هاتان الشخصيتان هما من بين عشرات الأسماء التي تم الكشف عنها خلال الساعات الـ24 الماضية، ونُشرت الأسماء بقرار من القاضية الأمريكية، لوريتا بريسكا، التي قضت في وقت سابق بنشر وثائق تتضمن أسماء 170 شخصاً لهم علاقة بقضية إبستين.
هذه الأسماء مُستمدة من دعوى مدنية رفعتها فيرجينيا جيوفري، عام 2015، ضد جيزلين ماكسويل، الشريكة السابقة لإبستين والتي تمت إدانتها بارتكاب "جرائم جنسية" وتقضي
عقوبة طويلة بالسجن، وتقول جيوفري إنها إحدى ضحايا إبستين، وإنها واحدة من بين فتيات "تاجر بهن إبستين وشريكته ماكسويل"، وفقاً لشبكة CNN الأمريكية.
وأثارت الأسماء الواردة في القائمة، ضجة حول العالم لاحتوائها على شخصيات بارزة في ميادين السياسة والإعلام والفن، فيما ينتظر نشر قائمة أسماء أخرى لها علاقة بالقضية، والأسماء الواردة بالقائمة ليست متهمة للآن بارتكاب تجاوزات، وتشير تقارير أمريكية إلى أن الانتهاكات كانت تتم في جزيرة إبستين، المعروفة باسم "ليتل سانت جيمس".
الرجل الذي فاوض صدام والبشير
من بين الأسماء البارزة في القائمة، بيل ريتشاردسون، سفير واشنطن السابق لدى الأمم المتحدة، ووزير الطاقة بعهد الرئيس الأمريكي الأسبق، بيل كلينتون، والذي تولى أيضاً منصب حاكم ولاية فلوريدا، وتوفي ريتشاردسون، في سبتمبر/أيلول 2023.
يُشير نص وثائق المحكمة، إلى أن جيفري، قالت في شهادتها، إن ماكسويل أمرتها بإجراء "تدليك" لريتشاردسون، وتضمنت وثائق المحاكمة، قولاً لامرأة تُصنف نفسها من بين الضحايا، أن جلسات التدليك كانت تحتوي على نشاط جنسي، وفي العام 2019 نفى متحدث باسم ريتشاردسون أن يكون الأخير التقى مع جيفري.
وسبق أن خاض ريتشاردسون مفاوضات مع الرئيس
العراقي في النظام السابق، صدام حسين، من أجل الإفراج عن أمريكيين دخلا إلى الأراضي العراقية في العام 1995، وفي مارس/آذار من ذلك العام، حكمت محكمة عراقية على الأمريكيين ويليام بارلون، وديفيد داليبرتي، بالسجن ثماني سنوات بتهمة الدخول بطريقة غير قانونية إلى البلاد، وقال مسؤولون عراقيون إن الرجلين متهمان بالتجسس.
بعد مفاوضات قادها ريتشاردسون، أفرجت السلطات العراقية في يوليو/تموز 1995 عن الرجلين، وتُشير صحيفة "نيويورك تايمز" إلى ما قاله الأمريكيان من أنهما دخلا الأراضي العراقية عندما كانا في طريقهما لزيارة صديقٍ في موقع تابع للأمم المتحدة في شمال الكويت، وعلى مقربة من الحدود الجنوبية للعراق.
وفي العام 2006 أيضاً، نجح ريتشاردسون بإقناع الرئيس السوداني المخلوع، عمر البشير، بالإفراج عن الصحفي الأمريكي، بول سالوبيك، والذي كانت السلطات السودانية قد اعتقلته بتهمة التجسس، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز".
وفي 2023، توفي ريتشاردسون عن عمر ناهز 75 عاماً، وأعلن نائب رئيس مؤسسته ميكي برغمان في بيان، أن ريتشاردسون "توفي أثناء نومه خلال الليل"، ولم يكن ريتشاردسون قد واجه أية إدانة أو اتهام قانوني في القضية.
المُدافع المُحتمل عن جرائم إسرائيل
ورد في قائمة الأسماء أيضاً، آلان ديرشوفيتز، وهو محامٍ أمريكي مؤيد بشدة لإسرائيل، وتربطه علاقة قوية برئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، وذكرت تقارير بأن نتنياهو يريد من ديرشوفيتز، تمثيل
إسرائيل في جلسة استماع مقبلة في لاهاي (مقر محكمة العدل الدولية)، بشأن الاتهام بارتكاب جرائم إبادة جماعية خلال حربها على غزة المستمرة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وفقاً لموقع Middle East Eye البريطاني.
وديرشوفيتز هو محامي إبستين، وأستاذ قانون في جامعة هارفارد سابقاً، وورد ذكره كذلك بالسجلات التي كشف عنها حديثاً، إذ تقول الوثائق: "إن إبستين أجبر قاصرة على ممارسة الجنس مع ديرشوفيتز عدة مرات".
تذكر الوثائق أيضاً أن ديرشوفيتز "كان شاهد عيان على الاعتداء الجنسي على عدة قاصرات أخريات من قبل إبستين ومتعاونين آخرين معه"، واللافت أن ديرشوفيتز له مشاركة في التفاوض على اتفاقية "عدم الملاحقة القضائية" (NPA) نيابةً عن موكله إبستين، والتي أتاحت لإبستين الإفلات من
عقوبة مشددة حين اتُّهم أول مرة بإغواء قاصرة لممارسة الدعارة، بحسب صحيفة The Times.
وفي وثائق المحكمة، ورد اسم لامرأة تمت الإشارة إليها بـ"جين دو رقم 3"، وهي من بين النساء اللواتي وجهن اتهامات لإبستين وآخرين من معارفه بالاعتداء.
ورد في الوثائق أنه "كان أحد الأشخاص النافذين الذين أجبر إبستاين الفتاة جين دو، القاصر آنذاك، على إقامة علاقة جنسية معه، هو أستاذ القانون السابق بجامعة هارفارد آلان ديرشوفيتز، صديق إبستاين والمحامي الجنائي المعروف".
تضيف الوثائق: "فرض إبستاين على جين إقامة علاقة جنسية مع ديرشوفيتز مراتٍ عدة بينما كانت قاصراً، ليس فقط في فلوريدا، بل أيضاً على متن طائراتٍ خاصة في نيويورك ونيو مكسيكو وجزر العذراء الأمريكية في البحر الكاريبي، وبالإضافة إلى أنه كان مشاركاً في الاعتداء على جين دو وغيرها من القاصرات، كان ديرشوفيتز شاهد عيان على اعتداء إبستاين وغيره الكثير من المتآمرين معه جنسياً على الكثير من القاصرات".
تؤكد الوثائق أن ديرشوفيتز ساعد أيضاً في التفاوض على اتفاقٍ توفِّر الحصانة من الملاحقة الفيدرالية في دائرة المقاطعة الجنوبية لفلوريدا، ليس فقط لإبستاين، بل أيضاً لـ"أيٍّ من المتآمرين المُحتملين المشاركين معه".
عقب رفع السرية عن الوثائق، حاول ديرشوفيتز الدفاع عن نفسه في بث مباشر على موقع يوتيوب، وقال: "بالطبع اسمي في تلك القائمة، فقد كنت محاميه، واستقللت طائرته الخاصة"، وحتى الآن ليس ديرشوفيتز ضمن دائرة المُتهمين رسمياً.
قضية إبستين وماكسويل
تعود بدايات قضية إبستين، إلى العام 2005، حينما اتصلت امرأة بالشرطة، وقدمت بلاغاً قالت فيه إن ابنة زوجها – البالغة من العمر آنذاك 14 عاماً- تعرضت لاعتداء جنسي على يد شخص ثري في حي بالم بيتش، بولاية فلوريدا.
خلال تحقيق الشرطة، أكدت الفتاة بأن رجلاً ذا شعر رمادي طلب منها تدليك جسده وأمرها بخلع ملابسها، وعندما عرضت الشرطة مجموعة صور عليها لأثرياء بالمنطقة، تعرفت الفتاة على إبستين، وفقاً لهيئة الإذاعة البريطانية BBC.
تقارير أشارت إليها BBC، تحدثت عن وجود مئات الفتيات، بينهن عدد كبير من القاصرات وغالبيتهن من أسر فقيرة ومفككة ويتيمات، وأنه كان يتم منحهن ما بين 200 إلى 300 دولار مقابل الزيارة الواحدة.
واتُّهِمَ إبستين بدفع الأموال للفتيات القاصرات (أقل من 18 عاماً) من أجل ممارسة الأعمال الجنسية داخل قصوره في مانهاتن وفلوريدا بين عامي 2002 و2005، وحُكم عليه عام 2008 بالسجن 18 شهراً.
حصل إبستين على هذا الحكم المخفف، بعدما توصَّل لاتفاق مثير للجدل بشأن عقوبته، التي كادت أن تصل إلى
السجن مدى الحياة، وأبرم الاتفاق حينها مع المدعي العام في فلوريدا وقتها ألكسندر أكوستا، وأقرَّ في الاتفاق بذنبه في الاستعانة بخدمات قاصرات، مما سمح له بتقصير عقوبته إلى 13 شهراً، والاستفادة من تسهيلات.
وفي العام 2015 رفعت جيوفري دعوى قضائية حول الانتهاكات الجنسية، وتمت تسويتها في العام 2016، قبل أن تعود صحيفة "ميامي هيراليد" من فتح القضية مجدداً، الأمر الذي قاد لاعتقال إبستين في العام 2019، وتم سجنه قبل أن يعثر عليها مشنوقاً داخل زنزانته.
كذلك أُدينت ماكسويل في العام 2022 بالسجن لمدة 20 عاماً، بتهمة "الاتجار بالجنس"، وتهم أخرى متعلقة بمساعدتها لإبستين في الاعتداء الجنسي على فتيات ومراهقات، بحسب موقع Axios الأمريكي.