وأجبرت الغارات
الجوية الإسرائيلية المكثفة ضد لبنان منذ أواخر سبتمبر الماضي مئات آلاف السوريين على الفرار عائدين إلى بلادهم، وقتل منهم في لبنان 207 على الأقل، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
ووثقت هيومن رايتس ووتش 4 اعتقالات بحق أشخاص عائدين خلال هذه الفترة، بينما أفادت منظمات مثل "الشبكة السورية لحقوق الإنسان"، عن عشرات
حالات الاعتقال الإضافية.
وقال
نائب مديرة
الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش آدم كوغل: إن "السوريين الفارين من العنف في لبنان يجبرون على العودة إلى سوريا، حتى مع بقاء سوريا غير صالحة للعودة الآمنة أو الكريمة وفي غياب أي إصلاحات ذات مغزى لمعالجة الأسباب الجذرية للنزوح".
وأضاف أن "الوفيات المريبة للعائدين أثناء احتجازهم تسلّط الضوء على الخطر الصارخ المتمثل في الاحتجاز التعسفي والانتهاكات والاضطهاد بحق الفارين والحاجة الملحة إلى مراقبة فعالة للانتهاكات الحقوقية في سوريا".
وقال الهلال الأحمر العربي السوري أنه "بين 24 ايلول و22 تشرين الاول لجأ حوالي 440 ألف شخص، 71% منهم سوريون و29% لبنانيون، إلى سوريا هربا من لبنان عبر المعابر الحدودية الرسمية، ويُعتقد أن آخرين عبروا بشكل غير رسمي".
وتقود المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والهلال الأحمر السوري جهود الطوارئ الإنسانية على الحدود وفي المجتمعات المضيفة، وقد أبقت سوريا حتى الآن حدودها مفتوحة وخففت إجراءات الهجرة".
ومن بين اللاجئين والعائدين، وصل حوالي 50,779 إلى شمال شرق سوريا بحلول 25 تشرين الاول و6,600 إلى شمال غرب البلاد بحلول 24 تشرين الاول.
وأجرت هيومن رايتس ووتش مقابلات مع ثلاثة سوريين في لبنان وثمانية سوريين عادوا إلى سوريا، وكذلك أقارب خمسة رجال اعتقلتهم السلطات السورية بعد عودتهم من لبنان في تشرين الاول.
ومن بين المعتقلين، اثنين تم توقيفهما عند معبر "الدبوسية" الحدودي بين شمال لبنان وحمص، وفي إحدى الحوادث، اعتُقل شخصان عند حاجز بين حلب وإدلب.
وقال أقاربهم للمنظمة الحقوقية، إن جهاز "المخابرات العسكرية" السوري (تابع للنظام) هو من نفذ جميع الاعتقالات، دون تقديم أي معلومات إلى العائلات حول أسباب الاعتقالات أو مكان الاحتجاز.
ووصفت إحدى النساء فرارها إلى سوريا مع زوجها، وهو جندي
سوري سابق، وأربعة أطفال هذا الشهر بالقول إن زوجها البالغ من العمر 33 عاما كان يعيش في لبنان لمدة 13 عاما، وحين اشتد القصف الإسرائيلي أواخر ايلول تلقوا تحذيرا بالإخلاء، ففرّوا بلا شيء، وعاشوا في الشارع لمدة 10 أيام قبل تأمين الأموال للسفر إلى سوريا.
ورغم عدم تسجيل زوجها للخدمة العسكرية الاحتياطية، كانوا يعتقدون أن العفو الذي أصدرته الحكومة السورية مؤخراً الذي شمل التهرّب من الخدمة العسكرية، سيحميه.
وفي 7 تشرين الاول، دخلت العائلة سوريا عبر "الدبوسية"، فاعتقلت المخابرات العسكرية السورية زوجها فورا.
وتبين: "قالوا لي (امضِ في طريقك. سيبقى هو معنا).. انتظرتُ خمس ساعات، متوسلة للحصول على معلومات من دون جدوى".
وتعيش الزوجة حالياً في مكان مكتظ مع عائلتها في سوريا، من دون أي فكرة عن مكان زوجها بينما تعاني لإعالة أطفالها.
وتقول لهيومن رايتس ووتش: "أتمنى لو بقينا تحت الصواريخ بدل تعرضنا لهذا.. أملي الوحيد أن يُطلقوا سراحه".
كما وثّق باحث
سوري من السويداء أربع
حالات اعتقال على يد المخابرات العسكرية في تشرين الاول.
وقال إن "رجلا اعتُقل عند معبر جديدة يابوس الحدودي، وتعتقد عائلته أن اعتقاله مرتبط بمشاركته في احتجاجات مناهضة للحكومة في السويداء عام 2023".
بينما اعتُقل 3 آخرون عند نقطة تفتيش للمخابرات العسكرية في ريف دمشق، لسبب يبدو أنه يتعلق بالخدمة العسكرية، وفق الباحث.
من جهتها، وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان 26 حالة اعتقال منذ أواخر ايلول، مشيرةً إلى أن "حكومة النظام السوري أقامت نقاط تفتيش جديدة على طول طرق السفر الشائعة من لبنان".