وفي أوكرانيا اليوم، لا يوجد موضوع أكثر حرجًا من موضوع
الخدمة العسكرية الإلزامية الذي يرفض الكثيرون
الحديث عنه علنا خاصة الرجال بين 25 و60 عاما الذين يخشون استدعاءهم أو اختيارهم عشوائيا من الشوارع من قِبَل ضباط التجنيد الذين يرسلونهم مباشرة إلى معسكرات التدريب، إذا أثبتت وثائقهم أهليتهم للخدمة وذلك وفقا لما ذكرته مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية.
لقد سئم الأوكرانيون من الحرمان ومن مآسي الحرب التي كانوا يعتقدون أنها ستنتهي عاجلاً، لكن النهاية لا تلوح في الأفق والعديد من الأوكرانيين غير راضين عن التجنيد الإجباري وأساليبه، خاصة بعد التغيير الضريبي الأخير الذي يفرض ضريبة عسكرية بنسبة 5% على الدخل، بدلاً من 1.5%، لتوفير النفقات للقوات المسلحة.
وقالت إيفونا كوستينا، مديرة منظمة Veteran Hub غير الحكومية، التي تقدم الدعم للجنود السابقين "هناك الكثير من الخوف وهذا أمر مفهوم"، وأضافت أنه "لا يوجد شخص في هذا البلد لم تنقلب حياته رأسًا على عقب بسبب الحرب".
ووصفت كوستينا التجنيد الموسع والضريبة الجديدة بأنها ضرورية، لكنها حذرت من التقليل من التضحيات التي يستلزمها ذلك.
ولا يخفى على أحد قلة عدد الجنود الأوكرانيين على خط المواجهة الطويل في الشرق والجنوب وهو ما يفرض الحاجة الماسة إلى قوة بشرية جديدة.
وحاليا لا توجد إجراءات تسريح لدى الجيش الأوكراني، مما يجعل الخدمة االعسكرية أشبه بتذكرة ذهاب فقط وهي حالة غير عادلة لأولئك في الميدان ولا جذابة للمدنيين الذين يفكرون في التجنيد.
من ناحية أخرى، يبلغ عدد سكان روسيا 3 أمثال ونصف تعداد سكان أوكرانيا، في حين يبلغ عدد العسكريين الروس العاملين نحو 1.5 مليون، مقارنة بنحو 900 ألف أوكراني.
وتثير طبيعة التجنيد جدلاً حاداً، حيث يفضل البعض نموذج الخدمة الإلزامية مثل إسرائيل، بينما يفضل آخرون نظاماً تطوعياً بالكامل كما هو الحال في الولايات المتحدة.
وفي أبريل/نيسان الماضي، خفضت كييف سن التجنيد من 27 إلى 25 عاماً كما قلصت الاستثناءات وعززت الحوافز المالية للتطوع، وأطلقت حملة إعلامية جديدة حيث تنتشر لافتات وزارة الدفاع في كل مكان لجذب المجندين من خلال بعض المميزات، مثل
اختيار الوحدة العسكرية لتمكين أفراد الأسرة من الخدمة معا.
وتقول وزارة الدفاع الأوكرانية إن التجنيد الطوعي لا يزال مرتفعًا لكنه غير كافٍ للتنافس مع الميزة الديموغرافية لروسيا.
ورغم أن الحكومة الأوكرانية لا تكشف عن عدد القتلى من الجنود إلا أن النصب التذكاري لضحايا الحرب في وسط كييف يعطي فكرة عن الأرقام من خلال الصور والأسماء المكتوبة على آلاف الأعلام الموضوعة هناك.
كانت الأشهر الأولى للحرب في 2022 قد شهدت طوابير من الرجال والنساء في مراكز التجنيد كما تدفقت التبرعات.
واليوم، لا يزال التهديد الوجودي الذي تواجهه أوكرانيا قائما ولا يزال شغف الأوكرانيين بالعيش موجودا وكذلك الدعم الشعبي المستمر للقوات المسلحة.
لقد أضرت حالات الرشوة لتجنب التجنيد بحملات التعبئة فضلاً عن تدهور الثقة العامة في الدولة والجيش ووُجهت هذا الشهر اتهامات جديدة إلى 33 مسؤولاً بدفع أموال لخبراء طبيين لتمكينهم من التظاهر بالإعاقة الجسدية وبالتالي التهرب من التجنيد ومغادرة البلاد.