطة بالنظام السابق".
وبالتالي فإن من يسعى لإسكات صوت المعارضين لن يكون بمقدوره قيادة منظومة تتيح الحريات وتستوعب التباين والتنوع في المجتمع السوري، وربما الأخطر هو انتهاج العنف وسيلة للتعامل مع المعارضين، لتخرج
سوريا من ديكتاتورية مقيتة حكمتها لأكثر من 50 عاما إلى فاشية دينية تكمم الأفواه وتقتل المعارضين ولا تحتكم إلى القانون.
*ضحايا غياب الامن!
وبعد نحو شهرين فقط من سقوط الأسد، بلغ عدد السلوكيات الانتقامية والتصفية التي ترتكبها عناصر تابعة للإدارة السورية الجديدة 12 عملية منذ مطلع عام 2025 في محافظات سورية متفرقة، راح ضحيتها عشرات الأشخاص من الرجال والنساء والاطفال، بحسب المرصد السوري.
غياب الأمن وانتشار "الثأرية" وتهديد الإعلام المعارض يخلق حالة من الخوف ويقضي على طموح السوريين في الحرية، كما يشكك في نوايا هيئة تحرير الشام التي تعمد تصدير وعود براقة بأن
سوريا تستوعب الجميع ولا إقصاء لاي طرف، ولكن المحاسبة لا تزال تقتصر حتى الآن فقط على بقايا النظام السابق أو حتى من عملوا معه بحكم الأمر الواقع.
*جرائم القتل تصل للإعلاميين
وأعلنت الحكومة السورية الانتقالية في يناير الماضي، مقتل مصور كان يعمل لدى وكالة الأنباء السورية سانا منذ ما قبل الإطاحة بالرئيس بشار الأسد.
ورغم إدانة وزارة الإعلام في حكومة الشرع لاغتيال المصور إبراهيم عجاج الذي يعمل في وكالة الأنباء الرسمية سانا، إلا أنها لم تبدي منذ توليها السلطة التزاما بدعم حرية الصحافة وحماية الصحفيين.
ولا زالت مع وزارة الداخلية التي لم شكلتها هيئة تحرير الشام من عناصرها المسلحة قادرة على كشف ملابسات هذه الجريمة أو ضبط ومحاسبة مرتكبيها، فكيف يمكنها حماية أي
إعلامي أو صحفي معارض لها بالاساس.
وعثر على جثة المصور ممزقة بالرصاص في مدينة حماة وسط البلاد بعد أن اختطفه رجلان، بحسب ما أفاد أقاربه لوكالة فرانس برس.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن مقتل عجاج يمثل حالة اغتيال لصحفي، مشيرا إلى أن الجماعات المسلحة المتحالفة مع هيئة حياة الشام، التي قادت الهجوم الذي أطاح بالأسد، قتلت ايضا عددا من المشتبه بهم في أنصار حكمه، بما في ذلك في حماة.
ولم تأتي تصريحات وزير الإعلام المؤقت محمد العمر التي زعم فيها إنه يعمل من أجل صحافة حرة بعد عقود من الرقابة المشددة في عهد الأسد، كافية لطمانة أي صحفي يعمل في
سوريا.