ويعاني العديد من السكان الذين تعرضت منازلهم للتدمير جزئياً أو كلياً من بطء الإجراءات المتعلقة بإعادة الإعمار، إضافة إلى تأخر استجابة الحزب لتقديم التعويضات اللازمة لترميم المنازل أو تعويض الأثاث المتضرر.
ويقول أحد المتضررين من سكان الضاحية الجنوبية "وعدنا بالمساعدة فور انتهاء الحرب، ولكن مرّ شهر على وقف إطلاق
النار ولم نحصل سوى على وعود فارغة".
ويضيف أن "حزب الله قام بمسح الأضرار في منزله طالباً منه القيام بالإصلاحات ثم تقديم الفواتير لتسديد التكاليف له".
وتابع "استدنت المال للقيام بذلك، لأنني صرفت كل ما أملك أثناء نزوحي والعائلة بسبب الحرب، من بدل إيجار منزل ومصاريف في ظل توقف أعمالنا".
أما بالنسبة لمنزله في بلدة عيترون الحدودية، التي لا يزال الإسرائيليون يسيطرون عليها، فيشير إلى أن "حزب الله طلب منهم تعبئة نموذج إلكتروني يحتوي على تفاصيل الأضرار. لكن بسبب صعوبة الوصول إلى المنطقة، لم يتضح بعد حجم الأضرار أي ما إذا كان المنزل قد دُمّر بالكامل أو جزئياً".
وتواجه الدولة اللبنانية أزمة مالية حادة، إذ يبلغ إجمالي احتياطاتها في مصرف لبنان نحو 6 مليارات دولار فقط، منها 600 مليون دولار بالعملة الصعبة.
واستخدام هذه الأموال لإعادة الإعمار سيزيد من الضغط على سعر صرف الليرة، مما يعمّق الأزمة الاقتصادية ويضعف قدرة السلطة السياسية على تلبية احتياجاتها الأساسية، مثل الرواتب والنفقات الصحية.
ويرى مراقبون أن "لبنان ينتظر المساعدات الخارجية لتغطية تكاليف التعويض وإعادة الإعمار، من دون أي بوادر جدية للدعم الدولي حتى الآن، فالدول المانحة لم تبدِ استعدادها للمساهمة بسبب استمرار الحرب بشكل أو بآخر، بالإضافة إلى انعدام الثقة في السلطة اللبنانية الحالية".
ويؤكدون أن المساعدات الدولية مشروطة "بتحقيق الاستقرار السياسي وتنفيذ إصلاحات هيكلية، تشمل مكافحة الفساد، تعزيز الحوكمة، وضمان الشفافية في إدارة الأموال. هذه الشروط تجعل المساعدات الدولية بعيدة المنال في الوقت الراهن".
ويستحضر الباحث في المعهد اللبناني لدراسات السوق، التجربة اللبنانية بعد حرب تموز 2006، حيث شهدت تلك الفترة "دعماً دولياً سريعاً شمل مساعدات مالية كبيرة من دول مثل قطر والسعودية والكويت، ما ساهم في تعافي البلاد بسرعة. إلا أن الأزمة الحالية تبدو مختلفة بسبب تعقيدات المشهد السياسي واستمرار التوترات العسكرية".
وعبّر عدد من المواطنين عن استيائهم من قيمة التعويضات المقدمة لهم لإصلاح منازلهم المتضررة، معتبرين أن هناك غبن في التسعير. ومن بين هؤلاء، محمد حركة، الذي أعلن عبر صفحته على "فيسبوك" رفضه توقيع واستلام شيك بقيمة 414 دولاراً كتعويض عن الأضرار التي لحقت بمنزله.
وكتب حركة "عم تتخايلوا بيت 5 غرف متضرر من الخارج والداخل تقدرت قيمة الأضرار بـ414 دولار؟!"، وأكد عزمه التقدم باعتراض لإعادة تقييم حجم الأضرار.
وفي منشور عبر صفحتها على "فيسبوك"، عبّرت أمنية سبيتي عن استيائها من خطابات التخوين والتنظير التي يتعرض لها المتضررون من الحرب الأخيرة، الذين يطالبون بتعويضات.
وقالت سبيتي "يا ليت كل من يعيش في منزله مرتاحاً، مكملًا حياته بشكل طبيعي، ولم يخسر منزله أو عمله، ألا يعطينا محاضرات في الوطنية أو في كيفية الصبر والتحمل. نحن نطالب بتعويضات لأن هذا حقنا الطبيعي".
وأضافت "خففوا من التنظير والتخوين على وجع الآخرين. وإن كان الأمر كذلك، فكل من يجلس مرتاحاً في منزله يصبح خائناً لمجرد أنه يعبر عن سعادته، بينما غيره لم يتمكن من العودة إلى منزله. والخائن أيضاً هو كل من يتصور أمام ممتلكاتنا المدمرة ليصنع ترنداً".
وختمت "كل شخص موجوع يحق له أن يعبر عن ألمه كما يريد، ولا يحق لأحد أن يقيم أو يحكم كيف يعبّر الآخرون عن وجعهم".
وستخلق أزمة التعويضات مشاكل اجتماعية كبيرة، بسبب عجز العديد من العائلات عن العودة إلى منازلها واضطرارها للعيش في مناطق بعيدة عن أماكن عملها ومدارس أبنائها، فبطء عملية التعويض سيؤدي إلى تفاقم هذه التحديات وزيادة الإحباط لدى المتضررين.