وقال بوريل، إنه "تم إخراج جزء مما قلته من سياقه، وإضفاء طابع معين عليه"، موضحا سبب استخدامه مصطلح "غابة" ومصرّا عليه.
وأضاف بوريل، في مدونة عبر موقع الاتحاد الأوروبي، أنه عارض طوال حياته "أي شكل من أشكال الازدراء أو العنصرية تجاه أي شخص"، مضيفا أنه يود "توضيح ما قصده لتجنب سوء الفهم".
وقال إن استعارات مثل الحديقة والغابة "ليست من اختراعه"، مضيفا: "البعض يكرهها جراء استخدمها من قبل
المحافظين الجدد في الولايات المتحدة، لكنني
بعيد عن مدرسة الفكر
السياسي هذه".
وأضاف: "في الواقع، كان هذا المفهوم حاضرا في النقاشات الأكاديمية والسياسية منذ عقود، لأنه يشير إلى سؤال بسيط نواجهه كل يوم: هل ينبغي أن يقوم النظام الدولي على مبادئ مقبولة من الجميع، بغض النظر عن قوة الجهات الفاعلة فيه، أو هل يجب أن يقوم على إرادة الأقوى، والتي تسمى عادة بـ(شريعة الغاب)؟".
إصرار على الوصف العنصري
وتابع: "للأسف، يبدو العالم الذي نعيش فيه اليوم أكثر فأكثر (كغابة) وبدرجة أقل مثل (حديقة)، لأنه في أجزاء كثيرة من العالم، يُطبق قانون الأقوى بينما تآكل المعايير الدولية المتفق عليها"، وقال إن "هذا الاتجاه مقلق للجميع، بما في ذلك الأوروبيين".
وذكر أن "مشروع التكامل الأوروبي جاء من رفض سياسات القوة، ولقد نجحنا باستبدال حسابات القوة بالإجراءات القانونية، لهذا السبب تحدثت عن (الحديقة الأوروبية) وبفضل اتحادنا نجحنا في تعزيز السلام والتعاون بين الأطراف المتحاربة سابقا، مع التزام مشترك بدعم القواعد والقوانين".
وقال: "لكن الآن عادت الحرب إلى أوروبا، وفي جميع أنحاء العالم نرى تحولا في الجغرافيا السياسية، نحن نواجه عالما من سياسات القوة مع تسليح الاعتماد المتبادل والمزيد من الأمثلة على البلدان التي تستخدم القوة والتخويف والابتزاز للوصول إلى طريقها".
"الغابة في كل مكان"
وذكر أن "نمو هذا العالم الخارج عن القانون والفوضى هو ما قصدته عندما أتحدث عن (الغابة)".
وقال إن "إشارتي إلى الغابة ليس لها دلالة عنصرية أو ثقافية أو جغرافية، في الواقع وللأسف، فإن الغابة موجودة في كل مكان، بما في ذلك اليوم في أوكرانيا".
وأضاف: "لقد أساء
البعض تفسير الاستعارة على أنها مركزية أوروبية استعمارية".
اعتذار خجول
وقال: "أنا آسف إذا شعر
البعض بالإهانة، أعتقد وقلت، على سبيل المثال لسفراء الاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي، أننا غالبا ما نركز على أوروبا، ونحتاج إلى أن نكون متواضعين، وأن نتعرف بشكل أفضل على بقية العالم بما في ذلك الجنوب".
وتابع: "لدي أيضًا خبرة كافية لأعرف أنه لا أوروبا ولا الغرب مثاليان، وأن بعض دول الغرب انتهكت أحيانا الشرعية الدولية".
وقال: "لقد عارضت طوال حياتي أي شكل من أشكال الازدراء أو العنصرية تجاه أي شخص".
وكان المسؤول الأوروبي، قال إن "أوروبا حديقة، لقد بنينا حديقة، أفضل مزيج من الحرية السياسية والرخاء الاقتصادي والترابط الاجتماعي استطاعت البشرية أن تبنيه، لكن بقية العالم ليس حديقة تماما، بقية العالم.. أغلب بقية العالم هو أدغال".
وأضاف أن "الأدغال يمكن أن تغزو الحديقة، وعلى البستانيين أن يتولوا أمرها، لكنهم لن يحموا الحديقة ببناء الأسوار، حديقة صغيرة جميلة محاطة بأسوار عالية لمنع الأدغال لن تكون حلا، لأن الأدغال لديها قدرة هائلة على النمو، والأسوار مهما كانت عالية لن تتمكن من حماية الحديقة، على البستانيين أن يذهبوا للأدغال، على الأوروبيين أن يكونوا أكثر انخراطا مع بقية العالم، وإلا فإن بقية العالم سوف تغزو أوروبا".
وأثارت هذه التصريحات غضبا دوليا، في حين وصفتها دول بـ"العنصرية".
واستدعت الخارجية الإماراتية القائم بأعمال رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي مطالبة بتفسير مكتوب لتصريحات بوريل، خلال افتتاح الأكاديمية الدبلوماسية الأوروبية الجديدة في بلجيكا، لكنها لم تذكر التصريحات المقصودة بالتحديد
في حين ردت المتحدثة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، على بوريل بالقول، إن "أوروبا أنشأت تلك "الحديقة" من خلال النهب البربري لـ"الغابة" التي استعمرتها.
كذلك وصفت قطر التصريحات بالعنصرية، والتي تعبر عن إفلاس حضاري وقيمي.
وسبق أن قال المتحدث الرسمي باسم الاتحاد الأوروبي لمنطقتي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لويس ميغيل بوينو، إن "بوريل، أدلى بهذه التصريحات في سياق العدوان العسكري الروسي على أوكرانيا".
وتابع بوينو: "أشار بوريل في حديثه إلى المواجهة بين النموذج الأوروبي الذي يستند إلى احترام القانون والحكم الرشيد، والنموذج الآخر الذي يعزز القوة بعيدا عن القوانين والمبادئ الأساسية التي اتفق عليها الجميع بعد الحرب العالمية الثانية".
وحول حديث بوريل عن ضرورة ذهاب "البستانيين" إلى الأدغال قال بوينو: "عندما يتحدث الممثل
الأعلى عن ضرورة "الذهاب" إلى بقية العالم فالمقصود هنا أنه علينا أن نتواصل ونتحاور مع الآخرين لشرح هذه الأفكار ولماذا نهتم بهذا المشروع الأوروبي".
يشار إلى أن بوريل يعرف عنه بأنه "ذو هفوات عرضية متعددة" بحسب تعبير وكالة "فرانس برس"، حيث قدم العام الماضي على سبيل المثال، أرقاما غير دقيقة وخاطئة للعدد المقدر للحشد العسكري الروسي في محيط أوكرانيا.
كما أنه أثار هذا العام صدمة، حينما قال إن الاتحاد الأوروبي يمكنه أن يقدم طائرات مقاتلة لمساعدة كييف على محاربة موسكو، وهو ما لم يتحقق.