بدأ مئات الآلاف من المواطنين الأتراك في الخارج الإدلاء بأصواتهم في البلدان التي يعيشون فيها وفي المراكز الحدودية التركية، يوم الخميس 27 أبريل/ نيسان 2023، قبل 17 يوماً من تنظيم تركيا للانتخابات الحاسمة.
ويوجد 3.4 ملايين ناخب تركي مُسجَّل يعيشون خارج البلاد، أي أكثر من 5% من إجمالي الناخبين البالغ عددهم 64.1 مليون ناخب، وعلى الرغم من أنَّ نسبة المشاركة بالخارج تتراوح باستمرار عند مستوى أعلى من 50% بقليل (مقارنةً بنسبة 85% تقريباً داخل تركيا نفسها)، فإنَّ تلك الأصوات مهمة.
لمن ستذهب أصوات الأتراك في الخارج؟
تشير استطلاعات الرأي الأخيرة إلى أنَّ الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، ومنافسه الرئيسي، كمال كليجدار أوغلو، متقاربان للغاية بالفعل. فيشير متوسط 7 استطلاعات رأي أُجريَت في أبريل/ نيسان الجاري، إلى أنَّ كليجدار أوغلو قد يحصل على 50.3% في جولة الإعادة، في حين يحصل أردوغان على نحو 49.7%، كما يقول تقرير لموقعMiddle East Eye البريطاني.
وتعتبر هذه الانتخابات من وجهة نظر محللين هي الأهم في تاريخ تركيا الحديثة، نظراً لارتباطها بالعديد من الملفات السياسية والاقتصادية وأيضاً العسكرية.
قبل عام 2017 كان النظام السياسي المعمول به في البلاد هو النظام البرلماني مع بعض الصلاحيات للرئيس، لكن عقب محاولة الانقلاب العسكري الفاشلة في يوليو/ تموز 2016 طالب الرئيس أردوغان بالاستفتاء على تعديل الدستور في البلاد والتحول إلى النظام الرئاسي، والذي حدث بالفعل في أبريل/ نيسان 2017.
*منافسة شرسة بين رجب طيب أردوغان وكمال كليجدار أوغلو
وأبرز الشخصيات التي أعلنت ترشحها هو الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان، ومرشح الطاولة السداسية زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كليجدار أوغلو.
ويواجه الرئيس المخضرم مرشحاً يدعمه تحالف المعارضة التركية، المكون من تحالف يضم 6 أحزاب، وهو كمال كليجدار أوغلو (74 عاماً)، وهو رئيس ثاني أكبر حزب في البلاد، ويسعى للإطاحة بأردوغان، الذي حكم البلاد لمدة عقدين من الزمان.
ونشر أوغلو عبر حسابه الشخصي في موقع التواصل "تويتر" مؤخراً، تسجيلا مصورا من 3 دقائق، أقرّ فيه بهويّته الدينية، بقوله: "أنا علوي"، في خطوة اعتُبِرت على أنها كسر لأحد أبرز "المحرّمات السياسية" السائدة في البلاد، منذ سنوات.
ورغم أن كليجدار أوغلو وهو المرشح الرئاسي الذي سينافس الرئيس رجب طيب أردوغان اعتاد منذ أشهر على الظهور من خلال حسابه في "تويتر"، إلا أن "رسالة أنا علوي" كان لها الكثير من الأصداء، سواء في الضفة المعارضة أو ضمن أوساط الحزب الحاكم.
ووجه زعيم "حزب الشعب الجمهوري" رسالته بشكل أساسي إلى فئة الشباب، وخاطبهم بعبارة: "أنا علوي. هل أنتم مستعدون لتدمير هذا النظام الذي يقول لا يوجد علويون؟".
وأضاف: "أنا مسلم مخلص نشأ على عقيدة حق محمد وعلي. هويتنا هي كياننا الذي يجعلنا ما نحن عليه وبالطبع علينا المطالبة بها بكرامة".
كما دعا في التسجيل المصور الناخبين لأول مرة إلى تنحية خلافاتهم جانبا و"إخراج البلاد من الجدل الطائفي الضار". مضيفا: "لن نتحدث عن الهويات بعد الآن. هل ستُخبر المؤسسة التي ترفض الاعتراف بعلوي؟ أي علوي أمين وأخلاقي ومحترم يمكن أن يكون رئيسا؟".
وبعد يوم من رسالته، تمت مشاهدة منشور كليجدار أوغلو على موقع التواصل "تويتر" أكثر من 56 مليون مرة في أقل من 24 ساعة.
فيما أثار التسجيل الكثير من التعليقات وردود الفعل، من جانب سياسيين في الحزب الحاكم وآخرين معارضين.
* أردوغان وكليجدار أوغلو يواصلان حشد الأتراك
وجمع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ومنافسه الأبرز كمال كليجدار أوغلو حشودا ضخمة يوم الأحد الماضي في تركيا، وذلك قبل أيام من انتخابات رئاسية وتشريعية يُتوقع أن تشهد منافسة محتدمة.
وقال أردوغان أمام مؤيديه في أحد متنزهات أنقرة "هل أنتم مستعدون لـ14 مايو/ أيار؟ هل أنتم مستعدون لجعل أقلام الاقتراع تفيض (بالمقترعين)؟".
وفي تصريحات أدلى بها خلال الفعالية الانتخابية التي أُقيمت في "حديقة الشعب"، تطرّق أردوغان إلى الخدمات التي قدّمتها حكومته وبلديات حزبه للعاصمة خلال السنوات الـ21 الماضية. وأكد أن أنقرة باتت عاصمة للصناعات الدفاعية أيضا بفضل الاستثمارات التي قامت بها حكوماته خلال السنوات الماضية.
كما شدد على أن أنقرة ستتحوّل إلى مركز لخطوط القطارات السريعة بفعل الخطوط التي تملكها وعقب استكمال المشاريع الحالية أيضا. وطالب أردوغان أنصار حزبه "العدالة والتنمية" بتكثيف فعالياتهم الانتخابية، منتقدا "تقاعس" بلديات المعارضة في كل من أنقرة وأسطنبول وإزمير، كبرى المدن التركية، عن تقديم الخدمات الأساسية لسكان تلك المدن، رغم إدارتها لها منذ قرابة 4 أعوام.
ودعا الرئيس الذي استأنف حملته الانتخابية ونشاطه العام بعد وعكة صحية ألمّت به مؤخراً، دعا مناصريه إلى حضّ مواطنيهم ممن لم يحسموا خيارهم بعد على التصويت لصالحه. وشدد على أن "أمّتنا، إن شاء الله، ستُخرجهم من الحياة السياسية"، في إشارة إلى الائتلاف المعارض.
معارضة موحّدة
من جهته، شدد كليجدار أوغلو بمهرجان في إزمير (غرب)، ثالث كبرى مدن البلاد والتي تُعد معقلا للمعارضة، على أن "تركيا ستستعيد النور" على حدّ قوله. وأضاف "هذه الانتخابات هي انتخابات لإعادة بناء ديمقراطيتنا (..) سنُعيد السلام إلى هذا البلد، سأُعيد الأخوّة إلى هذا البلد".
*محرم إنجة يضع شرطاً لمغادرة السباق الرئاسي
أعلن رئيس حزب "البلد" المعارض والمرشح الرئاسي للانتخابات التركية، محرم إنجة، أنه مستعد للانسحاب من السباق الرئاسي ودعم تحالف الأمة المعارض المعروف بـ"الطاولة السداسية"، بشرط إقصاء كل من أحمد داود أوغلو وعلي بابا جان، الاسمين البارزين على الطاولة.
تصريحات إنجة جاءت خلال لقاء تلفزيوني على قناة sözcü المحلية، مساء أمس الأربعاء 3 مايو/ أيار 2023، وكشف فيها عن شرطه الوحيد لدعم التحالف المذكور، مشيراً إلى أنه لا يريد مقابل ذلك أن يمنحه التحالف منصب نائب الرئيس.
وقال إنجة: "ليغادر بابا جان وداود أوغلو التحالف وسأُعلن دعمي في ذلك الوقت. ولا أُريد منصب نائب الرئيس (..) هل يوجد عرض أفضل من هذا؟ وليكن 3 نواب للرئيس بدلاً من 7، أكشنار وإمام أوغلو ومنصور وياواش، أما أنا فسأقوم بالواجب".
يُشار إلى أن أحمد داود أوغلو يترأس حزب المستقبل الذي أسّسه أواخر 2019، وعلي بابا جان يقود حزب الديمقراطية والتقدّم الذي أسّسه مطلع 2020، وكلا الحزبين على الطاولة السداسية، وكلاهما اضطلعا بمناصب عُليا في السياسة الخارجية والاقتصاد قبل مغادرتهما حزب العدالة والتنمية الحاكم.
وفي 6 مارس/ آذار الماضي، أعلنت الطاولة السداسية أن رئيس حزب الشعب الجمهوري، كمال كليجدار أوغلو، مرشحها الرئاسي للانتخابات التي ستجري في 14 مايو/ أيار الحالي.
وأعلنت الطاولة أن رؤساء الأحزاب الخمسة على الطاولة سيتولَّون منصب نائب الرئيس، بجانب رئيسي بلدية أنقرة منصور ياواش، وأسطنبول أكرم إمام أوغلو.
أما محرم إنجة فهو رئيس حزب "البلد" ومرشحه للانتخابات الرئاسية، وهو اسم بارز سابق في حزب الشعب قبل أن يغادره في 2021 إثر خلافات حادّة مع رئيسه كليجدار أوغلو.
وترشح إنجة في 2018 للانتخابات الرئاسية عن حزب الشعب الجمهوري، وحصل على 30% أمام الرئيس رجب طيب أردوغان الذي كسب الانتخابات بنسبة 52.6%.