وتنقل قناة OSV التي تعنى بأخبار الكاثوليك حول العالم، عن فتاة تدعى ريتاوهي من مواليد
ثاني أكبر مدينة في العراق، الموصل، قولها: "نشر الشباب التحذير من دخول
داعش إلى الموصل"، فيما استذكرت الرعب الذي تلا ذلك، والذي حدث داخل مجمع رعية العذراء أم الكنيسة في ماركا - الضاحية الشمالية الشرقية لعمان، العاصمة الأردنية.
وحرصت المرأة وهي في الخمسينيات من عمرها، فضلا عن عراقيين آخرين يحضرون الكنيسة، على ذكر أسمائهم الأولى فقط عند
الحديث في هذا التقرير، خوفًا من الانتقام من أقاربهم الذين بقوا في
العراق.
وقالت ريتا: "علمت عمتي باقتراب المتشددين من الجيران، كنا نعلم أنه سيكون من المستحيل البقاء ولذلك جمعنا أختي وأطفالي واتجهنا شمالا بحثا عن الأمان".
وتنظيم داعش، هو منظمة إسلامية متشددة انفصلت عن شبكة القاعدة وسيطرت على أجزاء كبيرة من
العراق وسوريا، حيث أعلنت الخلافة، وهي الشكل التقليدي للحكم الإسلامي، في عام 2014، وتتكون إلى حد كبير من المتشددين من
العراق وسوريا ولكنها اجتذبت مقاتلين جهاديين من جميع أنحاء العالم وأوروبا.
وقال الأب خليل جعار، راعي كنيسة مريم أم الكنيسة: "يعاني الكثير من
العراقيين من الاكتئاب، أرى ذلك على وجوههم عندما يأتون إلى الكنيسة، من وقت لآخر أدعوهم للحضور والتحدث في مكتبي، يقولون إننا نعلم أنه لا يوجد حل، لكن على الأقل لدينا الفرصة للتحدث"، ويتعاطف الأب جعار بشدة مع نضالاتهم، لأنه نشأ كلاجئ فلسطيني في بيت لحم.
لقد خدم الأب جعار المسيحيين
العراقيين وغيرهم من اللاجئين الفارين من الصراعات في الأراضي المجاورة لسنوات عديدة، بينما قدم المساعدة العملية مثل تعليم الأطفال وكوبونات الطعام والإسكان والآن عيادة صحية تم افتتاحها مؤخرًا على أرض مجمع الرعية لمعالجة اللاجئين.
يجد هذا الكاهن العربي أن حياته قد تغيرت إلى الأبد من خلال مساعدة اللاجئين، الذين يسميهم "القديسين الأحياء"، لأنهم اختاروا التمسك بإيمانهم المسيحي في مواجهة فقدان كل ما لديهم في هذا العالم.
وتقول المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إن الأردن يستضيف الآن نحو 53 ألف لاجئ عراقي، معظمهم من المسيحيين، انخفضت هذه الأرقام عما كانت عليه في عام 2014 عندما فر الكثيرون من الموصل ومدن سهل نينوى، بما في ذلك قرة قوش، بالفرار في البداية إلى إقليم كردستان قبل التوجه إلى الأردن على أمل إعادة التوطين في الغرب.
وأوضح الأب جعار: "إذا كانوا قد ذهبوا، فقد ذهبوا بشكل رئيسي إلى أستراليا، لكن في الواقع لم يغادر الأردن إلا عدد قليل جدًا منهم، لا يزال معظمهم هنا، ويشعرون بأنهم محرومون ومنسيون لأن المساعدة قليلة، ولا يُسمح لهم بالعمل أو الذهاب إلى المستشفيات، وتقول لهم المنظمات الدولية: "أنت عراقي، عليك العودة إلى بلدك"، ولكن الوضع هناك لا يزال خطيرا للغاية"، يقول الأب، ويضيف: "أعرف بعض الأشخاص الذين عادوا ووجدوا منازلهم مأهولة بالفعل بأشخاص آخرين".
وقال أبناء أبرشية آخرون، مثل جورج البالغ من العمر 60 عاماً، وهو مهندس كهربائي، إنه سيكون من المستحيل العودة إلى منزل عائلته في برطلة، لأنه تعرض للقصف أثناء النزاع، وحتى بعض الفصائل الشيعية استولت الآن على البلدة التي كانت ذات أغلبية مسيحية بعد تحريرها من
داعش.
ويضيف جورج: "في نهاية المطاف، شعرنا وكأننا نعيش بين نارين، جاءت إلي الميليشيات الشيعية مطالبة بأدواتي الكهربائية المهنية لبيعها لنفسها، لم يكن هناك أمن ولا حماية للمواطنين العاديين، كنت أعرف أنه يجب علي البحث عن مكان امن لعائلتي".
ويعمل ابن رعية آخر، وهو سامي، شماسًا في كنيسة مريم أم الكنيسة في ماركا، لكنه عمل أيضًا في كنيسته، سانت توماس في كرمليس، إحدى أقدم المستوطنات في شمال العراق، ويقول سامي: "دق جرس الكنيسة بقوة في عام 2014 محذرًا من أن المشاكل قادمة، وأن المسلحين سيغزون قريبًا، كان علينا أن نتحرك بسرعة، وحشرنا تسعة أشخاص في سيارة، وتركنا كل شيء خلفنا، كان الجو حارًا ومشمسًا ومغبرًا، ويستدرك سامي: "بعد سنوات، حاولت العودة إلى المنزل ووجدت المنزل محترقاً".
وأوضح تيم الصياغ، وهو الطبيب المعالج في عيادة سانت أنجيلو الصحية التي افتتحت حديثاً في الكنيسة: "بسبب ما واجهوه في
العراق والتحديات التي يواجهونها الآن، يعاني اللاجئون العراقيون من الكثير من التوتر".
ويبين ان "ارتفاع ضغط الدم غير المنضبط يعد أحد الأمراض الرئيسية التي اراها بين اللاجئين
العراقيين القادمين إلى العيادة، ويعني نقص الأموال أيضاً أن بعض اللاجئين لم يتمكنوا من متابعة الحفاظ على أدويتهم"، مستدركًا: إن "العيادة تأمل في تقديم تغيير إيجابي من خلال التشخيص والاستشارات، ومن خلال توفير الأدوية وتقديم أفضل الطرق لعلاج أمراضهم".
وقال توماسو ريفا من جمعية حبيبي ومقرها عمان والتي تأسست في إيطاليا عام 2013 لمساعدة الأشخاص ذوي الإعاقة، إن "هذا لخدمة المجتمع
العراقي ببعض الفحوصات الطبية والأدوية، وتوفير التدريب للتقييم العام ولمساعدة الأشخاص ذوي الإعاقة، الأكثر ضعفاً والمتضررين من النزاع".
وتقول ريفا إن برنامج تقديم الدعم النفسي قد يتم تقديمه أولاً "بطريقة مجتمعية كتدريب أو ورشة عمل" للمشاركين، لأن مجتمع الشرق الأوسط يتميز بخصوصية تامة فيما يتعلق بمشاركة المشاعر الشخصية فيما يتعلق بالتوتر والصدمات.
وأوضح الأب جعار أن "اللاجئين وفقراء الحي عادة ما يخجلون من طلب المساعدة"، لقد قلنا: "من فضلكم تعالوا، هذا واجبنا وامتيازنا أن نخدمكم، وحتى الآن، يصل ما بين 150 إلى 200 شهريًا"، لكنه يتوقع أن ترتفع هذه الأعداد، مضيفا: "عندما لا يتمكن بعض الأشخاص من الوصول إلى العيادة، أطلب من الطبيب والممرضة الذهاب إلى منزلهم لإجراء زيارة طبية."
ويشير التقرير الى أن "مصدر فخر الكاهن وسعادته هو المدرسة التي أنشأها قبل عقد من الزمن لتمكين 200 طفل
عراقي لاجئ من التعليم أثناء مواجهتهم التحديات في المدارس المحلية".
ويقول الأب: "لقد أخبرني الأطفال: يا أبي... نحن لا نحب قضاء العطلة الصيفية في المنزل، لا يوجد مكان للعب فيه ومن الخطر جدًا الخروج إلى الشوارع، لكن في هذه المدرسة، يمكننا أن نلتقي"، ويضيف "لكن التمويل كان محدودا، وهناك حاجة ماسة إلى المزيد من الموارد".
وقال الأب جعار: "آمل وأدعو الله أن نتمكن من إعادة فتح المدرسة في سبتمبر/أيلول لأننا مرهقون مالياً، سيكون هذا كارثة بالنسبة للأطفال."