وقال مدير الطوارئ لدى المنظمة مايكل راين؛ إن ضعف
خدمات الصحة العامة وسوء
إدارة المدن يفاقمان الأمراض المعدية. وفي معرض حديثه عن انتشار جدري القردة في مناطق لا يعد متفشيا فيها، قال؛ إن انتشار الفيروس "مرتبط مباشرة بعدم قدرتنا أو رغبتنا في
إدارة هذه المخاطر بشكل مبكر من دورة توليد الوباء".
في حين ذكرت المفوضية الأوروبية أن الاتحاد الأوروبي يستعد لعمليات شراء جماعية للقاحات وغيرها من العلاجات لمرض جدري القرود، مؤكدة أنه سيتم الانتهاء من وضع التفاصيل في "الأيام القادمة".
وقال المتحدث باسم المفوضية الأوروبية في مجال
الصحة ستيفان دي كيرسمايكر؛ إن
الهيئة الأوروبية للاستجابة للطوارئ
الصحية "تعمل مع
الدول الأعضاء والشركات المصنعة لشراء اللقاحات والعلاجات لجدري القردة".
وأضاف أنه "سيتم تحديد الإجراءات الدقيقة مع
الدول الأعضاء خلال الأيام القليلة القادمة".
وكانت إسبانيا قد أبدت نيّتها الحصول على لقاحي "إمفانكس" و"تيكوفيريمات" المضادين للفيروسات، من خلال عملية شراء جماعية للاتحاد الأوروبي.
و"إمفانكس" الذي ينتجه مختبر "بافاريان نورديك"، هو لقاح من الجيل الثالث (لقاح حيّ غير متكرر، أي أنه لا يتكاثر في جسم الإنسان)، حاصل على رخصة الاستعمال في أوروبا منذ عام 2013، ومضاد للجدري عند البالغين.
توزّع الإصابات
وبلغ عدد الإصابات المؤكدة بفيروس جدري القردة في أنحاء العالم 219 حالة الأربعاء خارج البلدان التي يتوطن فيها المرض، وفق تقرير صادر عن المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض ومكافحتها.
وقالت الوكالة الأوروبية التي تتخذ من ستوكهولم مقرا لها؛ إن جل الإصابات بين المثليين جنسيا، متابعة "معظم الحالات لدى شبان يعرّفون أنفسهم بأنهم رجال يمارسون الجنس مع رجال. ولم تحدث وفيات".
وتتركز معظم الإصابات في قارة أوروبا التي سجلت 191 حالة، بينها 118 حالة في دول الاتحاد الأوروبي.
وسجّل معظم الإصابات في ثلاث دول أوروبية، هي بريطانيا حيث رصدت أولى حالات الإصابة غير المعتادة في مطلع أيار/مايو (71 حالة)، وإسبانيا (51)، والبرتغال (37)، وفق المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض ومكافحتها.
فيما سجلت حالات لدى إسرائيل وسنغافورة.
معلومات قد لا تعرفها
تناولت شبكة "ناشيونال جيوغرافيك" أزمة "جدري القرود" في تقرير جديد لها، موردة بعض المعلومات التي قد لا يعرفها الكثير.
ونقلت الشبكة عن عالمة الأوبئة أندريا ماكولوم وزملائها في المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية، قولهم؛ إن "جدري القرود" مثير للقلق بشكل كبير.
وتابعوا أن هذا المرض يتسبب في ظهور أعراض تشبه أعراض الإنفلونزا، يتبعها طفح جلدي على الوجه يمكن أن ينتشر إلى أجزاء أخرى من الجسم، قبل أن يتحول هذا الطفح الجلدي من بقع حمراء إلى بثور (بقع) مملوءة بالصديد تتقشر وتتساقط في النهاية.
غالبا ما تختفي هذه الأعراض من تلقاء نفسها في غضون أسابيع قليلة، لكنها تكون قاتلة في حوالي ثلاثة بالمئة من الحالات.
ولفتت إلى أن سلالة "جدري القرود" المنتشرة في الكونغو الديمقراطية، تقتل نحو 10 بالمئة من المصابين فيها.
في حين قالت أخصائية وبائيات الأمراض المعدية في منظمة
الصحة العالمية ماريا فان كيركوف؛ إن جدري القرود لا ينتقل عبر التلامس كما في "كورونا".
وتابعت كيركوف: "هذا وضع قابل للاحتواء، وهناك مضادات فيروسات محتملة للمصابين"، مشيرة إلى أن اللقاحات المقترحة لا يحتاجها الجميع.
وبحسب دراسات رصدتها "ناشيونال جيوغرافيك"، فإن هذا الوباء قد ينتشر عن طريق سوائل الجسم (اللعاب)، ويمكن أيضا أن يكون عالقا في الملابس.
وأوضحت أن العلماء لا يزالون في طور دراسة التسلسل الجيني للفيروس، ومعرفة مزيد من المعلومات عنه.
ومن بين المعلومات اللافتة التي قدمها ناشيونال جيوغرافيك، أنه في عام 2019 وافقت
إدارة الغذاء والدواء الأمريكية على لقاح جدري القرود البافاري الإسكندنافي المسمى Jynneos، الذي يمكن أن يمنع المرض أو يجعله أقل حدة، وذلك قبل نحو 3 أعوام من بدء انتشاره في الولايات المتحدة ودول أوروبية.
وأشارت إلى أنه مع ذلك لم تتم الموافقة على أي أدوية لعلاج جدرى القرود. وتمت الموافقة على عقار مضاد للفيروسات عن طريق الفم يسمى Tecovirimat من قبل
إدارة الغذاء والدواء الأمريكية في عام 2018 لعلاج الجدري، ولكن لا توجد بيانات تظهر أنه فعال في البشر لأي من هذه العدوى.
بالنسبة لمرض جدري القرود الحاد، يمكن استخدام علاجين آخرين، هما: سيدوفوفير مضاد للفيروسات، وجسم مضاد وحيد النسيلة يسمى غلوبولين اللقاح المناعي.
ماذا يختلف عن SARS-CoV-2؟
على عكس SARS-CoV-2، فإن فيروس جدري القرود هو فيروس DNA (أو فيروس الحمض النووي الريبوزي)، إذ يتم ترميز جينومه بحوالي 200000 وحدة وراثية، بينما جينوم SARS-CoV-2 أصغر بكثير حوالي 30000 وحدة.
رئيس أمانة الجدري بمنظمة
الصحة العالمية روزاموند لويس، قال في جلسة أسئلة وأجوبة عامة عبر الإنترنت؛ إن فيروسات الحمض النووي هذه تميل إلى عدم التحور، وتميل إلى أن تكون مستقرة إلى حد ما وأقل احتمالا لتوليد متغيرات.
ومن الفروقات أن SARS-CoV-2 ينتشر بسرعة عبر الهواء في قطرات صغيرة عندما يتحدث المصابون أو يعطسون أو يسعلون، في حين لا ينتشر جدري القرود بسهولة عن طريق الهواء، وغالبا ما يتطلب اتصالا جسديا وثيقا مع شخص مصاب أو ملابسه أو فراشه الملوث.
البداية من الدنمارك
بخلاف المعلومات المتداولة أن منشأ "جدري القرود" هو بعض دول أفريقيا، فإن تقارير أكدت أن الفيروس تم اكتشافه لأول مرة عام 1958 في الدنمارك، عندما لاحظ الباحثون ثوران جلدي يشبه الجدري على قرود cynomolgus التي جاءت من سنغافورة، وتم إيواؤها في منشأة أبحاث على الحيوانات، ومن هنا جاء اسم جدري القرود.
في العقد التالي، أي في ستينيات القرن الماضي، تم الإبلاغ عن المزيد من الحالات في الولايات المتحدة في القرود الأسيرة المستوردة من آسيا.
تم توثيق أول إصابة بشري لجدري القرود في عام 1970 في مقاطعة إكواتور في الكونغو في طفل يبلغ من العمر تسعة أشهر، كان يعتقد في البداية أنه مصاب بالجدري، وهو مرض كان على وشك القضاء عليه ويشبه جدري القرود
بحلول عام 1985، سجلت منظمة
الصحة العالمية 310 حالات إصابة بمرض جدري القردة في المناطق الريفية في غرب ووسط إفريقيا، ومعظمها في الكونغو.