ما هي معاهدة نيو ستارت التي علقت روسيا مشاركتها فيها؟
معاهدة نيو ستارت، أو كما يطلق عليها أيضاً معاهدة "ستارت 3″، هي معاهدة تم توقيعها في عام 2010 بين الرئيسين الأمريكي باراك أوباما والروسي ديمتري ميدفيديف في
العاصمة التشيكية براغ.
والهدف منها كان تحديد عدد الرؤوس النووية بـ1550 رأساً نووياً، خلال فترة 7 سنوات، ابتداء من دخول الاتفاقية حيز التنفيذ.
كما تُحدد الاتفاقية 700 وحدة من منصات إطلاق الصواريخ المنشورة ميدانياً، سواء من المنصات البرية أو الغواصات أو القاذفات المعدة للتسليح النووي، كسقف نهائي لكل
دولة.
وتم تحديد 10 سنوات كمدة لتنفيذ المعاهدة، على أن يحق للطرفين
الاتفاق مجدداً لتمديدها مدة 5 سنوات إضافية، وفقاً لما ذكرته منظمة Arms Control Association.
وفي يوم 3 شباط 2021، أعلنت الولايات
المتحدة الأمريكية عن بدء سريان قرار تمديد معاهدة نيو ستارت، المبرمة بينهما بشأن الحد من الأسلحة الهجومية الاستراتيجية لمدة خمس سنوات، تنتهي في عام 2026، قبل أن تعلن
روسيا تعليق مشاركتها بها في شباط 2023، أي قبل نهايتها بـ3 سنوات، وذلك في تصريح أدلى الرئيس
الروسي فلاديمير بوتين، خلال خطابه السنوي عن حالة الأمة أمام الجمعية الوطنية الروسية.
قبل أن تقول وزارة الخارجية الروسية بعد ساعات من خطاب بوتين، إن قرار تعليق المشاركة في المعاهدة "يمكن التراجع عنه"، وفقاً لما ذكرته شبكة CNN الأمريكية.
وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان مطول نُشر على موقعها بالإنترنت: "إن قرار تعليق المشاركة في المعاهدة (يمكن التراجع عنه)، وإنه يجب على واشنطن إظهار الإرادة السياسية، وبذل جهود واعية من أجل وقف التصعيد بشكل عام وتهيئة الظروف لاستئناف المعاهدة، ولسير العمل الكامل بالمعاهدة، وبالتالي ضمان استمراريتها بشكل شامل".
ماذا يعني تعليق اتفاقية نيو ستارت النووية بين أمريكا وروسيا؟
لأكثر من 50 عاماً، كان لدى الولايات
المتحدة وروسيا- أكبر قوتين نوويتين في العالم- شكل من أشكال الاتفاقية التي حدَّت من قدرتهما على إنتاج أو نشر أسلحة نووية.
إعلان بوتين عن تعليق المشاركة في معاهدة ستارت الجديدة يمكن أن يُنهي تلك الحقبة، حيث يناقش بعض هؤلاء الخبراء ما إذا كان هذا يمكن أن يطلق عليه سباق تسلح آخر على غرار الحرب الباردة، والتوترات بين البلدين بسبب الحرب في أوكرانيا تزيد من هذه المخاوف.
قال جون وولفستال، الذي ساعد في التفاوض على معاهدة ستارت الجديدة في عام 2009 كعضو في مجلس الأمن القومي: "من الواضح أن بوتين يحاول ضخ نفوذ نووي في كل من أوكرانيا وعلاقته بالولايات المتحدة، وهذا يجب أن يقلق كثيراً من الناس".
هل يعني "التعليق" انسحاب
روسيا من المعاهدة؟
قالت روز جوتيمولر، المسؤولة السابقة في وزارة الخارجية الأمريكية والتي عملت كبيرة المفاوضين في نيو ستارت خلال إدارة أوباما: "إن قرار
روسيا تعليق المعاهدة مشكوك في شرعيته".
وأضافت وفقاً لما ذكرته شبكة NBC News الأمريكية، أن "المعاهدة لا تتضمن أي حق في القيام بذلك".
لكن هذا لا يعني بالضرورة أن الاتفاقية قد وصلت إلى نهايتها، على الرغم من عدم وجود آلية تنفيذ أو نص قانوني بموجب المعاهدة للتعليق، فإن اتفاقية فيينا تسمح للدول بتعليق هذه الأنواع من الاتفاقات في ظل ظروف استثنائية، من المحتمل أن تدَّعيها روسيا، لأن الولايات
المتحدة تساعد أوكرانيا بانتظام وتتواصل معها في الحرب المستمرة.
كما أن تعليق
روسيا للمعاهدة وعدم إجراء عمليات تفتيش في الموقع لم يضعاها بعد في انتهاك مادي للاتفاقية، طالما أنها تحدد رقم الرأس الحربي المنشور، وفقاً لما ذكره جون وولفستال.
تاريخ بوتين في "تعليق" اتفاقيات الأسلحة
ليست هذه هي المرة الأولى التي يعلق فيها بوتين اتفاقية أسلحة، إذ أشار العديد من المسؤولين السابقين وخبراء حظر الانتشار النووي إلى إعلان بوتين في عام 2007 أن الكرملين سيعلق معاهدة القوات المسلحة التقليدية في أوروبا، التي تم التوقيع عليها في العام الأخير من الحرب الباردة.
انسحب الروس في نهاية المطاف من تلك الاتفاقية في عام 2015، زاعمين أنَّ توسُّع الناتو في دول البلطيق وسلوفينيا قوَّض شروط الاتفاقية.
كما أن معاهدة القوات النووية متوسطة المدى، وهي اتفاقية تاريخية تم توقيعها خلال إدارة ريغان، قد انتهت أيضاً في عام 2019، عندما انسحب ترامب من الاتفاقية، مشيراً إلى عدم الامتثال
الروسي باعتباره السبب الرئيسي لإنهاء 30 عاماً من الالتزام.
أبرز المعاهدات النووية بين أمريكا وروسيا
فيما يلي، نلقي الضوء على أبرز الاتفاقات النووية حول العالم، والتي تشارك فيها كل من الولايات
المتحدة الأمريكية وروسيا.
معاهدة منع التجارب النووية 1963
معاهدة منع التجارب النووية، أو كما سميت أيضاً بـ"معاهدة الحظر الجزئي للتجارب النووية"، هي اتفاقية متعددة الأطراف أُبرمت في عام 1963 بمشاركة 71 دولة، بينها كل من أمريكا والاتحاد السوفييتي، ولا تزال سارية حتى يومنا هذا.
وتنصّ الاتفاقية على منع جميع التجارب النووية، باستثناء التجارب تحت الأرض، ومازالت تلك المعاهدة سارية حتى الآن.
كما تقضي الاتفاقية بتعهد كل
دولة موقعة، بعدم إجراء أي تفجير أو تجريب للأسلحة النووية، وحظر أي تجريب في مناطق سيطرتها.
كما تتعهد الدول بالامتناع عن التسبب في إجراء التفجيرات النووية أو تجارب الأسلحة النووية أو التشجيع عليه بأي طريقة كانت، سواءً في البر أو البحر أو حتى الفضاء الخارجي
معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية 1968
نصّت هذه المعاهدة التي وقعت عليها 191
دولة حول العالم، بينها أمريكا والاتحاد السوفييتي، على منع انتشار الأسلحة النووية وتكنولوجيا الأسلحة، لتعزيز التعاون حول الاستخدامات السلمية للطاقة النووية.
أما
الهدف البعيد للمعاهدة فهو نزع الأسلحة النووية من جميع الدول مستقبلاً.
استمر التفاوض على هذه الاتفاقية 3 أعوام، بين 1965 و1968، من قبل لجنة مؤلفة من 18 دولة، إضافة إلى الأمم المتحدة، في جنيف السويسرية، وقد دخلت حيز التنفيذ في العام 1970.
وفي العام 1995 اجتمع كافة الأعضاء واتفقوا على تمديدها إلى ما لا نهاية، بينما رفضت كل من إسرائيل والهند وباكستان التوقيع عليها، في حين انسحبت كوريا الشمالية منها في العام 2003.
معاهدة "سالت 1″ و"APM" عام 1972
تعتبر معاهدتا "سالت 1″ و"APM" أول معاهدتين نوويتين مباشرتين تُبرمان بين أمريكا والاتحاد السوفييتي فقط.
وتم خلالهما
الاتفاق على الحد من الأسلحة الاستراتيجية عن طريق تجميد عدد قاذفات الصواريخ الباليستية العابرة للقارات في
روسيا وأمريكا لمدة 5 سنوات في المعاهدة الأولى، ومنع إنشاء درع مضادة للصواريخ في الثانية والتي انسحب منها الأمريكان في عام 2001.
معاهدة الصواريخ المتوسطة وقصيرة المدى 1987
وقعت الولايات
المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي معاهدة الصواريخ المتوسطة وقصيرة المدى.
وتنصّ هذه الاتفاقية على منع دائم وإلغاء فئة كاملة من الصواريخ الباليستية النووية الأمريكية والسوفييتية، التي يراوح مداها بين 500 و5500 كلم.
وبقيت الاتفاقية مستمرة حتى عام 2019، عندما أعلن الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب الانسحاب النهائي منها.
معاهدة "ستارت 1" 1991
تم توقيع اتفاقية ستارت 1 الثنائية بين الاتحاد السوفييتي وأمريكا من أجل الحد من الأسلحة النووية الهجومية الاستراتيجية في كل من الدولتين، وقد تم توقيعها في
العاصمة الروسية موسكو.
كما نصّت هذه المعاهدة على خفض عدد الرؤوس النووية الأمريكية من 9986 إلى 8556، وعدد الرؤوس النووية السوفييتية من 10237 إلى 6449.
في العام 2009 انتهت المعاهدة من أجل استبدالها بمعاهدة ستارت-3.
معاهدة "ستارت 2" 1993
تم توقيع اتفاقية ستارت 2 بين الولايات
المتحدة وروسيا من أجل تخفيض أعداد الترسانتين النوويتين الاستراتيجيتين الأمريكية والروسية، بواقع الثلثين، لكنها لم تُطبق قط.
معاهدة "سورت" 2002
تم التوقيع على معاهدة سورت أو كما سميت بمعاهدة تخفيض الأسلحة الهجومية الاستراتيجية، في
العاصمة الروسية موسكو.
وقد اتفقت
روسيا وأمريكا خلالها على خفض عدد الرؤوس النووية للصواريخ الطويلة المدى قبل نهاية عام 2012، بمقدار الثلثين، أي بين 1700 و2200 رأس نووي.
وبعد تنفيذ
الاتفاق تم إبطالها من أجل توقيع معاهدة ستارت 3.