كانت المحكمة التابعة للأمم المتحدة، والتي توصف بأنها "محكمة العالم"، قد أصدرت
الجمعة 26 يناير/كانون الثاني 2024، أمراً لإسرائيل باتخاذ تدابير عاجلة لمنع أعمال الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين، وبذل المزيد من الجهود لإدخال المساعدات للمدنيين في قطاع غزة، وذلك استجابة للدعوى التي كانت جنوب أفريقيا قد رفعتها، أواخر ديسمبر/كانون
الأول الماضي، أمام المحكمة الدولية، متهمةً إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية ضد سكان قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين
الأول 2023، ومطالبةً من المحكمة فرض إجراءات طارئة لوقف العدوان الإسرائيلي.
من هي جوليا سيبوتيندي؟
تتشكل محكمة العدل الدولية، وهي أعلى هيئة قانونية تابعة للأمم المتحدة، حيث تأسست عام 1945 للتعامل مع النزاعات بين الدول، من 15 قاضياً، يعتمد اختيارهم على تحقيق التنوع الجغرافي، والتمثيل المناسب للأساليب القانونية. وهؤلاء القضاة تنتخبهم الجمعية العامة للأمم
المتحدة ومجلس الأمن لولاية مدتها تسع سنوات، ويتغير ثلثهم أو يعاد انتخابهم لولاية جديدة كل 3 سنوات. وفي حالة وفاة القاضي أو تقاعده في ظروف أخرى، تُجرى انتخابات لاختيار قاضٍ يحل محله.
القاضية جوليا سيبوتيندي مولودة في أوغندا عام 1954، وانتخبت كعضو في محكمة العدل لأول مرة عام 2012، ثم أُعيد انتخابها عام 2021، وهي حاصلة على الدكتوراه الفخرية في القانون من جامعة إدنبرة في المملكة المتحدة، عن الخدمة المتميزة في المجال الدولي والعدالة وحقوق الإنسان، وتحمل الماجستير في القانون مع درجة الامتياز من نفس الجامعة.
شغلت عدة مناصب قضائية وقانونية سابقة، حيث عملت كقاضٍ في المحكمة الخاصة لسيراليون في الفترة بين 2005-2011. وتعاملت مع العديد من المحاكمات في قضايا جرائم الحرب، من ضمنها القضية ضد الرئيس الليبيري تشارلز غانكاي تايلور، الذي اتهم بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال فترة توليه الرئاسة.
كذلك شغلت سيبوتيندي منصب قاضٍ في المحكمة العليا في أوغندا في القضايا المدنية والجنائية، وكانت رئيسة اللجنة القضائية للتحقيق في فساد الشرطة الأوغندية في الفترة من 1999 وحتى 2000.
وتشغل القاضية الأوغندية العديد من المناصب الشرفية، من ضمنها منصب رئيس الجامعة
الدولية للعلوم الصحية في أوغندا، وعضو رابطة الكومنولث لواضعي التشريعات، وسفيرة النوايا الحسنة لصندوق الأمم
المتحدة للسكان، وعضو الرابطة الوطنية للقاضيات في أوغندا، كذلك مثلت نساء أوغندا في جلسات في الأمم
المتحدة من أجل المرأة، والتي عقدت في إثيوبيا.
الوحيدة التي صوّتت لصالح إسرائيل
لم تُصدر المحكمة قراراً بالوقف الفوري لإطلاق النار في غزة، وهو واحد من 10 إجراءات عاجلة طالبت جنوب أفريقيا المحكمة باتخاذها، لكن قرار المحكمة وافق على الإجراءات التسع الأخرى التي طالبت بها جنوب أفريقيا، ما يمثل إدانة واضحة لإسرائيل، بحسب تقرير لشبكة CNN الأمريكية.
رئيسة المحكمة، القاضية الأمريكية جوان دونوغو، قالت في كلمتها خلال جلسة إصدار القرار: "نؤكد ولايتنا القضائية للبت في دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل"، وأضافت أن "محكمة العدل
الدولية رفضت طلب إسرائيل بسحب دعوى جنوب أفريقيا ضدها".
كما أكدت دونوغو أن المحكمة تتمتع بصلاحية الحكم بإجراءات احترازية في قضية "الإبادة الجماعية" المرفوعة ضد إسرائيل، وقالت: "يجب على إسرائيل أن تتخذ التدابير في حدود سلطتها لمنع ومعاقبة التحريض العلني على ارتكاب الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين"، وتابعت: "يجب على إسرائيل أن تتخذ تدابير فورية وفعالة لتمكينها من توفير الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية التي تشتد الحاجة إليها في غزة".
وصدر قرار المحكمة بأغلبية ساحقة، إذ وافق عليه 14 قاضياً، بينما صوتت ضده جوليا سيبوتيندي فقط. أما لماذا غرّدت أول قاضية أفريقية في هيئة محكمة العدل
الدولية خارج السرب بهذه الطريقة، وصوتت لصالح إسرائيل، فلا أحد يعرف.