وبحسب صحيفة شرق، تنأى الغالبية العظمى من العائلات التي تقوم بهذه الجريمة عن الإفصاح عن فعلتها، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن الإحصائيات الرسمية التي تنشر في وسائل الإعلام لا تمت للواقع بصلة. فوفقاً للعديد من نشطاء حقوق المرأة، تنفّذ العديد من جرائم الشرف في أجزاء مختلفة من
إيران ولا يتم الإبلاغ عنها عمدًا خارج مكان وقوعها خوفاً من الإجراءات القضائية.
وتشير الإحصاءات الرسمية والمحقق منها في وسائل الإعلام الرسمية
الإيرانية إلى ارتكاب ما لا يقل عن 165 جريمة قتل بحق النساء في البلاد في العامين الماضيين، أي من يونيو 2021 إلى نهاية يونيو 2023. ما يعني أن “امرأة واحدة” على الأقل تقتل كل أربعة أيام على يد أحد أفراد أسرتها في بعض المدن والقرى في
إيران بدافع الشرف وعدة مسائل أخرى.
وبالقاء نظرة عن كثب يتضح أن 87 حالة من أصل 165 جريمة قتل بحق النساء في
إيران كان دافعها “مشاكل عائلية”، فيما ذكرت التقارير أن 38 حالة أخرى كانت لأسباب تتعلق “بالشرف”، و10 بدافع مالي و30 أخرى لم يذكر سبب واضح لارتكابها.
وبحسب التحقيقات فإن أغلب حالات القتل يقوم به زوج الضحية، فمن بين 165 امرأة قتلن في العامين الماضين، قُتلت 108 امرأة على يد أزواجهن، و17 على يد إخوانهن، و9 على أيدي أبنائهن، و13 على يد آبائهن، و19 على أيدي أفراد آخرين من الأسرة مثل والد الزوج أو أخ الزوج أو الزوج السابق أو ابن الخالة.
علاوة على ما سبق، قتلت 43 امرأة من بين 165 بالرصاص خلال العامين الماضيين، واستخدمت بنادق الصيد والكلاشينكوف وأسلحة نارية أخرى لتنفيذ الجريمة. فيما تعرضت 40 امرأة للطعن حتى الموت، و35 أخريات تعرضوا للخنق بالأيدي والأوشحة والفُرش، وأضرمت النار في 6
نساء من خلال سكب البنزين عليهن مباشرة، أو بإشعال النار في السيارة أو المنزل الذي كانت الضحية فيه وقتلت نتيجة هذا الحريق. كما قتلت 4
نساء باستخدام المطرقة، وتعرضت امرأتان للقتل بدفعهما من مكان مرتفع.
ولم تذكر التقارير أسباب قتل خمس حالات، فيما أفادت بمقتل 30 امرأة لأسباب أخرى غير معتادة مثل التشويه والضرب بالحجارة والرشق من علو ودفن بالحجارة، وفي 11 حالة انتحر القاتل بعد الجريمة.
وعلى عكس الفكرة الشائعة بأن معظم جرائم قتل النساء تتم في المدن والقرى “النائية”، تظهر تحقيقات أجرتها صحيفة “شرق”
الإيرانية أنه في العامين الماضيين، قتلت 41 امرأة في ضواحي العاصمة طهران.
ولا بد من التأكيد على أن هذه الإحصائية مبنية فقط على جرائم “قتل النساء” حسب تعبير وسائل الإعلام الرسمية، أي أنها لا تتضمن بأي شكل من الأشكال حالات انتحار النساء اللواتي يقدمن على هذه الخطوة بسبب الخلافات العائلية أو للتخلص من العنف الأسري والزواج المبكر وما إلى ذلك.
وترى فاطمة باباخاني، مديرة ومؤسس مركز “مهرشمس آفريد” للدعم الشامل والناشطة في مجال حقوق الإنسان، أنه لا توجد إحصائيات دقيقة في
إيران بل ومحدودة حول قضية العنف ضد
المرأة وقتل النساء.
وحول أسباب التكتم على الإحصاءات الدقيقة، قالت: “بدايةً، لا يمتلك الشارع الإيراني إرادة وعزيمة لمحاربة هذه القضايا. وبذا، فإن المؤسسات المسؤولة عن هذه المسألة، بغض النظر عن الإحصائيات الممكنة المتاحة بشكل طبيعي للسلطات، لا تؤدي واجباتها الموكلة إليها كاتخاذ خطوات عملية أو التصرف بشأن ربات البيوت، والفتيات اللواتي تعرضن للأذى، والنساء المعنفات ضمن الحدود المرغوبة”.
واعتبرت هذه الحقوقية أن صمت المجتمع والمؤسسات والجهات المختصة أمام قضايا جرائم الشرف هو سكوت متعمد ومتجاهل، مؤكدةً على عدم وجود أي أرقام محددة وإحصاءات ومرجع لمتابعة قضايا العنف ضد
المرأة والعنف الأسري وقتل النساء.