وقالت مصادر سورية معارضة، إن "نحو 40 ألف مقاتل يشاركون في العملية القتالية ضد قوات
الجيش السوري في ميادين المواجهة سواء في حلب أو في إدلب أو في محافظة حماة، بينما هناك نحو 80 ألف مقاتل احتياطي للفصائل، وكل هؤلاء المقاتلين تلقوا تدريبات عسكرية بمختلف أشكالها سواء في فنون القتال والمواجهة أيضا على كيفية التعامل مع الظروف واستخدام الأسلحة والتدريب على كيفية الانخراط في المعارك مع قوات
الجيش السوري وحلفائه".
تشارك عدة فصائل سورية معارضة إلى جانب "هيئة تحرير الشام" المصنفة إرهابية، والتي تقود معركة "ردع العدوان"، التي تُعدّ أوسع هجوم للفصائل المسلحة منذ أكثر من خمس سنوات.
وتشكلت "هيئة تحرير الشام" في كانون الثاني 2017 إثر اندماج فصائل جهادية عدة، إذ كانت تُعرف بـ"جبهة النصرة" قبل انفصالها عن تنظيم القاعدة في
سوريا في تموز 2016.
يتزعمها "أبو محمد الجولاني" وتسيطر على مساحات شاسعة في محافظة إدلب وأنحاء في
حماة وحلب واللاذقية.
أما حركة "أحرار الشام" فقد نشأت إثر اندماج أربع فصائل إسلامية سورية وهي "كتائب أحرار الشام" و"حركة الفجر الإسلامية" و"جماعة الطليعة الإسلامية" و"كتائب الإيمان المقاتلة".
وتتمركز الحركة في إدلب وريفي حلب وحماة.
وتشكلت "الجبهة الوطنية للتحرير" من تحالف مسلح يضم 11 فصيلًا من "الجيش السوري الحر" عام 2018. وبحسب وكالة "الأناضول" التركية، يتمركز التحالف في محافظة إدلب الشمالية ويضم 30 ألف مقاتل.
ويعد "الجيش الوطني السوري" تحالفا لفصائل مدعومة من تركيا. وقد تشكل عام 2017. ويعمل التحالف بوصفه جيشًا لـ "الحكومة المؤقتة" التابعة للمعارضة السورية في تركيا.
ويطلق بالتنسيق مع أنقرة، عملية عسكرية ضد "قوات
سوريا الديمقراطية" (قسد) في محافظة حلب، بالتوازي مع عملية "ردع العدوان" في غرب حلب وإدلب، ضد قوات "قسد" من المناطق الخاضعة لها في حيي الأشرفية والشيخ مقصود في القسم الشمالي من مدينة حلب وفي تل رفعت ومنبج بريف حلب الشمالي.
أما قوة "جيش العزة" فكانت تُعرف سابقًا بـ"تجمع العزة" ويقودها الرائد المنشق عن
الجيش السوري جميل الصالح.
وتتبع الجماعة المسلحة لـ"الجيش الحر". زوّدتها واشنطن عام 2015 بصواريخ مضادة للدبابات لمحاربة "تنظيم داعش"، بحسب الأناضول.
والفصيل الأخير ضمن هذا التحالف الذي شارك في الهجوم على
مواقع الجيش السوري، هو كتائب "نور الدين الزنكي" وهي جماعة إسلامية مسلحة تشكلت عام 2011 على يد الشيخ توفيق شهاب الدين.
وتحظى هذه الكتائب بدعم تركي، كما تلقت دعمًا من وكالة الاستخبارات الأميركية. وكانت إحدى الكتائب الخمس التي شكّلت "هيئة تحرير الشام"، بحسب "بي بي سي".
كما يوجد مقاتلون "مرتزقة" ضمن المجموعات المقاتلة المصنفة "إرهابية، إذ أتى الكثير منهم إلى
سوريا خلال الحرب ومنهم من بقي هناك"، معظمهم من بلدان آسيا الوسطى، ويعتقد أنهم يقاتلون في صفوف هيئة تحرير الشام".
يعتبر الهجوم الحالي للفصائل المسلحة، أكبر عملية عسكرية وأكثرها تعقيداً في السنوات القليلة الماضية، ويمكن مقارنتها بالعملية التي قامت بها الفصائل المسلحة عام 2015 عندما استولت على إدلب"، كما يقول مراقبون.
وقال الناطق باسم "إدارة العمليات العسكرية لمعركة ردع العدوان" حسن عبد الغني، إن الهدف من العملية توجيه "ضربة استباقية للحشود العسكرية للقوات السورية والمليشيات الموالية لها، والتي تهدد المناطق المحررة"، بحسب تعبيره.
لكن مراقبين يشيرون إلى أهداف أخرى. إذ يمكن النظر إلى العلاقات الدبلوماسية بين
سوريا وتركيا التي كانت تتحسن خلال الأشهر الأخيرة، قد يكون هناك نوع من اتفاق بين البلدين بأن تسمح تركيا للحكومة السورية باستعادة السيطرة على مناطق المعارضة المسلحة شمال سوريا".
ويقول هؤلاء إن "هيئة تحرير الشام قد استنتجت ذلك، وتريد استباق حصول الهجوم عليها عبر القيام بهجوم استباقي، خاصة أنه كان هناك الكثير من الإشارات التي تدل على أن القوات السورية كانت تحضر للقيام بذلك الهجوم، "إذ كانت الحكومة تحشد قواتها نحو المناطق التي تسيطر عليها هيئة تحرير الشام، وكان هناك ارتفاع في وتيرة القصف والمسيرات الانتحارية في هذه المناطق".
وهناك سبب ثانٍ، يتمثل في أن القوى الكبرى الداعمة لدمشق في الحرب وهي كل من روسيا وإيران، منشغلة في مشاكل أخرى، هي الحرب الأوكرانية والوضع في لبنان، وحزب الله اللبناني غير قادر على مساندة الأسد في حربه الحالية كما فعل سابقاً، وفقاً للخبراء.
ويضيف: "يمكن أن تكون هيئة تحرير الشام قد شعرت بنوع من الضعف لدى القوات الحكومية ووجدت في ذلك فرصة لأن تضرب القوات السورية في وقت هي ليست على أولويات روسيا وإيران".
وعلى الرغم من التسريبات التي انتشرت على مدار الأسابيع الماضية حول نية الفصائل تنفيذ عملية عسكرية باتجاه مدينة حلب، بقي هذا السيناريو غير مرجح في ظل توافق
الدول الضامنة لخفض التصعيد المشاركة في مسار أستانا على استمرار الهدوء الذي ساد منذ مطلع عام 2020 عندما عقدت أنقرة مع موسكو تفاهم سوتشي لوقف الأعمال القتالية.
ونقلت وكالة رويترز عن مصادر أمنية تركية تأكيدات بأن العملية التي شنتها "فصائل المعارضة السورية" محدودة وتقع ضمن حدود منطقة خفض التصعيد المتفق عليها بين روسيا وإيران وتركيا عام 2019، لكنها توسعت بسبب مغادرة القوات السورية لمواقعها، مع توضيح أن العمليات أتت ردًّا على الهجمات المستمرة من القوات السورية على منطقة خفض التصعيد.
ومن المفترض أن تركيا هي الضامن لضبط سلوك فصائل الشمال بموجب تفاهمات أستانا، مقابل التزام روسيا وإيران بإلزام دمشق بوقف العمليات العسكرية. ولكن تصريحات المسؤولين الأتراك لوكالة رويترز تقدم تفسيراً لعدم منع هذه العمليات وهو "استمرار هجمات القوات السورية على منطقة خفض التصعيد".
التصريحات التي أطلقها وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، قبل عدة أيام تشير بوضوح إلى عدم الرضا عن دور إيران المعرقل لعقد تفاهمات بين أنقرة ودمشق، إذ أكد أن هذا الأمر ليس ضمن أولويات إيران، وهي أيضاً ليست على جدول أعمال روسيا نظراً لاستمرار وقف إطلاق النار وعدم ظهور تهديد خطير في المنطقة.
ويبدو أن تقويض النفوذ الإيراني شمال غربي
سوريا يصب في مصلحة تركيا، خاصة في ظل ما يوفره هذا النفوذ من دعم لعناصر حزب العمال الكردستاني التي تنشط شمال غربي حلب في المنطقة الممتدة من باشمرا وتل رفعت والشيخ عيسى ومرعناز، كما يقول الأتراك.
لكن أوساط دمشق تقول بأن تركيا تقف بكل قوتها خلف الهجوم الكبير للفصائل المسلحة، وهي ما كانت لتجرؤ على شن الهجوم لولا الضوء الأخضر التركي، وذلك لفرض مبدأ "التفاوض بالنار"، وذلك على خلفية رفض الرئيس السوري للدعوات المتكررة التي وجهها الرئيس التركي لتطبيع العلاقات، وهو ما مثل إهانة لأردوغان، الذي قرر استخدام ورقة الفصائل العسكرية وتغيير الخريطة الميدانية، لدفع دمشق إلى طاولة المفاوضات، وحجز مكان له في المرحلة القادمة بعد قدوم ترامب.